سورة القصص وعقبات على طريق التمكين (1-9)

  • 265

قدر الله بعلمه وحكمته الصراع بين الحق والباطل، والكفر وا?يمان في هذه الحياة الدنيا، ولو?ه لفسدت ا?رض {ولو? دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت ا?رض ولكن الله ذو فضل على العالمين}.

فهو من فضل الله وجمال منه لتظهر آثار أسمائه الحسنى وصفاته العلى في كسر الجبارين المستكبرين العتاة المجرمين، والمن على المستضعفين ونفاذ إرادته ومشيئته رغم الكيد والمكر، ونصر عباده في الدنيا قبل ا?خرة.

وقد جعل الله التمكين لعباده المؤمنين مشروطا بشروط تحقيق العبودية له في أنفسهم وفي نفوس من حولهم؛ وذلك يتطلب علما وعملا ..وبصيرة ويقينا، وصبرا ..كما تترتب ا?دالة على الكفرة من خلال استكبارهم وعتوهم وفسقهم

"وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون".

" واستكبر هو وجنوده في ا?رض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا ? يرجعون فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار".

فهو الخافض لدركات هؤ?ء الرافع لدرجات هؤ?ء..المعز المذل ..المعطي المانع..الضار النافع..القابض الباسط..

و? تجد سننه الكونية والشرعية واضحة جلية لكل متأمل وقارئ لتاريخ ا?مم والشعوب في مثل كتابه المهيمن على جميع الكتب السابقة، الذي ? يزال محفوظا من أيادي التبديل والتغيير والتحريف، وهو القرآن الكريم ..كلمة الله الباقية وا?خيرة للبشرية التائهة في دروب الحياة..

وقد جاءت سورة القصص لتجيب على كل أسئلة الطائفة المؤمنة التي تبدأ كبذرة ثم تكبر وتنمو وتنضج حتى تشق الصخر، وتقاوم أمواج الباطل والظلم والطغيان في كل زمان ومكان، فالمؤمنون حلقات للصراع في كل زمن يتوارثون نفس القيم من أنبيائهم ويجاهدون على درب جهادهم ونضالهم..

بدأت سورة القصص برسم صورة للاستبداد البشري والطغيان المتبختر في أبهى صوره وأقبحها ..حين ينسى ا?نسان نفسه فيطغى ?نه رآه استغنى .. فتجتمع إرادتا العلو والفساد فتضيع ا?خرة ومن قبلها الدنيا .."تلك الدار ا?خرة نجعلها للذين ? يريدون علوا في ا?رض و? فسادا والعاقبة للمتقين"، وكيف أن هذه ا?رادة في الفجور والعلو "بل يريد ا?نسان ليفجر أمامه يسئل أيان يوم القيامة".

? تقابل إ? بإرادة الله النافذة..

"طسم تلك آيات الكتاب المبين نتلو عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون إن فرعون علا في ا?رض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم إنه كان من المفسدين (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في ا?رض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين)".

? تقف أمام إرادات العلو والفساد إ? إرادة الله النافذة في ا?مم والشعوب؛ فا?مر من السماء ? من ا?رض..

وقد نسجت السورة المحكمة الخطة المرسومة في السماء للنصر والتمكين والتي مهما ادعى البشر تدخلهم بعلو أو فساد حتى في الطائفة المؤمنة ذاتها ..تعطلت بقدر الله وتأخرت ابتلاء وتربية لهم..

وهذه السلسلة بعنوان عقبات في طريق التمكين رسمتها سورة القصص ورسمت لها الحل، نقف معها سويا في المقا?ت القادمة نرتشف من القرآن البصائر والصبر لنملأ الدنيا نورا وخيرا بآي ذلك الكتاب العظيم..