النخب "الإسلامية" المُزيفة

  • 187

لا أستطيع أن أدعي أنني مُندهش من درجة السطحية في تناول المسائل الشرعية التي تبدو في كتابات بعض من يلقبون أنفسهم بأنهم كتاب ومُثقفون إسلاميون !!

إذ أن هؤلاء يُمثلون فرزاً طبيعياً لأبناء ما بات يُسَمَّى بالتيار الإسلامي الذي عانى -خلال العقود الثلاثة الماضية- من التضخم الكمي الرهيب في المُنتمين والمُتعاطفين مع الدعوة الإسلامية عموماً والتيار السلفي خصوصاً، هذا التضخم الكمي -مع قلة المُعتنين بالتربية والعلم الشرعي الأكاديمي بشكل منهجي- أدى إلى خلل كبير في التصور والسلوك لدى المُنتمين والمُتعاطفين مع العمل الإسلامي، ومن ثَمَّ كان القصور والسطحية الشديدان هما سمة عملية الفرز التي على أساسها تصور بعض مُرتادي الفضائيات وكُتَّاب الفيسبوك أنفسهم نُخباً -حقاً- أو علماء يحق لهم الفُتيا في النوازل مع أنهم لا يمتلكون أبسط الأدوات التي تؤهلهم لذلك..

تصحيح تلك الأوضاع المُعوَجَّة يبدأ من الاهتمام بالعلم وبناء ملكات التفكير والنقد المنهجي بشرط أن يتوازى مع ذلك تربية نفسية وسلوكية عميقة تُخرج لنا شخصيات سوية تحفظ التوازن الواجب إزاء تلك الشخصيات والنفسيات المُشوَّهة التي لم تقنع بالتشوه الحاصل حتى مارست عملية تشويه فظيع للأجيال الناشئة نتج عنه ما نراه بأعيننا في واقعنا وعلى صفحات مواقع التواصل من احتكار للحقيقة والصواب وانحطاط خلقي وخواء إيماني وصراعات مُقَنَّعة على الشهرة والنجومية والكراسي النخبوية !!!!!!

هذا الاهتمام بالعلم والتربية سيقضي على حالة الجهل الشائعة بين صفوف الشباب المتدين ، وسيساعده على مقاومة تزوير التاريخ وتزييف الواقع ، وتجاوز نخبه المُزيفة، ومن ثَمَّ الالتفاف حول أهل العلم الذين لهم الباع والخبرة ممن يُعرِب عنهم عملهم وسلوكهم إضافة إلى جهادهم وبذلهم وثباتهم ، لا أولئك المُزورين المتزينين بما لم يُعطَوْا ، وأنا واثق أن هذا الجيل المتدين الذي يتبنى ويتمنى ضبط الحياة العامة بضوابط الإسلام والشريعة سيتجاوز أزمته -بإذن الله- ، وسيخرج من تلك المحنة وقد صار أكثر وعياً بما يكفل له استقرار قدمه على الطريق لا تزل ولا تضل -بإذن الله- .