لكِ اللهُ يا مصر ‏

  • 148

تمر مصر بظروف صعبة وقاسية ربما لم تشهدها منذ سنين بعيدة، فحالة الطقس في هذه ‏الأيام لا تخفى على أحد، راح ضحيتها عشرا ت الأرواح نسأل الله أن يتقبلهم عنده فى الشهداء كما خلفت دمارًا كبيرا في البيوت والزراعات وحظائر الماشية ‏والطيور وغير ذلك، شمل ذلك العديد من المدن والقرى.
 
والحقيقة التي ينبغي أن نعترف بها أن هذه السيول التي نزلت على مصر كان يمكن أن تمر ‏بخير لو أن المسئولين عن البلاد عبر أكثر من ثلاثين سنة اتقَوا الله في مصر وأدوا ما كان ‏ينبغي عليهم واستخدموا أموالها وخيراتها في خدمة شعبها وفي صيانة طرقها وشوارعها ‏وبنيتها التحتية التي -مع الأسف- أُنشئت منذ القدم لتخدم مساحات أقل بكثير من ‏الواقع الحالي، وليستفيد منها عدد يقل بكثير عن عدد السكان الحالي.‏
 
إن ما حدث لمصر اليوم لاشك أنه حصاد فساد الأمس الذي استشرى في البلاد في ‏مؤسساتها وشركاتها ودواوينها فأهلكها حتى أضحت كالمرأة العجوز التي لا تستطيع ‏حراكا، وياله من حصاد مُر تتحمله بلا شك إدارة البلاد الحالية والتي هي مطالبة بسداد ‏فاتورة صعبة ومرهقة.‏
 
إن مصر تحتاج إلى إنقاد فعلينا أن نستعين بالله ويؤدى كل منا دوره؛ فإدارة البلاد عليها أن تبذل جهودا كبيرة لإنقاذ البلاد والأخذ بيدها للأمام، فأين ‏مراكز التدريب ومعاهدها التي تمارس تدريب الشباب الذين يشكلون أكثر من 60% من ‏السكان وذلك وفق خطط مدروسة لتخريج ما تحتاجه مصر من أيدي عاملة مدربة في ‏مختلف المجالات.‏
 
كما أن على إدارة البلاد أن تشجع المشروعات الصغيرة التي يستفاد منها في الاستهلاك ‏المحلي والتصدير للخارج.‏
 
إن مصر تحتاج إلى قرار جريء يمنح المستثمرين المصريين الصغار الأراض بالمجان أو بأسعار ‏رمزية لإقامة تلك المشروعات.‏
 
إن على إدارة البلاد وهي تواجه أزمة السياحة إحدى مصادر العملات الصعبة وذلك بعد ‏حاثة الطائرة الروسية أن تنظر بجدية إلى قائمة السلع المستوردة وتقلل من حجم المستورد ‏من العديد من السلع التي يمكن الاستغناء عنها أو تقليل المستهلك منها، ذلك لتخفيف ‏الضغط على العملات الصعبة من ناحية وزيادتها عن طريق التصدير من ناحية أخرى.‏
 
والشعب المصري عليه أن يضاعف الجهد في العمل ‏والإنتاج، عليه أن يذبح الكسل بسكين العمل، ويترك الانشغال بوسائل التواصل ‏الاجتماعي ليلا ونهارا والتي تضيع أوقات الكثيرين فضلا عن من يملأها سبًا وقذفا وسخرية واستهزاءً، متناسين قول الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا ‏خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا ‏تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ ‏الظَّالِمُونَ}.‏
لكِ اللهُ يا مصر، فإن أمام مسئوليها وشعبها طريق طويل، والله وحده المستعان.‏