وفاء المربى

  • 175

فإن المربي يحافظ على أتباعه وأنصاره ورجال دعوته، فتارة نرى النبي صلى الله عليه وسلم يدفع بأتباعه إلى الحبشة؛ ليحافظ عليهم، وتارة يهدر دم من آذى أصحابه رضي الله عنهم، وهكذا الداعي إلى الله أو القائد أوالمربي يتألٌم لتألم أتباعه، ولا يرضى لهم الضرر، فهو وإن لم تصبه الضربات يتألم لتألم إخوانه وأصحابه وأتباعه،وهذا حال الدعاة الصادقين المخلصين الأوفياء بأبنائهم وطلابهم، فلا يوردونهم الموارد، ولا يعرضونهم للمهالك ولا للفتن، بل يحافظون عليهم كما يحافظون على أنفسهم، فجسد المربي وجسدهم واحد، ونفس المربي ونفسهم واحدة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "المسلمون تتكافأ دماؤهم، يسعى بذمتهم أدناهم، ويُجِيُر عليهم أقصاهم، وهم يدٌ على من سواهم" نعم أخى الحبيب؛ فأنا وأنت نفس واحدة، "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" فهذا الوفاء من المربي للأبناء قد ورثه التابعي الجليل سعيد بن جبير عن الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ولذا عندما يقبض عليه الحجاج، ويعذبه ويهم بقتله يتوجه صاحب الدعوة المستجابة إلى ربه قائلاً: "اللهم لا تسلط الحجاج على أحد بعدي بعد اليوم".
 
فلم يطلب النجاة لنفسه؛ بل طلب نجاة أتباعه وأبنائه الذين يُعلمَهُم ويُربيهم، كيف لا؟! وهو مدرسة تربوية ربانية أصولها وجذورها إرثٌ نبوي؟! فلله الحمد والمنة.
 
والمربي بدوره يحرص على تربية أبناءه وتوجيههم لما فيه صلاح دينهم ودنياهم ويبثُ فيهم الأمل للعمل والبذل والتضحية والبناء
 
أخي الحبيب:
 
المربي محور إرتكاز في حياة من يربيه؛ ولذا يجب على المربي أن يستشعر تلك الأمانة ويجعل أبناءه يدورون مع الحق حيث دار فيكونوا أتباع منهج لا أتباع أشخاص فإن الحي لا تُؤمن عليه الفتنة.
 
أخي المربي:
 
إذا كانت البوصلة هي من تحدد للعابد اتجاه القبلة في أرض الغربة فإن المربي بوصلة لمن يُربي وما أكثر الشباب الذين يحتاجون فقط في حياتهم إلى تلك البوصلة، فلا تبخل أخي المربي بتوجيه شباب الأمة إلى البر والصلاح فإن أمة لا شباب لها لا مستقبل لها، والمربي في حياة الأمة هو صانع الأمل .. 
والحمد لله رب العالمين