تذكير الإخوان المعاصرين بمواقف وأقوال لقادتهم السابقين (1/4)

  • 145

الأستاذ حسن البنا ينصح (تحالف الشرعية) 

في ظل استمرار تحالف الشرعية في فعالياته ومظاهراته دون تحقيق أدنى مكاسب -كما يرى كثير من المحللين- بل مزيد من القتلى والمعتقلين والمعتقلات، وفي ظل الدعوة إلى حرق سيارات الشرطة، وفي ظل حالة الانحدار الأخلاقي التي جسّدها الهاشتاج المسيء (انتخبوا الـ ...  ) والذي قد يرى البعض أنه يسيء إلى الإخوان المسلمين وإلى تحالف الشرعية أكثر من إساءته إلى خصومهم، بل قد ينقص من أسهم التحالف وفي نفس الوقت يرفع من أسهم خصومهم، وفي ظل اتهماتهم الباطلة بالنفاق والعمالة و....  لمن يخالفهم في الرأي من الدعاة، في ظل كل ذلك نذكّر الإخوان والمتحالفين معهم بهذه الأقوال والمواقف التي ذكرها كبارهم في كتبهم، تذكرةً وعبرةً لأولي الألباب، وأدءً لواجب النصيحة الذي يمليه على جميع المسلمين دينُ الإسلام.
 
وإن كان الأصل هو اتباع الدليل من الكتاب والسنة الصحيحة لا الأشخاص، كما ذكر الأستاذ البنا -رحمه الله- حيث قال: « كل أحدٍ يؤخذ من كلامه ويترك إلا المعصوم - صلى الله عليه وآله وسلم -، وكل ما جاء عن السلف - رضوان الله عليهم - موافقًا للكتاب والسنة قَبلْناه وإلا فكتاب الله - عز وجل - وسنة رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - أولى بالاتباع» (مجموعة رسائل البنا، ط دار الشهاب، ص296).

وقال أيضًا -رحمه الله-: « وإذا صح الحديث فقد وجب العمل به وإن لم يخرّجْه الشيخان، ولا يُتْرك العمل به لرأي، ولا تقليد إمام، ولا لِتَوَهُّم إجماع » (مباحث في علوم الحديث للأستاذ حسن البنا، ص57 - 58).
 
وها هنا تنبيه:

 وهو أن هذه الأقوال والمواقف لأناس هم رموز لدعوة الإخوان المسلمين، وبالتالي تلزم أتباعهم، أو على الأقل توجب على أتباعهم عدم الإنكار ولا إلقاء اللوم على من يتصرفون مثل تصرف قادتهم من باب السياسة الشرعية في المواقف المشابهة، ومن باب أولَى عدم الاتهام بالعمالة والطعن في دينهم بسبب تلك المواقف المشابهة.
 
وتنبيه آخر:

وهو أن هذه الأقوال والمواقف قد يكون لنا بعض التعقبات الشرعية على بعضِ ما فيها فلا يُلزِمُنا بها أحد.

وتنبيه آخير:

وهو أن هؤلا -رحمهم الله- قد توفاهم الله -عز وجل- قبل إنشاء حزب النور حتى لا يتقول متقوّل أو يزعم زاعم أن هؤلاء قد تركوا جماعتهم وانضموا إلى الدعوة السلفية وحزب النور!!!!!

أولًا- الأستاذ حسن البنا مؤسس الجماعة:

1- حرص على مصلحة البلد:

تحت عنوان: (حرص الإخوان على مصلحة البلد):ذكر الأستاذ محمد عبد الحليم حامد هذا الموقف في كتابه (مائة موقف من حياة المرشدين لجماعة الإخوان المسلمين)،  الموقف رقم 17:
" حين صدر قرار بحل جماعة الإخوان المسلمين في الثامن من ديسمبر عاد 1948 م في عهد النقراشي وكان ما كان من محنة وبلاء واعتقال وإيذاء . حينئذ ذهب بعض الشباب إلى الإمام الشهيد ليستأذنوه في المقاومة حسب الطاقة . فنهاهم بشدة عن هذا الأمر، وأوضح لهم عاقبته الوخيمة وذكرهم الإمام الشهيد بالقصة المشهورة عن نبي الله سليمان حين اختمصت امرأتان على طفل وليد ... وادعت كلتاهما بنوته ... فحكم بشطره نصفين بينهما، وبينما وافقت المرأة التي لم تلد على قسمته، عز ذلك على الأم الحقيقية، وآلمها قتل فلذة كبدها، فتنازلت عن نصيبها فيه لقاء أن يظل الطفل متمتعاً بحياته ..

ثم قال لهم الإمام الشهيد:

إننا نمثل نفس الدور مع هؤلاء الحكام . ونحن أحرص منهم على مستقبل هذا الوطن وحرمته . فتحملوا المنحة ومصائبها، وأسلموا أكتافكم للسعديين ليقتلوا ويشردوا كيف شاؤوا، حرصاً على مستقبل وطنكم،وإبقاءً على وحدته واستقلاله .

2- الحفاظ على كيان الدولة مراعاةً للمصالح والمفاسد:

قال الأستاذ حسن البنا – رحمه الله -:

" كما يعتقد الإخوان أن هناك فارقاً بين حرية الرأي والتفكير والإبانة والإفصاح والشورى والنصيحة، وهو يوجبه الإسلام، وبين التعصب للرأي والخروج على الجماعة والعمل الدائب على توسيع هوة الانقسام في الأمة وزعزعة سلطان الحكام، وهو ما تستلزمه الحزبية ويأباه الإسلام ويحرمه أشد التحريم، والإسلام في كل تشريعاته إنما يدعو إلى الوحدة والتعاون . (مجموعة رسائل البنا،، ص 180)

(تعليق):

هذا ما قاله الأستاذ حسن البنا – رحمه الله - أيام حكم الملك فاروق، والملك فاروق لم يكن يحكم بالشريعة، والحكومات كانت موجودة في ظل الاستعمار الإنجليزي وقامت بحل الجماعة وتعرض الإخوان للاعتقال والإيذاء والبلاء، ومع ذلك - مراعاةً للمصالح والمفاسد – نجد من الأستاذ حسن البنا – رحمه الله الحرص على مستقبل هذا الوطن وحرمته، والدعوة إلى تحمل المنحة ومصائبها، حرصاً على مستقبل الوطن، وإبقاءً على وحدته واستقلاله،  وينكر الأستاذ البنا على من يتسبب في توسيع هوة الانقسام في الأمة وزعزعة سلطان الحكام، ويبين أن ذلك يأباه الإسلام ويحرمه أشد التحريم، فما بالك بمن يدعو إلى إسقاط الدولة بالكلية.

3- استخدام القوة ومراعاة المصالح والمفاسد:

قال الأستاذ حسن البنا  رحمه الله:

" أول درجة من درجات القوة قوة العقيدة والإيمان , ثم يلي ذلك قوة الوحدة والارتباط , ثم بعدهما قوة الساعد والسلاح , ولا يصح أن توصف جماعة بالقوة حتى تتوفر لها هذه المعاني جميعا , وأنها إذا استخدمت قوة الساعد والسلاح وهي مفككة الأوصال مضطربة النظام أو ضعيفة العقيدة خامدة الإيمان فسيكون مصيرها الفناء والهلاك .

هذه نظرة. ونظرة أخرى: هل أوصى الإسلام ـ والقوة شعاره ـ باستخدام القوة في كل الظروف والأحوال؟ أم حدد لذلك حدودا واشترط شروطا ووجه القوة توجيها محدودا؟

ونظرة ثالثة: هل تكون القوة أول علاج أم أن آخر الدواء الكي؟ وهل من الواجب أن يوازن الإنسان بين نتائج استخدام القوة النافعة ونتائجها الضارة وما يحيط بهذا الاستخدام من ظروف؟ أم من واجبه أن يستخدم القوة وليكن بعد ذلك ما يكون؟ ". (مجموعة رسائل البنا، ص 169-170).