عاجل

في فقه الخلاف قاعدة نبوية وأخرى يُسمونها ذهبية ودرس حوثي بليغ

  • 240

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛
مِن أكثر القضايا الكبرى التي شغلت الصحوة الإسلامية في الفترة المعاصرة، هي طريقة التعامل مع الخلافات، وهل نُطبِّق فيها جميعًا قاعدة "الخلاف في الرأي لا يُفسِد للود قضية"؟ أم نُطبِّق فيها جميعًا البراءة والتبديع؟  أم أن الأمر وسط بين الأمرين؟
 
 وسار كل فريق في طريقه، ولكن كان الصوت الأعلى والأكثر حضورًا والأكثر تأثيرًا في وجدان كثير من عوام المسلمين، بل في وجدان كثير من الدُّعاة هو الصوت الداعي إلى رفع قاعدة مطلقة في أن كلَّ قضايا الخلاف لا تُفسِد للود قضية، أو القاعدة المسماة بالقاعدة الذهبية وهي: "نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه" مع تطبيق هذه القاعدة في خلافات جوهرية وجذرية، ومن أهمها تطبيقها على الخلاف بين السنة و الشيعة.
 
الكلام كان أشبه بالكلام النظري إلى حدٍّ كبير، لكن أصبح أمامنا الآن واقعًا عمليًّا واضحًا وصارخًا، وهو أنه كيف استثمر الشيعة انتشار هذه الدعوات بين صفوف السنة؟ وكيف تكوَّن الهلال الشيعي؟ وكيف صرنا قاب قوسين أو أدنى من إعلان إمبراطورية شيعية فارسية (وهذه القضية من القضايا التي يغفلها كثير من الناس أن التشيع والفارسية وجهان لعملة واحدة، وأنهم يُريدون إمبراطورية فارسية مذهبها هو الشيعة الإثنا عشرية) فكان من المناسب -والأمة تجني ثمارًا مرة لقاعدتهم تلك- أن نُثبت اللقطة بعد أن صارت المخاوف التي كنا نُطلقها وكان الكثيرون يرونها -مبالغة وتهويلًا- واقعًا ملموسًا.
 
مراجعة لفقه الخلاف وقواعده النظرية:
بين يدي هذا نُشير بسرعة إلى القاعدة النبوية في الخلاف، وتلك القاعدة الموسومة بالذهبية، وبيان من قال بها، وكيف طبقت، وكيف أسهمت في ابتلاع الشيعة للكثير من البلاد السُّنِّيَّة؟
 
خلاف التضاد السائغ وغير السائغ:
الضابط بين الخلاف السائغ وغير السائغ هو مجيء البيِّنات:
إننا ملتزمون في شئوننا كلها بأن نعود للكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، وقضية الخلاف هي واحدة من هذه القضايا التي عدنا فيها إلى هذه المصادر؛ فماذا وجدنا؟ وجدنا أن القرآن ذمَّ نوعًا من الخلاف ذمًّا شديدًا في آيات كثيرة؛ منها قوله تعالى: )وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)؛ فعلمنا من هذه الآية و غيرها أن الخلاف الموصوف في هذه الآية وما شابهها من الآيات؛ خلاف مذموم، وأنه ينشأ عن مرض في القلب، وهذه الآية تُبيِّن ما هو الخلاف المذموم هذا الذم الشديد؟ إنه الخلاف الذي حدث بعد مجيء البيِّنات؛ فإن المسائل التي فيها بيِّنات لا يتصور الخلاف فيها إلا لمن عنده أهواء، وهذه الأهواء عبَّر عنها القرآن بلفظ البغي؛ فلفظ البغي هو أحد الألفاظ التي تجمع الكثير من الآفات؛ كالحسد والكبر والعصبية الجاهلية، كل هذه أشياء تدفع البعض إلى أن يُكابر ويُعانِد ويبغي بعد مجيء البينات.
 
خلاف التضاد السائغ وخلاف التضاد غير السائغ:
ثم تأملنا في هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي أصحابه رضوان الله عليهم؛ فوجدنا أن الصحابة في مواطن اختلفوا في فهم كلامه صلى الله عليه وسلم؛ فلم يُنكر على أي من الفريقين، ومن أشهر الأمثلة على ذلك حادثة بني قريظة وحادثة من تيمَّما وصليا ثم أعاد أحدهما الصلاة عندما حضر الماء، ولم يعد الآخر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للذي لم يعد: أصبت السُّنَّة، وقال للآخر: أخذت أجرك مرتين.
 
لكن الذي يتمسَّك بهذه الأدلة فيأخذ منها قاعدة عامة، يغفل أن هناك أدلة أخرى أنكر النبي صلى الله عليه وسلم فيها على المخالف، وغلظ عليه؛ فغلظ على من قال: اعدل يا محمد، وغلظ على من أرادوا أن يشترطوا الولاء لهم في قصة بريرة، وغلظ على أنواع كثيرة من الأمور المخالفة التي وقعت بين يديه صلى الله عليه وسلم.
 
مما يؤكِّد المعنى الذي استفدناه من القرآن، وأنه لا بد من التفصيل، وأن هذا التفصيل يرجع إلى وجود البيِّنات من عدمها، والبيِّنات هي التي لا تحتمل إلا تفسيرًا واحدًا، ولكن يُمكن أن يوجد بعض الأدلة الشرعية التي هي دليل، لكنها ليست من البيِّنات، قضى الله وجود هذا النوع من الأدلة؛ لتتقرب الأمة إلى الله بالاجتهاد في فهم الأدلة، كما أن هذا يُورث لنا نوعًا من أنواع التَّمرُّس على الاجتهاد؛ فإذا استحدثت مسائل بعد ذلك، واحتاجت إلى اجتهاد تكون الأمة مُتمرِّسة على ذلك، والحِكَم في هذا الباب كثيرة يعلمها الله عز وجل، والحاصل أنه توجد مسائل فيها بيِّنات، وأخرى ليس فيها بيِّنات.
 
وقد ذمَّ القرآن الذين اختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات، ووصفهم بأنهم يفعلون هذا بغيًا، والنبي صلى الله عليه وسلم الذي قَبِل الخلاف في تفسير كلامه من الصحابة؛ فسكت ولم يُنكِر على أيٍّ من الفريقين، وربما في بعض المواطن بيَّن للمصيب أنه مصيب، ولكنه لم يغلظ على المخالف؛ كما وقع للصحابيين الذين أجنبا ولم يجدا ماءً فتيمَّما، ثم حضر الماء فأعاد أحدهما ولم يعد اللآخر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للذي لم يعد: أصبت السنة، وقال للآخر: أخذت أجرك مرتين؛ فبيَّن لهذين المختلفين من منهما المصيب، ومن منهما المُخطئ.
 
ونفس الأمر، لو انتقلنا إلى هدي السلف رضي الله عنهم، نجد أنهم اختلفوا في كثير من المسائل، ووسعهم فيها الخلاف، ويُمكِن أن يوصف حالهم حينئذٍ بأنهم كانوا يعتبرون الخلاف في الرأي لا يُفسِد للود قضية، كما يقول البعض، أو ما عبَّر عنه البعض الآخر بقولهم: "نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه"، ولكن لما ظهرت بدع الخوارج والشيعة والقدرية بالغوا في ذمهم، والتبرؤ منهم، والرد عليهم، وهذا مما يُؤكِّد  أن مسألة الخلاف فيها تفصيل، وأن بعض مسائل الخلاف ينكر فيها إنكارًا شديدًا مغلظًا، وبعض المسائل يحتمل فيها الخلاف، وأن القاعدة في هذا دائمًا نستفيدها من نوع الخلاف الذي ذكر الله عز وجل أنه الخلاف الذي يكون بعد مجيء البيِّنات، أو الخلاف الذي يُوصف بأنه خروج عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم وعن هدي أصحابه، كما في القاعدة النبوية التي بيَّنها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "إن من يَعِش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا؛ فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضُّوا عليها بالنواجذ" لذلك نحن نقول أن هذا الحديث هو نص في موطن النزاع. مثلا الموضوع المطروح للبحث هو ماذا عندما يخرج أناس يتبنُّون مذاهب مخالفة للكتاب والسنة ومخالفة لهدي الصحابة؟ هل نتألفهم فنسكت عنهم، أم نبين بدعتهم ونردها ونتمسك بالحق الذي معنا؟ نقول: المسألة ليست اجتهادية؛ لأن عندنا نصٌّ في موطن النزاع، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن الخلاف الذي سيقع، وبيَّن لنا أن العلاج ليس أن نتهاون مع من خالف الكتاب والسنة، ولكن أن نتمسك بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وبهدي السلف، وأن نعض على طريقة النبي صلى الله عليه وسلم.
 
مثال لتوضيح نوعي خلاف التضاد والضابط في التفريق بينهما (عنز و إن طارت):
لعل هذا الأمر قد يتضح إذا ضربنا لذلك مثلًا؛ ففي المثل الشهير عند العرب، يُحكى أن رجلين كانا في الصحراء فرأيا سوادًا بعيدًا(؛ يعني ظل لكائن ما بعيد) فاختلفا في ذلك الكائن صاحب ذلك الظل، فقال أحدهما: هي عنز. وقال الآخر: هو طائر) لاحظ أن بعض الطيور الكبيرة يُمكِن أن تُقارِب حجم العنز الصغير؛) أقول: إلى هذا الحد، لو أن القصة انتهت عند هذه النقطة، لما تحوَّلت مثلًا، ولما ذُكِرت، ولما رُوِيت؛ لأن هذا شيء طبيعي أنه عند عدم وجود البيِّنات يحدث الاختلاف؛ فهنا يوجد دليل .. ما هو؟ الرؤية: إنه ما يرونه؛ الاثنان يرون ذات الشيء، لكن لأن الرؤية بعيدة، فلم ترقَ إلى درجة الدليل الذي يُسمَّى بالبينة أو الدليل القطعي، هو صار دليلًا لكنه دليل ظنِّيٌّ، الدليل الظني هنا احتمل الاجتهاد والنظر: هذا يرجح من وجوه، وهذا يرجح من وجوه؛ لذا أقول: لو أن القصة انتهت عند هذا الحد، لما رويت، ولما نقلت، ولما صارت مثلًا، لكن ماذا حدث؟ حدث أن ذلك الكائن طار، فقال الذي قال: إنه طائر. انظر، إنه طائر! لقد طار! فقال الآخر: عنز وإن طارت؛ فصارت مثلًا.
 
هذه القصة قد تصلح مثالًا يُوضِّح لنا المقصود .. قبل أن يطير ذلك الكائن، كان هناك دليل وهو الرؤية ولكنه لم يرقَ إلى درجة البيِّنة؛ فاحتمل كل منهما من صاحبه أن يكون له وجهة نظر مختلفة، فهذا نوع من الخلاف لا بد وأن يحتمل، إذا لم نحتمله تقطعت بيننا الأواصر، واختلفنا على كل كبير وصغير؛ فهذا مثال حياتي دنيوي، وفي الشرع كذلك، وفي التجارة كذلك، وبين الزوج والزوجة كذلك.
 
إذًا فالخلاف الناشئ عن عدم وجود البيِّنات لا بد وأن يحتمل، وكلمة يحتمل لا ترادف أن يسكت عنه، بل يحتمل معناها محاولة توحيد وجهات النظر، وأن كل فريق يترك لنفسه الفرصة أن يسمع وجهة النظر الأخرى، ولكن من الوارد جدًّا ألا نتمكن من توحيد وجهات النظر .. لماذا؟ لأن الدليل مُحتمل ويصعب أن يتطابق الناس في تقديراتهم، طالما أنَّ الأمر تقديري؛ لذلك طالما قد حاولنا تقريب وجهات النظر، ثم عجزنا عن أن نصل إلى التطابق، فليحتمل كل منا الآخر. إلى هذا الحد انتهى الجزء الأول من القصة (بدلالاته).
 
هنا في هذا المثل في ذات القصة جاءت البينات، لم يكن هناك بيِّنة، ثم جاءت، فلمَّا جاءت بغى أحد الطرفين، أو كابر أحد الطرفين، أو عاند أحد الطرفين، فصار مذمومًا؛ لأنها لم تصر وجهة نظر، بل صار مخالفًا للبيِّنات، ومعظم أهل البدع من هذه النوعية يكون مُتسرِّعًا مُتهوِّرًا لا يُعطي الأمور حظها من الدراسة، فتكون المسألة فيها بيِّنات، لكنه لم يطَّلِع عليها، فلو تداركته رحمة الله من أول الأمر واطلع على المسألة اطلاعًا جيدًا، كان من الممكن أن يُوافِق الحق، لكنه اطلع عليها اطلاعًا منقوصًا، فتبنى قوله الذي هو مخالف للحق، فبدأ الناس يردون عليه ببيِّنات تدحض ذلك القول، فمن كتب الله له السعادة يسرع بالتراجع وينصاع للبينات، وأما الأكثرون منهم للأسف يرفع شعار عنز وإن طارت.
 
خلاصة الأمر:
أننا عرفنا من هنا أن الصحيح في الخلاف أن فيه تفصيل، أما أخذ أحد النماذج ثم تعميمها، فهذا هو موطن الخطر؛ قال شيخ اللإسلام: "تدبرت معظم مسائل الخلاف، فوجدتها ترجع إلى الإجمال؛ حيث يجب التفصيل" يعني: يقول أحدهم: الخلاف يجب احتماله، والثاني يقول: السكوت عن المخالف سكوت عن البدعة ورضًا بها ومناصرة لها؛ فإذا سألت الأول: من أتيت بهذا؟ قال: من حديث بني قريظة، وإذا سألت الثاني: من أين أتيت بهذا؟ قال: من حديث ذي الخويصرة، ومِن فعل الصحابة مع القدرية والخوارج؛ فكل منهما أخذ تصرفًا مقيدًا فأطلقه، أو خاصًّا فعممه، وكان من المفترض عند أحد هذين التصرفين أن يكون هناك ضابط، إما بالاستنباط، وإما أن يكون منصوصًا عليه، وفي الواقع هذا الأمر منصوص عليه في قوله تعالى: (مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتِ)؛ فبهذا النص عرفنا متى يكون المخالف باغيًا ونرده عن بغيه، بأن ننكر عليه؟ كما في حديث: (انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا) هذا بالنسبة للذي يُخالِف البيِّنات، أما الذي يُخالِف في دليل محتمل فلا بد أن نحتمله، وهذه هي خلاصة القاعدة النبوية أو القاعدة السلفية في فقه الخلاف، ليسعنا ما وسع السلف، ولا يسعنا ما وسع السلف، يسعنا الخلاف إذا لم يكن ثمة بيِّنات، ولا يسعنا الخلاف إذا كان هناك بينة.
 
خلاف التنوع:
ولكي تُستَكْمَل الصورة نضيف قسمًا ثالثًا الخلاف فيه غير مذموم أصلًا، وهو ما يقبل التعدد ابتداءً، لو استصحبنا نفس المثال السابق هذا الكائن إن كان عنزًا لا يصح أن يكون طائرًا، وإن كان طائرًا لا يصح أن يكون عنزا؛ لذا إن كان هناك بيِّنة اخترنا ما دلَّت عليه البيِّنة، ونلزم بها، وإن لم يكن هناك بيِّنة فكل واحد يختار ما يترجَّح له باجتهاده، لكن لا يصح أن نقول: إنها عنز وطائر في آن واحد؛ فالقول بأن الحق يتعدد في المسألة الواحدة سفسطة مُخالِفة للعقل، لكن هناك أمورًا بطبيعتها تحتمل التعدد؛ ففي المثال السابق لو أن هذا الرجل يقول: مررت من هنا فوجدت عنزًا، وقال الآخر: مررت من هنا فوجدت طائرًا، نقول: كلاهما صحيح؛ فعندما مرَّ الأول كان هاهنا عنزًا، ولما مرَّ الثاني كان العنز قد ذهبت، وحل مكانها طائر؛ فلا يوجد خلاف حقيقي، وكل منهما صادق؛ فكل منهما يحكي عن وقت غير الآخر.
 
فهناك مسائل بطبيعتها لو تأملت فيها عقلًا، تحتمل التعدُّد؛ كأن يحكي أحد الصحابة صيغة للتشهد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويحكي صحابي آخر صيغة أخرى للتشهد، فهذا صادق وهذا صادق، هذا ثبت وهذا ثبت، فما المانع أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد قرأها بصيغتين مختلفتين؟ فهذا يُسمَّى خلاف التنوع؛ فتقبل الروايتين وتقبل الصيغتين.
 
تلخيص أنواع الخلاف:
نعود إلى فقه الخلاف ونقول: إن الخلاف ثلاثة أنواع في الواقع، ويمكن أن نقول نوعين: تضاد، وتنوع؛ والتضاد ينقسم إلى نوعين: تضاد سائغ، وتضاد غير سائغ؛ فإذا وجدت البيِّنات كان تضادًا غير سائغ ينكر فيه على المخالف ويغلظ عليه، أما التضاد السائغ فيوجد فيه دليل، لكن لا يرتقي إلى البيِّنة؛ فيحتمل فيه الخلاف كما كان الخلاف بين المذاهب الأربعة وغيرهم من أئمة العلم والسنة الأوائل.
 
 
الخلل الذي وقع في هذا الباب:
 
ما المشكلة التي وقعت في هذا الباب؟ المشكلة أن البعض أخذ طرفًا بدلًا من أن يقول بالتفصيل، وأن هناك اختلافًا يحتمل واختلافًا لا يحتمل، بدلًا من ذلك أعطاه كله حكمًا واحدًا؛ ففريق تبنَّى المبالغة في الذم والإنكار لكل خلاف، وبالتالي شرذموا الأمة، وجعلوا الخلافات المذهبية بين أئمة كبار، كان كل منهم يحتمل الآخر، وبعضهم كان تلميذًا للآخر، جعلوها معارك تفتت الأمة وتشتتها، فهذا فريق. وأما الفريق الآخر قال: لكيلا نفرق الأمة فلنجعل كل الخلاف محتملًا، ووضع هذه القاعدة: "نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه" فنقول له: هذه القاعدة على الإطلاق هكذا خطأ، لا بد أن نضع قيدًا أن هذه القاعدة في الخلاف السائغ.
 
 
القاعدة المُسمَّاة بالذهبية بين خطأ التنظير وكارثية التطبيق. مثال عملي: التقريب بين السُّنَّة والشيعة:
 
شبهة: يأتي بعض الناس فيقولون: افترض أن هذا القيد موجود، بدلًا من تخطئة سين وصاد من أناس بذلت في سبيل الدعوة؛ قل: هم أغفلوا هذا القيد، لكن لم يقصدوا هذا، وقل: الأدق هو وضع هذا القيد.
 
الجواب: نقول لهم: كلامكم هذا لا بأس به، وكان يُمكِننا أن نقول به لو كان عدم التقييد نظريًّا فقط، لكن الكارثة هي في التطبيق العملي، يا ليت أنه وضع كلامًا مُطلقًا ثم عند التطبيق قيَّده! فلو فعل ذلك لقلنا: لعله كان يُريد هذا القيد لكن فاته النص عليه، لكن الكارثة في التطبيق، أنه كان بالفعل مطلقًا وطبق على شر أهل البدع وعلى رأسهم الشيعة، واكتوت الأمة بهذا الأمر كما نرى الآن؛ فهذا درس نريد أن نتوقف عنده. نحن استفدنا درسًا مما يفعله الشيعة الآن. باختصار نقول: إن إطلاق هذه القاعدة خطأ، بل لا بد أن تحمل على الخلاف السائغ فقط، أما الخلاف الغير سائغ فيذم فيه أهل البدع والأهواء، ويحذر منهم ويدعون إلى السنة؛ لأن هذه هي القاعدة النبوية، ولأن في عكسها مفاسد عظيمة، منها:
 
1-    أنها خيانة لأهل البدع أنفسهم، أنت تخدعه عندما تقول له: إن الخلاف بين السُّنَّة والشيعة كالخلاف بين أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، أنت تخدعه بذلك؛ لأنك تتركه يعيش حياته يسب الصحابة ويفعل المنكرات، وتقول له: أنت مثلنا.
 
2-    وأيضًا أنت بذلك خدعت أبناء أهل السُّنَّة؛ لأنك لم تحصنهم من هذه البدعة؛ فأنت تقول له: الخلاف بيننا لا يفسد للود قضية، النتيجة أنه سيسافر إلى بلاد الشيعة ويتمذهب بمذهبهم إذا كانت له مصلحة في ذلك؛ سيجد في مذهبهم نكاح المتعة، وأنت تقول له: مذهب الشيعة كله مثل المذاهب الأربعة، وجعلته مذهبًا خامسًا! هذا المذهب الخامس فيه نكاح المتعة وأنت تراه مثل المذاهب السُّنِّيَّة، فمن حقه حينئذٍ أن يُمارِس نكاح المتعة؛ فهو أهون من النكاح العرفي، بل على كلام الشيعة يأخذ عليه حسنات تفوق الصلاة والصوم والحج. ونكاح المتعة عند الشيعة هو الزنا بعينه؛ عقد يُمكِن أن يكون ساعة أو ساعتين أو يومًا أو أسبوعًا بلا ولي، وأما العدة؛ فإن أحبت أن تعتد فلتعتد، وإلا فلا. ليس هذا هو نكاح المتعة الذي كان في الجاهلية، رغم أن الشرع حرَّمه تحريمًا قاطعًا فيما بعد، ومع ذلك فقد كان نكاح المتعة قبل تحريمه يشترط فيه الولي، وتعتد فيه المرأة؛ فجاء الشيعي فألغى الولي، وألغى العدة، وجعل النكاح سرًّا، حتى صار الفرق الوحيد بينه وبين البغاء؛ أن هذا البغاء من أكبر الكبائر، ونكاح المتعة من أجلِّ الطاعات (في معتقد الشيعة)؛ فعندما تقول لأبناء السُّنَّة أن هذا المذهب بكل ما فيه من خرافات هو مثله مثل المذاهب الفقهية المعروفة عند أهل السنة؛ فهذه خيانة.
 
 
منشأ القاعدة الذهبية والتقريب بين السنة والشيعة:
 
أولًا: العلامة محمد رشيد رضا، وتأسيسه للقاعدة:
من أين أتت هذه القضية "بالذات" تطبيق هذه القاعدة الذهبية مع الشيعة؟ في الواقع أن اسمها قاعدة المنار الذهبية، وأول من نحتها بهذه الألفاظ واستعملها مع الشيعة هو العلامة محمد رشيد رضا؛ فبعد سقوط الخلافة والأزمة التي تعرضت لها الأمة، اجتهد العلامة محمد رشيد رضا اجتهادًا رأى فيه أن هؤلاء الشيعة لو قرَّبناهم واستعملناهم في أن نكون يدًا واحدة ضد الغرب وضد الاحتلال وضد الغزو الثقافي، وتوقَّع أنهم بالتأكيد أدركوا أخطاءهم، كان هذا هو تصوره، فوضع خطة أن يقول لهم هذه القاعدة: نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه، لكنه كان يشرحها ويقول بعدها: نحن اتفقنا على القرآن، واتفقنا على الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم، واتفقنا على حب الصحابة، واتفقنا على تعظيم السنة الواردة في دواوين السنة المشهورة، وبقيت خلافات يسيرة نحلها بالتفاهم.
 
العلامة رشيد رضا -سامحه الله- جمل الواقع على أمل أن يقولوا له: وافقنا؛ فيكون قد أخذ منهم اعترافًا بأنهم يُحبُّون الصحابة، وأنهم يرجعون إلى السنة، وأن أي أمر آخر يكون هيِّنًا، فجمَّل واقعهم على خلاف الحقيقة.
 
فإذا سأل سائل: وما المشكلة في أن يُجمّل واقعهم؟
 
فالجواب: المشكلة هي أنهم هل سيرضوا بهذا التجميل؟ يا ليتهم يفعلون؛ فهو قد جمَّل واقعهم، وقال بناءً على هذا نتعاون؛ على أساس أن ما بقي من خلاف بعد الاتفاق على حب الصحابة وتعظيم السنة سيكون من باب الخلاف السائغ أو قريبًا منه. واستمر العلامة رشيد رضا في تكرار هذا الكلام في كتاباته؛ حتى كان آخر ما كتب قبل وفاته رحمه الله: وأنا طوال حياتي أرفع في وجه الشيعة قاعدتنا الذهبية "نتعاون في اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه" فلا ألقى منهم إلا كلُّ ذمٍّ وشتمٍ وتكفيرٍ وتفسيقٍ، لماذا؟ لأنهم لا يُريدون أن يضحك عليهم أحد، بل يُريدون هم أن يضحكوا على الآخرين، وهم لا يقبلون أن يحملهم قضيتين خطيرتين: حب الصحابة، والرجوع إلى دواوين السُّنَّة؛ فطالما أنه وضع هاتين القضيتين فيما اتفقنا عليه، فلن يلقَ منهم إلا الشتم؛ لذلك انتهت هذه القضية وماتت.ثانيًا: الإخوان وإحياء القاعدة.
ثم جاء الأستاذ حسن البنا (رحمه الله) والذي تتلمذ على يد العلامة رشيد رضا، وأكبر شيء تأثر به في كلام رشيد رضا هي القاعدة الذهبية حتى صارت منسوبة لحسن البنا أكثر من نسبتها لمحمد رشيد رضا، لكن من الواضح أن الشيعة لم يقبلوا من رشيد رضا قاعدته الذهبية من أجل الشرح الذي كان يذيل به القاعدة الذهبية والذي كان يغضب الشيعة فكان الحل عند حسن البنا هو إزالة هذا الشرح فقبلوه ورحبوا به، وزارت بعض التنظيمات الشيعية الأستاذ حسن البنا في مصر وهذا مثبت في التاريخ، وقد يكون هذا هو أحد الجوانب التي من أجلها نقول إن جماعة الإخوان في حاجة إلى إجراء مراجعات عاجلة فيها، منها: أن تنتصر للمراحل التاريخية التي اعتمدت فيها أسلوبًا إصلاحيًا سلميًا متصارحًا مع المجتمع ويحافظ على وجود الدولة وتنقي واقعها لتعود إلى هذه الفترات، وتحديدًا فترة الثلاثينات وفترة السبعينيات وتبتعد عن تراث فترة الأربعينات والخمسينات والستينات.
 
ومن أهمها: حقيقة العلاقة مع الشيعة في بداية التكوين، فالواقع أنه كان هناك زيارات متبادلة مثبتة، وتأسست دار التقريب بين السنة والشيعة وساهم فيها حسن البنا.
 
* قيام دولة الخميني واحتدام الخلاف بين أصحاب القاعدة النبوية واتباع القاعدة الذهبية:
يمكن أن تكون العلاقة قد خفت بعض الشيء حتى قيام الثورة الخمينية وقد قدمنا أن القاعدة النبوية كانت هي المقدمة عند السلفيين والقاعدة الذهبية كانت مستقرة عند الكثيرين على رأسهم الإخوان، فأول ما قامت الثورة الخمينية قام كل فريق بتطبيق قاعدته، فقام السلفيون بالتحذير من الشيعة ومن خطر الشيعة، بينما طبق الآخرون قاعدتهم الذهبية التي تنص على التعاون، لاسيما أنهم قد رأوا أن الخميني عنده دولة، وأنه صاحب مشروع إسلامي في نظرهم، وقام بثورة إسلامية على حد توصيفه وتوصيفهم، فمنذ ذلك التاريخ صارت إحدى القضايا الخلافية الساخنة جدًا بين الإخوان والسلفيين قضية التعاون مع أهل البدع عمومًا ومع الشيعة خصوصًا، وهل نحن مطالبون بالرد عليهم وبيان باطلهم أم مطالبين بالسكوت؟، وبدأت القضية تأخذ مساحة كبيرة جدًا من الخلاف.
 
* الثورة الخمينية والنظام العلوي السوري وموقف الأستاذ سعيد حوى من الخميني.
نلاحظ أن بعض رموز جماعة الإخوان تراجع بسرعة جدًا لكن لم يؤثر على التيار العام، منهم الأستاذ سعيد حوى والذي كتب كتاب "الخمينية شذوذ في العقائد شذوذ في المواقف"، ولابد أن نعرف سبب ذلك وهو أنه كانت هناك علاقة بين إيران وسوريا قبل ثورة الخميني.
 
لما استولى حافظ  الأسد على سوريا شعر أنه عنده مشكلة أن يكون رئيسًا وهو منتمي لطائفة يكفرها علماء السنة وهي الطائفة العلوية والتي توجد فتاوى كثيرة بتكفيرها لاسيما من علماء بلاد الشام  وهم أكفر من اليهود والنصارى لأنهم يُؤلِّهون الحاكم بأمر الله.
 
 فعقد الأسد اتفاقية مع شاه إيران وهي أن يرسل إليه أحد المراجع العلمية في الشيعة الإثنى عشرية ليعطي له شهادة أن الطائفة العلوية فى سوريا هي إحدى فروع الإثنى عشرية حتى يكون معدود من جملة المسلمين، لأن الراجح عند أهل السنة أنهم لا يكفرون الإثنى عشرية وفعلًا بعث له الشاه أحد المراجع الشيعية فأعطى له هذه الشهادة (ومن النوادر أن الحافظ في آخر أيامه يشتكي أن المعارضة تطعن فيه بغير برهان ويقول: "بيقولوا علي كافر وأنا مسلم لي خمسين سنة" يتكلم عن تاريخ الشهادة التي حصل عليها من إيران أن الطائفة العلوية فى سوريا جزء من الإثنى عشرية)
 
 أثناء ثورة الخمينى والتي أيدها الإخوان وفي نفس الوقت كان الأسد يسفك دماء السنة فى سوريا ومنهم جماعة الإخوان ورغم تأييد الإخوان للخومينى إلا أن الخوميني صاحب المشروع التوسعي الكبير هل كان يمكن أن يخسر مَوطيء قدمه في سوريا من أجل الإخوان؟ بالطبع لا
 
هذا المَوطئ تمدد الآن ليصبح الأربع عواصم العربية التي تحدثوا عنها مؤخرًا.
 
وبالتالي انقلب الأستاذ سعيد حوى على مشروع التقريب مع نظام الشيعة وكتب رسالة بعنوان "الخومينية شذوذ في العقائد شذوذ في المواقف" لكن الجماعة لم تتأثر وظل خطها العام في اتجاه التقريب بين الشيعة والسنة.
 
*القرضاوي يتولى الترويج لدعوة التقريب ويتراجع بعد فوات الأوان.
أخذت القاعدة الذهبية صورتها التطبيقية فى مسألة الخلاف السني الشيعي تحت عنوان "التقريب بين السنة والشيعة".
 
فما معنى هذا التقريب عندهم؟ هل معناه دعوتهم إلى السنة ولكن أبين لهم برفق ولين؟ يا ليت ذلك، بل روجوا إلى ضرورة أن يسكت كل طرف عن الآخر و بالغ دعاة التقريب فى الجانب السني فوصفوا الشيعة بأنهم مذهب فقهي خامس واتفقوا مع رموز الشيعة الذين اشتركوا في خديعة التقريب ألا يدعوا السنة إلى مذهبهم في بلاد الشيعة وألا يدعوا الشيعة إلى مذهبهم في بلاد السنة ورغم ما في ذلك من خيانة أمانة بيان الحق إلا أن السنة وفوا بهذا المشروع بينما غدر الشيعة كعادتهم.
 
 وكان الدكتور يوسف القرضاوى قد أخذ النصيب الأوفر من الدعوة إلى التقريب بين السنة والشيعة ويحسب له أنه تغير فى 2009 تقريبًا  (وكل يأخذ من قوله ويرد) لما رأى إيران تنشر التشيع فى مصر ورأى حالات بنفسه (قد جاءت الاستفاقة في وقت متأخر جدًا) ورأى أن هذه خيانة  لمشروع التقريب وذلك أنه يزعم أنه زار إيران كثيرًا وقال لهم لا تدعوا إلى الشيعة فى بلاد السنة ونحن لا ندعو إلى السنة في بلاد الشيعة ثم فوجيء أنهم يشيعون الناس في مصر.
 
 الأمر الثاني كان في غاية الاستفزاز وهو أنه فى أحد مؤتمرات التقريب بين السنة والشيعة لما جاء ممثل إيران قال له البعض أنت تتكلم عن التقريب بين السنة والشيعة وأنتم عندكم  في إيران مقام لأبى لؤلؤة المجوسى قاتل عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) فكيف تريد من السنة أن يستقبلوك وأنتم هكذا، قال لهم لا أدرى أتركوا لي فرصة أعود إلى إيران وأرد عليكم فمرر الشيخ القرضاوي هذا الأمر (انتظر لعله يرد أي رد فيه حفظ  لماء الوجه) فلما رجع هذا الشيعي إلى إيران أصدر بيانًا أن هناك رجل إيرانى تقدم بطلب للحكومة الإيرانية أن تمهد الطريق المؤدي إلى هذا المقام وتزيينه وتجميله والحكومة الإيرانية تؤمن بحرية الرأي ولكن هذا لا يعني أنها ترحب بهذا!! (وبالطبع هذا آخر شيء يمكن أن يقال على إيران أنها تؤمن بحرية الرأي فإلى الآن طهران يوجد فيها معابد يهودية وغير مسموح فيها ببناء مسجد سني واحد) ثم بعد هذا يقول أن الحكومة وافقت لهذا الرجل لأنها تؤمن بحرية الرأى، طبعًا هذا أثر على موقف الدكتور القرضاوي  لكن كانت إفاقة متأخرة جدًا.
 
*حزب الله وانتشار عدوى الإعجاب بالشيعة بعد حرب ????.
ذكرنا أن أول موطئ قدم لإيران في البلاد العربية تم تدشينه في سوريا على يد شاة إيران وجاءت الثورة الخومينية بالمضي قدمًا فيه ثم انتقلت إلى لبنان  فأرسلوا مرجعًا في جبل عامل وهي منطقة فقيرة جدًا فبدأ بخدمات باسم جمعيات أهل البيت ليستثمر محبة السنة لأهل البيت   وانتقل من محبة أهل البيت وهي من خصائص أهل السنة إلى الخصومة بين أهل البيت والصحابة وهي كذبة الشيعة إلى أن عملوا حركة أمل شيعية ولكن بوجه علمانى وعملت مجازر فى الفلسطينيين أشد من مجازر اليهود ثم بعد ذلك قرروا الإسفار عن وجههم أكثر فأنشأوا  حزب الله وأصبح حزب الله أقوى من الدولة اللبنانية بكثير.
 
ونتيجة توتر العلاقات الأمريكية الإيرانية قام حزب الله بحملته على إسرائيل فى 2006 والتي صاحبتها حملة ترويج للشيعة من الإخوان ومن كثير من القوى العلمانية على حد سواء.
 
وكلنا نذكر المظاهرة التي قادها المهندس خيرت الشاطر بنفسه لمناصرة حزب الله وأظنه لم يخرج في مظاهرة بنفسه غيرها ووجه فيها اتهامات لاذعة للتيار السلفي لموقفه من حزب الله و ما كان هذا الموقف إلا أننا قلنا أن حزب الله أقرب إلينا من إسرائيل ولكن لا تهللوا لهم ولا تثنوا على باطلهم فكل منهما عنده باطل فهذا عنده باطل وهذا عنده باطل أشد فيمكن أن تقول الذي عنده باطل أخف أقرب إلينا ولكنه باطل أيضًا، فلا تقتح له الأبواب والشبابيك.
 
ولم يقتصر الأمر على الإخوان بل انضم كثير من الكتاب العلمانيين إلى هذه "الزفة" وعلى رأسهم إبراهيم عيسى صاحب الحملة المسعورة على كتب السنة الآن
 
*فائدة: تنتقض العلمانيين في تحالفهم مع الشيعة: 
العجيب أن ترى إعلامي علماني مغرق في العقلانية يقبل من الشيعة أن يجرح الرجل منهم نفسه بالسيف ويضع الحجارة فى جيبه ويطوف حول القبور ثم يقول هذا العلماني عن علامة الصلاة أنها مرض جلدي، فتستفزه علامة الصلاة ولا يتكلم عن هذا الرجل الذي يصلي على زلطة؟ فهذا تناقض فج في المواقف، فمن العجيب أن ترى حلفًا علمانيًا شيعيًا كيف يكون هذا؟  لو أنت علماني وتعتبر الكل مخرفًا فإن المفترض أن تكون السنة عندك أقل منهم تخريفًا، لا بل العكس ترى حلف علماني شيعي صوفي يتحالف مع من يقولون بالطواف حول القبور والأضرحة والتدواي بتربة القبور، وغيرها من الخرافات العميقة جدًا ثم تجده يقول أنتم عندكم خرافة لأنكم تؤمنون بعذاب القبر مع أن عذاب القبر غيب لم يره أحد وبالتالي آمنا به لما جاء به الوحي وأما أنت فتنكر ما جاء به الوحي و قصرت عقولكم عن إدراكه فى حين أنكم تتحالفون مع الخرافة الظاهرة.
 
*فائدة: حقيقة علاقة أمريكا مع الشيعة.
مسألة العلاقات الأمريكية الإيرانية معقدة جدًا لا يمكن اختزالها فى كلمة واحدة، العلاقة بين إيران وأمريكا وفاق دائم أو اختزالها في كلمة واحدة أن "إيران وأمريكا أعداء"، لأن إيران تمثل مشروع قوى عظمى وبالتالي معها أوراق تلعب بها فبينها وبين أمريكا خلافات كثيرة ولكن بينهم مصلحة مشتركة هي القضاء على السنة، هل يعني هذا أن أمريكا تحب الشيعة؟ لا، ولكنها ترحب بابتلاع الشيعة لبلاد السنة لأمور كثيرة منها:
 
1- الشيعة أقلية في العالم الإسلامي وهذا يعني أن أبسط شيء في حالة سيطرتهم على العالم الإسلامي أن يكون مضطرب مثل وضع الحوثيين في اليمن، هب أنه ليس هناك عاصفة حزم  هل ستكون اليمن مستقرة بحكم الحوثيين؟ مستحيل وبالتالي هو يريد أن تكفيه نفسك بنفسك مثل ما وقع بالعراق وأما سوريا فهي نموذج يبين أن حكم الأقلية يجعل البلد تأكل في بعضها البعض.
 
2- أن الشيعة يمكن أن يتفاوض واحد منهم عنهم جميعًا مع انصياعهم جميعًا خلفه، مثلًا: لو تابعتم رمضان قبل الماضي خرج علينا مرجع شيعي يقول أنه من الممكن في رمضان أن تشرب ثلاث سجائر ولكن بشرط أن تقسمهم على اليوم وليس مرة واحدة، فهل اعترض واحد من الشيعة على ذلك؟ بالطبع لا!، فى السنة لو أفتى أحدهم بفتوى مثل هذة مهما كان قدره فسيرد عليه أصغر طفل فى المسلمين فالسنة عندهم الدليل مقدم ولا يوجد أحد يمكن أن يذهب ويتفاوض عن كل السنة فى المسائل المنهجية أما بالنسبة للشيعة فهذا ممكن وبالتالي التعامل معهم أسهل بالنسبة لأمريكا فمثلًا لو قال من يمثلهم يوجد سلم مع اليهود إذًا الجميع في سلم مع اليهود لا اعتراض، يوجد حرب إذًا الجميع فى حرب مع اليهود.
 
3-أن المنهج الشيعي بخرافاته لن يستطيع الانتشار على حساب الديانة النصرانية المحرفة بينما المنهج السني بما فيه من إنكار الخرافة و محاربتها قادر على ذلك.
 
 ورغم ذلك فتوجد بينهم خلافات وأثناء  الخلافات قد يلجأون لعبة عض أصابع بينهم وبين بعض ومنها أن يخوض حزب الله حربًا بالوكالة ضد إسرائيل فنقوم نحن بالتهليل بأن حسن نصر الله هو صلاح الدين ومع هذا كله كنا نقول دعه يحارب إسرائيل مع إنه أصلًا يتحرك من أجل إيران ويتحرك لهدف وأول ما يصل له سوف يهدىء الحرب مثل ما رأينا وأقول لك دعه يؤدي هذا الدور كما يحب حتى يحقق مصلحته ولكن لاتقول لي أن أرحب بالشيعة ولا تقل لي إنه صلاح الدين! إنهم يكرهون صلاح الدين غاية الكره ويحاربون الأكراد لا لذنب إلا لأنهم خرج منهم صلاح الدين ثم تأتي أنت وتجعله صلاح الدين؟
 
*الثمرة المرة: المضي قدمًا في المشروع الاستعماري للإمبراطورية الشيعية الفارسية:
 وخلاصة الكلام ومانريد أن نقف عنده ماذا كانت النتيجة كانت سوريا ثم لبنان ثم جاء الدور على العراق فرأينا هذا التحالف المشين مع الأحتلال الأمريكى حتى يمكنهم من حكم العراق ثم كانت اليمن.
 
وهنا حدثت تلك الإفاقة المتأخرة جدًا عند الجمهور السني ومع ذلك وللأسف ما زال كثير من الساسة مصمم أن الحرب ليست طائفية! مع أن ايران تصرح بأنها بصدد تأسيس إمبراطورية إيرانية شيعية، وأعلنت أخذها أربع عواصم عربية ومع هذا عندنا من يقول لا! الأمر فقط هو أن الحوثيين أخذوا الحكم بقوة السلاح ونحن نريد أن نسترده منهم! نقول لهم وإيران التي بعثت بسفنها دخلها؟ الحقيقة أنها تريد إمبراطورية شيعية فارسية!، لابد أن نستفيق ولنعلم أن أهل السنة احتووا الشيعة عبر التاريخ ولكن ليس الإحتواء أن تفتح حصونك لهم، الاحتواء أن تدعوهم إلى الحق، تحصن أبناءك من باطلهم حتى لا يحدث التحولات، الحوثيون كانوا طائفة من الشيعة تسمى الزيدية أقرب ما يكونوا من السنة، فحولتهم إيران إلى مذهبها الكاره للسنة الطاعن في الصحابة وأمدتهم بالسلاح  وأرادت أن تستكمل بهم الإمبراطورية الشيعية وهذا المشروع يحتاج إلى عاصفة حزم عسكرية ولكنه يحتاج قبلها إلى الكثير من الحزم المنهجي.
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.