ممارسة سياسية راشدة

  • 219

انتهج حزب النور منذ تأسيسه سياسات راشدة، نتج عنها مواقف تُكتب له في سجل التاريخ السياسي المصري الحديث بأحرفٍ من نور.
 
وإن كان بعض المنافسين السياسيين للحزب يريدون تصويره مجرد ظل لحزب الحرية والعدالةوجماعة الإخوان المسلمين، أو صدي صوتٍ لهم، وليس رقمًا مُهمًا في الحياة السياسية يتمتع بالاستقلالية والرؤية الثاقبة.
 
ويتوهم هؤلاء أن اختلاف وجهات النظر - الطبيعية بين البشر والكيانات - لم تبدأ بيننا إلا بعد 3 يوليه 2013، ويتناسى هؤلاء الحقائق التالية:
 
- أننا لم نخض انتخابات 2011 / 2012 معهم في قائمة واحدة.
 
- أننا رفضنا تقسيم لجان مجلس الشعب السابق علي أساس الاستحواذ، وقد أشاد جميع المعارضين بهذا الموقف في حينه.
 
- أننا رفضنا سحب الثقة من حكومة الدكتور كمال الجنزوري، رغم تحفظنا على برنامج الوزارة.
 
- أننا دعونا لعدم الدفع بمرشح رئاسي ذي مرجعية إسلامية، فلما ترشح عدد منهم وصار أمرًا واقعًا، دعمنا الدكتور أبو الفتوح في الجولة الأولى.
 
- أننا أنكرنا ما سُمي بـ"ملف الأخونة" في لقاء رئاسي على الهواء مباشرة، وطالبنا بمشاركة الجميع طبقًا لمعيار الكفاءة.
 
- أننا تحفظنا على الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس الأسبق محمد مرسي في 22 نوفمبر 2012.
 
- أننا قمنا بزيارة نادي القضاة في وقت عصيب دعمًا لاستقلال القضاء، حتى طالب رئيس النادي المستشار أحمد الزند القضاة في جمعية عمومية لهم بالوقوف تحية لحزب النور على مواقفه الوطنية.
 
- أننا طرحنا مبادرة لم الشمل التي وافقت عليها المعارضة وجبهة الإنقاذ، وكانت بمثابة طوق نجاة لنجاح الثورة.
 
- أننا رفضنا الحشد والحشد المقابل قبل 30 يونيو 2013، ولم نُسرِف كغيرنا في استخدام حق التظاهر السلمي، حيث لم نُشارك إلا في مناسبتين فقط، الأولى لرفض المبادئ فوق الدستورية "وثيقة السلمي"، والثانية لدعم التداول السلمي للسلطة، وتأكيد الآليات الديمقراطية، والتي كان مُقررًا لها ميدان التحرير، فلما أصرّ البعض على التظاهر هناك، تم تغيير المكان ليُصبح أمام جامعة القاهرة بإصرار من حزب النور لتجنب الصدام بين المصريين.
 
- ثم أننا انحزنا إلي الوطن والصالح العام وشاركنا في وضع خارطة المستقبل في 3 يوليه 2013، ثم لجنة تعديل الدستور، ثم الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
 
والبعض لا يتذكر إلا أن هناك سلفيين شاركوا في اعتصام رابعة العدوية، ثم تحالف ما سُمِي بـ"دعم الشرعية". نعم، ولكنهم لا ينتمون للحزب في غالبيتهم، والقليل النادر ممن كان ينتمي للحزب منهم إما استقالوا أو أُقيلوا.
 
والبعض الآخر يتحفظ على دعوة بعض الأفراد لمصالحة وطنية، وكأنها لم ترد في خارطة المستقبل التي توافقت عليها القوى الوطنية في 3 يوليه 2013، وكأن الرئيس السيسي لم يكررها في أكثر من مناسبة، وإن كانت تفاصيل هذه الدعوة تحمل أمورًا كثيرة منها المراجعات والاعتذار والاحتواء في ظل عدالة انتقالية،ونص الدستور على وضع قانون لها بمعرفة مجلس النواب القادم في دور الانعقاد الأول له.
 
وإن كان حزب النور لم يُختبر حتى الآن على المستوى التنفيذي، إلا أنه شارك على المستويين السياسي العام والتشريعي والرقابي في إنجازات مهمة تمت بعد ثورة 25 يناير 2011، وذلك في البرلمان بغرفتيه " شعب وشورى "، ومن ذلك:
 
- تعديل بعض أحكام قانون الانتخابات الرئاسية رقم 174 لسنة 2005 وإقرار الفرز باللجان الفرعية، وإعلان النتائج في حضور وكلاء المرشحين وممثلين عن منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام.
 
- تعديل بعض أحكام قانون القضاء العسكري رقم 25 لسنة 1966، وإلغاء المادة 6 التي كانت تتيح لرئيس الجمهورية إحالة مدنيين إلى القضاء العسكري.
 
- تعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 242 لسنة 2011 بشأن الحد الأقصى للدخل وربطه بالحد الأدنى.
 
- مناقشة موضوع الصناديق الخاصة.
 
- مناقشة ملف الأموال المُهربة بالخارج.
 
وبعد.. فهذه بعض الأمثلة لعل قارئ هذه السطور بعين الإنصاف والتجرد، يتأكد أن حزب النور ينحاز دائمًا للوطن والصالح العام، ولا يسعى لتحقيق مكاسب حزبية أو شخصية ضيقة، وأنه ما زال لديه الكثير ليقدمه للشعب المصري العظيم في هذه الظروف الداخلية والإقليمية الصعبة.