إقليم الأحواز العربي (1)

  • 205

 إقليم الأحواز يمثل الضفة الشرقية لشط العرب بما في ذلك جزيرة عبادان. يحده من الشمال جبال لرستان، ومن الجنوب الخليج العربي، ومن الغرب الجمهورية العراقية، ومن الشرق جبال كردستان. وغالبية سكانه عرب يعتنقون المذهب السني، وقد قامت إيران بضمه لأراضيها، وسعت منذ عهد رضا شاه بهلوي إلى إجبار أهله على الاصطباغ بالصبغة الفارسية، ثم سعت إلى فرض المذهب الشيعي الاثني عشري عليهم بعد ثورة الخميني وقيام جمهورية إيران الإسلامية. وللأسف لا يجد هؤلاء العرب السنيون أي مساندة أو تعاطف من إخوانهم في الدين والعروبة رغم سعيهم للتخلص من السيطرة الإيرانية الشيعية.

·    عربية الإقليم:

يقول ياقوت الحموي في معجم البلدان: (الأهواز آخره زاي، وهو جمع هوز، وأصله حوز، فلما كثر استعمال العرب لهذه اللفظة غيرتها حتى لأذهبت أصلها جملة، لأنه ليس في كلام الفرس حاء مهملة، وإذا تكلموا بكلمة فيها حاء قلبوها هاء، فقالوا في حسن هسن، وفي محمد مهمد، ثم تلقفها منهم العرب بحكم الكثرة في الاستعمال، وعلى هذا يكون الأحواز اسما عربيا سمي به في أيام الإسلام).

فالأصل إذا في هذا في اسم الإقليم هو (الأحواز)، وهو اسمه العربي، أما تسميته في الوقت الحاضر ب (إقليم عربستان) فهي من تسمية الفرس له، وتعني (بلاد العرب) أو (إقليم العرب). والعرب اليوم يستعملون كلمة الأهواز في تسمية الإقليم لأن النطق بالأهواز أخف على اللسان من الأحواز، وهو الاسم الذي يتردد اليوم على لألسنة أغلب عرب الإقليم ومناطق العراق.

ولهذه الأرض اسم قديم هو (خوز ستان)، وعندما نزحت إليها القبائل العربية قبل الإسلام أطلقوا عليها (الأخواز)، ثم صار الأحواز. قال صاحب كتاب العين :(الأحواز سبع كور بين البصرة وفارس، ولكل كورة منها اسم، ويجمعهن الأحواز، ولا يفرد الواحد منهن بحوز). وأصل الحوز عند العرب مصدر (حاز) الرجل الشيء يحوزه حوزا، إذا حصله وملكه.

ولعل من الأنسب العودة إلى تسمية الإقليم باسمه (الأحواز) تمسكا بعروبيته في مواجهة الأطماع الإيرانية فيه وفي كل المنطقة. وليتنبه العرب عند النطق بهذا الاسم المنسي للحقيقة التي فقدت، وللأرض التي ضاعت، فيقدمون يد المساعدة لإخوانهم الثائرين على الأوضاع الجائرة التي يتعرضون لها.

ويقع إقليم الأحواز في الجنوب الشرقي من الجمهورية العراقية، ويمثل طرف الهلال الخصيب الذي يبدأ عند السهول الفلسطينية وينتهي عندها مارا بلبنان وسوريا والعراق. والأقاليم يقع في جنوب وجنوب غرب إيران، تفصله عنها سلاسل من الجبال، تعد فاصلا بين فارس والأحواز.

ويؤكد على عروبة الإقليم وساعد عليه:

1-عدم وجود فواصل طبيعية بين الإقليم والوطن العربي، فأرضه متصلة بالوطن العربي، بينما يفصله عن إيران سلاسل الجبال في الشمال والشمال الشرقي.

2-تقارب وتشابه المناخ والنباتات، ويعد نخيل الأحواز امتدادا لنخيل العراق.

3-اللغة السائدة هي اللغة العربية.

4-عربية تاريخها، منذ أيام العيلامين والسومريين والكلدانيين، وقد وقعت تحت سلطان الفرس على يد كورش، ثم خضعت للعرب الذين امتد سلطانهم إلى إيران. وكان خراجها مع سواد العراق وحلب الشام خراجا واحدا، في وحدة جغرافية واحدة، يعتنق غالبيتها المذهب السني السائد بين العرب.

5-اشتراكها مع العرب في المنطقة في العادات والتقاليد والأهداف والمصالح المشتركة .... إلخ.

تبلغ مساحة الأحواز حوالي 159 ألف كم 2. وتعداد السكان حسب إحصاء 1962م 5و3 مليون عربي، وقرابة 100 ألف إيراني، جاء أغلبهم بعد استيلاء إيران عليه أيام رضا بهلوي، للسيطرة على الإقليم، لذا فهم يسيطرون على الوظائف الحكومية والنشاط الاقتصادي في الإقليم.

** أهم مدن إقليم الأحواز:

نظرا لقدم هذا الإقليم التاريخي فإن هناك المدن القديمة العديدة، منها ما اندثر ومنها ما بقي، كما أن هناك المدن الجديدة. ومن أشهر مدن الإقليم:

·    الأهواز:

وهي مركز الإقليم، ونسبة العرب فيها 70% من السكان. أطلق العرب القدماء عليها قديما سوق الأحواز لتمييزها عن اسم الإقليم ككل. نسب إليها كثير من العلماء والأدباء، منهم عبد الله بن أحمد بن موسى بن زياد أبي محمد الجواليقي الأحوازي المعروف (بعبدان)، وهو أحد الحفاظ المجودين، ولد سنة 210 هجريا، وتوفي سنة 306 هجريا. ومنهم الحسن بن هانيء، الشهير بأبي نؤاس، وابن السكيت، وابو الغناء صاحب النوادر والأدب.

 تمتاز بالنخيل والحنطة والشعير والأرز وقصب السكر.

*عبادان:

وهي ميناء لتصدير النفط، وفيها أشهر مصفاة للنفط في الشرق، ونسبة العرب فيها أقل من 40%، لوجود الموظفين والعمال الإيرانيين بها المشتغلين في شركة النفط. وعبادان من المدن القديمة، قيل نسبة إلى عباد بن الحصين أول من رابط بها، وقيل نسبة لقوم انقطعوا فيها للعبادة. ومفرد عباد: عابد، والعباد: الرجل الكثير العبادة، وأهل البصرة ونواحيها يلحقون الألف والنون إذا سموا موقعا أو نسبوه إلى رجل أو صفة، فينسبون إلى زياد (زيادان)، وإلى بلال (بلالان). قال ابن حوقل :(. وأما عبادان فحصن صغير على شط البحر ومجمع ماء دجلة، وهو رباط كان فيه المحاربون للصفرية والقطرية وغيرهم من متلصصة البحر، وبها على الدوام مرابطون). قال المقدسي في أحسن التقاسيم: (عبادان مدينة في جزيرة بين دجلة العراق ونهر خوزستان على البحر ليس وراءها بلد ولا قرية إلا البحر. فيها رباطات وعباد وصالحون). وقد زار ابن بطوطة في القرن الثامن فوجدها قرية كبيرة بينها وبين الساحل ثلاثة أميال.

·    المحمرة:

ميناء تجاري عند مصب نهر كأرون في شط العرب، نسبة العرب فيها نحو 80%، تبعد عن مدينة الأحواز نحو 120 كم عن طريق نهر كأرون. وقد شيدت عام 1229هجريا الموافق 1812م. وقد أبدل الإيرانيون اسمها إلى خرمشهر. يزاول أهلها مختلف الحرف والمهن عدا الوظائف الحكومية فهي بيد الإيرانيين. ويكثر فيها النخيل والحنطة والشعير والزبيب.

·    الحويزة:

غالبية سكانها عرب من قبائل عربية متعددة. وهم مازالوا على وضعهم العربي لم تؤثر فيهم العجمة. ويزاولون مختلف المهن والأعمال. وهي من المدن القديمة. قيل إنها تصغير (حوزة)، و (الحوزة) الطائفة أو الجماعة، ذكره ياقوت الحموي في معجمه.  يكثر فيها القمح والقطن وقصب السكر، وأهلها مشتهرون بتربية الجاموس.

·    تستر:

سماها العرب تستر، ويسميها الفرس شوشتر. وهي من المدن القديمة الأثرية. ورغم ما لحق بها من خراب لأبنيتها إلا أن اسمها مازال غير مندثر. وهي من أشهر مدن الإقليم الصناعية، حيث صناعة الحرير لوجود أشجار التوت.  وهي زراعية لوفرة المياه ووجود الآلات الزراعية واتصالها بالميناء التجاري (بندر شاه) بخط حديدي.

·    السوس:

مدينة قديمة، شيدت قبل الميلاد، وسميت (السوز)، وهو اسم بابلي معناه (الحسن. الجمال. الطيب). وقيل سميت السوس نسبة إلى السوس بن سام بن نوح عليه السلام. وقيل أول سور وضع بعد الطوفان سور السوس. وكانت عاصمة لعدة دول منها الدولة العيلامية، ودولة كلدة، والدولة الساسانية، ودول أخرى. وقد كانت في القرون الوسطى مدينة آهلة.