تعليقًا على نتائج المرحلة الثانية

  • 175

ما كتبته تعليقًا على نتائج المرحلة الأولى هو بعينه تعليقي على المرحلة الثانية، وبالتالي هو تعليقي على الانتخابات ككل.
 
ويمكن أن نضيف بعض الملاحظات:
أولا: ما ذكرناه في تعليقنا على المرحلة الأولى لم ننفرد به من باب رفع المعنويات، بل قاله بعض أشد الخصوم، مثل الإعلامي ابراهيم عيسى -وإن كان قد قاله محرضا على مزيد من الإقصاء والتعنت- وكذلك قاله الأستاذ عماد الدين حسين في مقالة بعنوان: "أصوات حزب النور زادت ولم تقل!" وقد ذكر فيه ملاحظة في غاية الأهمية حول تعمد اللجنة العليا الاكتفاء بإعلان نتائج القائمة الفائزة فقط، حيث قال:
"لا أعرف السر وراء عدم إعلان اللجنة العليا للانتخابات حتى الآن عن حجم الأصوات التي حصلت عليها بقية القوائم بخلاف قائمة "في حب مصر" الفائزة في الجولة الأولى من الانتخابات النيابية الأخيرة.
 
لأيام طويلة حاولت الوصول إلى حجم الأصوات والنسبة المئوية التي حصل عليها حزب النور في انتخابات القائمة في غرب الدلتا، فلم أجد شيئا رسميا، خصوصا أن اللجنة العليا لم تعلن إلا أصوات "في حب مصر".
 
لكن الدكتور يونس مخيون رئيس حزب النور قال للإعلامي سيد علي مساء الثلاثاء قبل الماضي في برنامج «حضرة المواطن» على فضائية «العاصمة» إن حزبه حصل على ??? ألف صوت من إجمالي ?.? مليون صوت في القائمة أي نحو الثلث تقريبا وهو ما أكده لاحقا أيضا الدكتور ياسر برهامي.
 
و بعد أن ذكر هذا التساؤل والتعجب من حجب هذه المعلومات عن الرأي العام مع أهميتها من الناحية السياسية، واعتذر بهذا إلى أنه مضطر إلى الاعتماد على البيانات المعلنة من حزب النور نفسه، وانتقل إلى تحليل تلك النتيجة والتي جعلها عنوانا لمقاله وقال: "إذا صحت هذه المعلومة فمعنى ذلك أن كل ما قيل عن الهزيمة الانتخابية الساحقة لحزب النور لم تحدث إلا في خيال هؤلاء الناس".
 
وقد أبدى الاستاذ عماد الدين حسين قلقه مثلما أبدى الإعلامي إبراهيم عيسى انزعاجه وإن كان الأستاذ عماد الدين حسين أكثر رفقا حينما طالب بمواجهة الظاهرة دونما إقصاء.
 
ثانيا: تكرر في المرحلة الثانية ذات الأمر الذي حدث في الأولى من اكتفاء اللجنة العليا بإعلان نتيجة القائمة الفائزة، وبالتالي سوف يعتمد الجميع على النتائج المعلنة من الأحزاب، وقد كانت النتائج المعلنة من غرفة حزب النور كالتالي:
 
قائمة "في حب مصر" 3918126 بنسبة 68%
قائمة حزب النور 694086 بنسبة 12%
قائمة التحالف الجمهوري 631428 بنسبة 11%
قائمة تيار الاستقلال 485710 بنسبة 10%
 
ثالثا: توقع الجميع أن تكون المنافسة في قائمة القاهرة والدلتا هي الأشرس والأعنف، نظرا لقوة جميع القوائم ووفرة الرموز على كل منها، وبالتالي فيضاف هنا أن حزب النور قد جاء متقدما على جميع منافسيه السياسيين من قوائم التحالف الجمهوري وقوائم تيار الاستقلال،
 
وأنا أعلم بالطبع أن قائمة "في حب مصر" هي الفائزة، ولكن الجميع يعلم أنها كانت "خارج المنافسة" لأسباب كثيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر:
 
1-  جاذبية الاسم، وتوظيفه في توجيه الناخبين، لاسيما شريحة كبيرة من البسطاء.
 
2-  إيهام الناخبين أنها قائمة الدولة بل والرئيس.
 
3-  وجود عدد كبير من رموز الوطني السابقين، والتفاف عائلاتهم وأنصارهم حولها.
 
4-  وجود عدد كبير من رجال الأعمال فيها.
 
رابعا: الحزب يرى أنه حقق نتائج دون المتوقع، ولكنه يرى أنه في ظل القانون الذي أجريت به الانتخابات، وفي ظل الجو العام الذي جرت فيه الانتخابات تعتبر نتائج جيدة جدا، وهذا ما رآه بعض المحللين كالأستاذ عماد الدين حسين بل بعض الخصوم كالإعلامي إبراهيم عيسى، ولكن معظم القنوات والمواقع والجرائد ما زالت تدور ساقيتها في الاحتفال بالفشل الذريع لحزب النور، وإبداء الدهشة من اعتبار أن نتائجه جيدة، وهذا مما يؤكد أنه نتائج جيدة بالفعل، وإلا فهل ينفق كل هؤلاء أوقاتهم في محاربة حزب ميت والبلد مليئة بالأحزاب من مختلف التوجهات؟! وعموما فنرجو أن يحترموا وقت المشاهد والقارئ ولا يشغلوه كثيرا بحزب هم يزعمون أنه انتهى دوره.
 
خامسا: لا يعني هذا أن الحزب لا يحتاج إلى مراجعة آليات تعامله مع الانتخابات بكافة معطياتها، فهذا أمر حتمي، حتى لو حقق ما كان يستهدفه، ففي حق غيره من باب أولى.
 
سادسا: بيع الأصوات جريمة، ولها طرفان: بائع ومشترٍ، وهما ليسا سواء في الجرم، فالمشتري هنا يوظف أساليب كثيرة في ترغيب البائع وتهوين الجريمة عليه، والفئات التي تقبل بيع صوتها ليست بالكثيرة، ولكنها تكون مؤثرة جدا في حالة ضعف الإقبال -كما حدث في هذه الانتخابات- فلا ينبغي أن نلوم الناس بصفة عامة، بل يُلام كل صاحب برنامج لم يصل به إلى الفئات التي يقل فيها جدا بيع الأصوات، وهي الفئات التي كانت المقاطعة فيها أكير، كما أن علينا أن نرحم هؤلاء الذين باعوا أصواتهم، ونجتهد في الوصول إليهم وتوعيتهم بخطورة هذا الأمر، وبحرمته شرعا.
 
والخلاصة أن من يريد الإصلاح؛ فلا يجوز له بحال من الأحوال أن يسمح لنفسه أن تشعر بأي درجة غضب على الناس، بل يجب أن تمتلئ بمشاعر الحب والشفقة والنصح، ولا تكون كالأستاذ وجدي غنيم الذي يصر على أن شرعية د. مرسى جاءت بانتخابات شعبية ثم الآن صار أن 98% من الشعب عنده متلبسون ببدعة الإرجاء! وهذا الكلام مع المبالغة الشديدة فيه فالأخطر أن يأتي في سياق التهكم والسخرية، وليس في مقام النصح والإرشاد والتوجيه.
 
ويجب أن نعلم أن أصحاب المشاريع الإصلاحية لا ينبغي أن يقفوا عند وسيلة ولا ينبغي أن ينظروا إلى الوراء إلا لأخذ العبرة والعظة.
 
ويجب أن نبقى دائما مستحضرين -قولا وفعلا- قول نبي الله شعيب: {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ}
نسأل الله أن يجعلنا صالحين مصلحين، اللهم آمين.