لا يكفي ( كنا وكنا)

  • 183

المسلم الأصل فيه أنه شخصية مستقلة، فإذا رأيت خلاف ذلك فثَم خطأ قد وقع وحدث، والأشد من ذلك أن يتحول المسلم للحديث عن الماضي فقط ( كنا وكنا ) دون عمل للمستقبل.
 
والخوض في التاريخ فقط أمر شديد الخطر والضرر؛ فالتاريخ بالنسبة للمسلم يستمد منه العبر ويستوعب به الواقع، وهو خميرة المستقبل حتى لا تتكرر الأخطاء.
 
فالمسلم يعيش الحاضر ويكون صاحب يقظة ورغبة وإرادة، ويحدد بدقة محل النزاع، والمحك الحقيقي للأزمة، ويعرف العدو وحيله وأساليبه في إدارة الصراع حتى لا يُجر إلى معارك خاسرة لا تفيد وتبعد به عن المقصود، والباطل محترف فى هذه النقطة بالذات وصاحب تجربة عميقة، وكم انتصر بها في جولات.
 
وأما المستقبل فيقبل عليه المسلم بكل أمل وتفاؤل مع الأخذ بأسباب النجاح واستخدام الوسائل الحديثة، ومع التمسك بالثوابت الشرعية فهو سلفي المنهج، سلفي المواجهة، عصري الوسائل.
 

لســـــنا وإن كنا ذوى نسب *** يومًا على الأنــساب نتكلُ 
نبــــنى كـما كانت أوائلنا تـبنى*** ونفعل مثــــــل ما فعلوا
 
ولا يوجد على وجه الأرض من ينسجم فكره واعتقاده وأهدافه الدنيوية والأخروية كما المسلم، فالمسلم هو الوحيد الذي لا يعرف اليأس حتى إذا انقطعت الأسباب المادية فهو يلجأ إلى مسببها سبحانه وتعالى.
 
والمنهج الإسلامي منتصر لا محالة وعد من الله سابق، وليس هذا الذي يقلقنا ولكن الذي يقلقنا ويجب أن نفكر فيه كثيرًا هل هذا الجيل يستحق أن ينتصر أم سيُستَبدَل؟!
 
فإن تخاذلنا عن نصره المنهج فسوف يأتي الله عز وجل بقوم آخرين قال تعالى: "وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ".
 
أيها الجيل، المنهج الإسلامي منتصر لا محالة، ولكن هذا الأمر يحتاج منا إلى عمل دؤوب وحركة وفهم وبذل وتضحية، وحسن توكل على الله مع طلب العون منه دائما، والإنابة والافتقار إليه، والانطراح بين يديه، والتبرؤ من الحول والطول، وتحقيق الإيمان والتوحيد والاتباع، ومراعاة نبل المقاصد وشرف القضية والصبر عليها، والتجرد والإخلاص وطول النفس وعدم الملل .. و ‏لنا أمل!
 
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا واجعلنا من العاملين المهتدين والحمد لله رب العالمين.