لا تيأسوا من روح الله

  • 172

صدمة أصابت الملايين مِن أبناء الدعوة السلفية وحزب النور والمحبين لهم، من نتائج الجولة الأولى للانتخابات البرلمانية، وصدمة أكبر مما حدث قبلها ومعها مِن تجاوزات فجَّة من الإعلام والحرب القذرة التي قادها ليلًا ونهارًا على حزب النور؛ لتشويه رموزه ومنهجه في جميع القنوات الفضائية الرسمية والخاصة -لا أكاد استثني إلا بعض البرامج والمذيعين لا يبلغ عددهم 1%- وجميع الصحف أيضًا دون استثناء -أستثني جريدة الفتح- الصحف القومية وغيرها، حتى وصل الحال بالقناة الأولى المصرية التابعة للدولة -التي يأخذ العاملون فيها رواتبهم من أموال الشعب- أن تخرق القانون في فترة الصمت الانتخابي، وتقوم بالدعاية السلبية في وقت في غاية الحساسية عقب خطاب الرئيس، أن تذيع تحذيرًا صريحًا مِن حزب النور- وجرائد الأهرام والأخبار والجمهورية، وسط كمٍّ هائل لا يمكننا حصره مِن الظلم والكذب والبهتان وتحريف التصريحات وقطع المقاطع المسجلة، كل ذلك في منظومة متكاملة، مع رأس المال السياسي الذي يعمل علانية بملايين بل مليارات الجنيهات، خلافًا للقانون، وبإغماض عين مِن كل أجهزة الدولة الرقابية والشرطية وغيرها قبل العملية الانتخابية وأثناءها، ومع زعم تطبيق القانون على أعضاء حزب النور لمجرد تواجدهم، حتى قُبِض -أثناء العملية الانتخابية- على نحو 60 فردًا، بما يُعطي دعاية سلبية أن الدولة ضد الحزب، إضافة للشائعات والتعديات مِن أفراد حاقدين على هذا الحزب، كل ذلك يصب في اتجاه واحد نحو خسارة للحزب في الانتخابات؛ ليخرج الشامتون ليقولوا: «هذا حجمهم الحقيقي، من أطفأ النور، شهادة وفاة لحزب النور»، ونحو ذلك من العبارات التي نحتسبها عند الله والموقف غدًا يوم القيامة، إضافة إلى شامتي الاتجاهات المسماة بالإسلامية ذات الانحراف العقدي والمنهجي.
 
كل هذا في محاولة أكيدة لدفع الشباب المتدين والسلفي خصوصًا إلى اليأس، يحرص على ذلك فريقان:
 
الأول: الاتجاهات المسماة بالإسلامية التي اتخذت الصدام منهجًا، والتي تدفع نحو فساد المجتمع بالدفع نحو اختيار أسوأ العناصر التي يرفضها المجتمع لتولي أخطر المناصب والمسئوليات؛ ليقع الضرر على البلاد والعباد لتسقط في موجة ثورية جديدة -حسب أحلامهم- تُسقط النظام، ولو دخلت الدولة والمجتمع مع ذلك في نفق الفوضى المظلم التي وقودها الشباب المتدين الذي يصيبه اليأس فيندفع في خيار الصدام الذي يضره ويضر دعوته قبل دولته ومجتمعه.
 
الثاني: الاتجاهات العلمانية التي تريد صبغ المجتمع بالصبغة الغربية، وتُوالي الغرب دون مصلحة دينها ووطنها، وهي تخالف الدستور الذي نص على أن "دين الدولة الرسمي هو الإسلام"، ولكن يريدونها -إلى حين- حبرًا على ورق، إلى أن يأتي وقت إزالة هذا الحبر مِن على الورق، ويصرحون بذلك بلا مواربة: "نختلف عقديًّا مع حزب النور حول الهوية الإسلامية للدولة المدنية"، والشباب المتدين هو الشوك في حلوقهم، إذا يئس فإما أن يترك العمل لله، وإما أن يقع فريسة لاتجاهات التكفير والعنف، ليطحنه المجتمع ويشوه صورة الإسلام، كما فعل الغرب مع داعش وغيرها، لتنمو وتتمدد لصالحه لا لصالح الإسلام والمسلمين ،كل هذا مع سكوت تام من رأس الدولة الذي نُحَمِّله المسئولية بلا شك، ونستعير الكلمة التي يقولها لنا ولغيرنا: «"نحاجك عند الله يوم القيامة"؛ لأنك تعلم أننا لسنا داعش ولا إرهابيين، وأننا نحب وطننا ونحرص على مصلحته، ونرفض الصدام والعنف والتكفير، وقد ظُلمنا ظلمًا بَيِّنًا في عهدك ومن أجهزة دولتك ولم تنصفنا، وقد أرسلنا استغاثات عدة، ولم نجد أذنًا صاغية، وهذا والله ليس في مصلحة البلاد».
 
أقول لشبابنا ورجالنا ونسائنا في كل مكان: بذلتم كل ما في وسعكم –أدعو الله أن يجعله خالصًا لوجهه- خذلكم مَن خذلكم، وخالفكم مَن خالفكم، وشمت بكم مَن شمت، وكل ذلك لا يضركم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة مِن أمتي على الحق ظاهرة لا يضرهم من خالفهم أو خذلهم حتى تقوم الساعة».
 
لا تيأسوا مِن روح الله إنه لا ييأس مِن روح الله إلا القوم الكافرون، الانتخابات البرلمانية وهذه الجولة منها ليست نهاية الأمر ولا هي الوسيلة الوحيدة للإصلاح، ولعل الله قد أراد أن ينزع مِن قلوبنا درجة لا يحبها من الركون للأسباب والظن أنه لا منجى لنا إلا بها، وأن يجعل قلوبنا متوكلة عليه وحده متوجهة إليه وحده، لا تعتمد ولا تثق إلا به، فلا تحسبوه شرًّا لكم، بل هو خير لكم. وكل بهتان اتهمتم به فهو خير لكم، ولكل امرئ منهم -ممن رماكم بالباطل يدعي أنه إسلامي أو غير إسلامي سلفي أو غير سلفي- مِن الإثم.
 
اختلطوا بالناس، وادعوهم إلى الله، وأوصلوا لهم صوت الحق، وأذكركم بفتوى الشيخ أحمد شاكر وفتوى العثيمين فراجعوهما.
 
تحملوا الأذى في سبيل الله -واحرصوا على وحدة بلدكم ومصلحته، وحافظوا على كل سبب يؤدي إلى عصمة دماء الناس وأعراضهم وأموالهم- إياكم أن تغيروا مِن منهجكم الذي التزمتم به، ديانةً لله لا لدنيا تصيبونها أو منصب تتبوَّءون، أكثروا مِن الذكر والدعاء وحسن العبادة والتضرُّع إلى الله عز وجل.

 
اللهم أغثنا برحمتك، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، وحسبنا الله ونعم الوكيل.