الكادر الدعوي تأثر كثيراً

  • 179

منذ قيام ثورة يناير وحتى الآن، ونخشى أن نصل لمرحلة لا سياسة قطعنا، ولا دعوة أبقينا، ما لم نهتم، ونوزع الأدوار، ونركز في صناعة الكادر الدعوي، فالكادر الدعوي لا يولد بل يصنع صنعاً، وصناعته أشد، وأشق من صناعة الآلات.

عدم التوازن عند الكادر الدعوي أصبح أمر واضح، ومقلق جداً، فالكل الآن يتحدث عن حجم التحديات، والعقبات، التي تلوح في الأفق، الكل أصبح يوقن أن العبور إلى الاستقرار أمر بعيد المنال؛ إلا أن يشاء الله أمراً أخر.

حتى نكون على بصيرة من أمرنا، فلن نستطيع أن نعبر إلى المستقبل، ونصنع فيه شيئاً إلا بالكادر المتوازن بعد التوفيق من الله، والناس في هذا المضمار كما قال صلى الله عليه وسلم: (الناس كإبل مائة، لا تكاد تجد فيها راحلة).

نريد الكادر الراحلة، الكادر المتوازن؛ علمياً، وأخلاقياً، وسلوكياً، وحركياً، ودعوياً مع إعداده إيمانياً، وفكرياً.

وما أجمل كلام عبد الكريم زيدان في أصول الدعوة، عندما قال: (وعدة الداعية فهم دقيق، وإيمان عميق، واتصال وثيق)

حتى تستشعر خطورة الأمر، وتتأكد أن هناك خلل زاد عن الحد مع عدم يقظة لذلك عند كثير من شبابنا، دعني أسألك:

ما هو وضعك التعبدي، والعلمي والدعوي؟!

ما أخبار وردك اليومي، وعباداتك الشخصية؟!

ما أخبار إطلاعك اليومي، وقراءتك، وأي كتاب تقرأ الآن؟!

أظن أن الإجابة مقلقة، وتجعلنا نفكر كثيراً.

السؤال كيف نواصل السير بدون توازن؟!

فالتوازن هو وقود الحركة للمستقبل، والموفق من وفقه الله، والكادر الدعوي والاهتمام به هو البعد الاستراتيجي للدعوة، وللعمل الإسلامي في المستقبل.

انظر رغم صعوبة الأوضاع، وتأزم الموقف في مكة، أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم مجموعة للحبشة بعيداً عن ضغط الواقع؛ لأن المستقبل يحتاج الكثير – ليس كل من ذهب للحبشة فقير ومستضعف، بل كان منهم من له منعة، وقوة، ومال، كجعفر وعثمان –

السؤال المحرج الآن، ما دورك؟! هل أنت المتحدث الرسمي للحزب؟! هل أنت رئيس الحزب؟! للأسف البعض تحول لهذا الدور، وترك دوره الحقيقي الموكل إليه، وأصبحنا نرى متحدث لم يكلفه أحد، ومسئوليات مهملة، وأدوار شاغرة لا يقوم بها أحد.

فقد أصبح شغلنا الشاغل العمل السياسي، والكلام فيه، ومتابعة التحليلات السياسية، ولا أقصد قطعاً عدم المتابعة؛ بل أقصد التوازن، فإذا رأيت خللاً في المشهد السياسي عليك أن تقدم النصح والتوجيه، ثم تعود لدورك الأساسي.

توازن إن كنت تحب الدعوة.

توازن إن كنت تريد التمكين.

توازن إن كنت تريد الاستمرار.

فالمعركة طويلة، وقد نحتاج لك يوماً، فهل إذا جاء دورك نجدك تلبي؟ أم تتنصل وتهرب من التكليف؟!

ولربما يسأل شاب، ماذا أصنع؟! أقول له: البداية من عندك.

نأسف على الإزعاج، لكنها الحقيقة، وما حملني على ذلك إلا حبي للشباب وحرصي على دعوتي.

اللهم ألف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، وأخرجنا من الظلمات إلى النور.