هدم القيم وثقافة المقاومة

  • 142

تتعرض الأمة في كل بلادها لحملة شرسة لم نعهد لها مثيلًا، تهدف إلى هدم قيمها وثوابتها، وتغيير ولائها، وقبلة قلوبها، حملة تشكيك في كل شيء؛ ليتحول الإيمان إلى وجهة نظر تخالفها غيرها، ويتحول الخلق إلى عادات وتقاليد قابلة للتغيير، وتتحول العبادة إلى طقوس لا فرق فيها بين عابد الرحمن وعابد الأوثان، ويتحول الحرام والحلال إلى موروث قديم من العصور الوسطى، اصطنعه الشيوخ لأغراض سياسية أو اقتصادية، حتى قضية المسجد الأقصى وبيت المقدس والإسراء والمعراج مجرد حكايات لأغراض سياسية، قابلة للأخذ والرد والمناقشة، والصراع مع اليهود هو صراع على السلطة صبغ بصبغة دينية للترويج، لا فرق بين مسلم وكافر، وبر وفاجر، وعفيف وفاحش، الكل سواء  في مخطط شياطين الإنس؛ لتذويب المجتمعات المسلمة من خلال عشرات الألوف من الشركات والفضائيات والصحف والأدبيات والفعاليات مع الشباب، التي مهمتها الترويج للأفكار، وكل بثمنه، وأصبح ذلك علنًا لا سرًا، وجهرًا لا خفاءً.
 
ما الحل؟
الحل هو المقاومة للشر والفساد والنهي عنه، وعدم الاستسلام - رغم الفارق الهائل في القوة عسكريًا واقتصادًيا وإعلاميًا وسياسيًا -  مما يسيل له لعاب الكثيرين – بل الأكثرين – لكنها سنة الله في الحياة {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِين} (سورة يوسف: 103)، {فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّنْ أَنجَيْنَا منهم} (هود: 116)، {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (سبأ: 20)، وظنه الذي طابق الواقع هو {وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِين} (الأعراف: 17)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم "بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ؛ فطوبى للغرباء".
 
أسس هذه المقاومة:
في العلم النافع المبني على الدراسة المستدامة للكتاب والسنة، بفهم القرون الأولى التي مدحها الله {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} (التوبة: 100).
 
تعلمٌ حقيقي ليس فقط رفع شعار، ثم تربية صادقة، ومتابعة لمن جاءنا يسعى وهو يخشى، فإن التزكية لن تحصل من خلال مخاطبة الكتل في فضائية، أو من خلال صفحات التواصل التي تنفق فيها الساعات الطوال، مدمرة للأهداف المرجوة، بل والوسائل معها، فلن يجد من يقضى 4 ساعات على الـ "فيس بوك" والـ "واتس آب" فرصة لحضور درس، أو لقيام ليل، أو لقراءة كتاب؛ فلا بد من تعاهد مستمر لمجموعات من طلاب الحق "وَاخْتَارَ مُوسَى? قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِّمِيقَاتِنَا" (الأعراف: 155)، قال المفسرون اختارهم على عين، الأمثل فالأمثل، فبمثل هؤلاء تُبنى الأمم، ويزول البأس وتنتصر المقاومة، والله المستعان.
 
"وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ" (النحل: 127 - 128).