أزمة النقاب .. وقرارات خاطئة في غير وقتها

  • 151

أشعل قرار منع المنتقبات، من الطبيبات وهيئة التمريض من مستشفيات جامعة القاهرة، أزمة مفتعلة،  كانت البلاد في غنى عنها قطعاً، وهي تعاني أزمات حادة، واحتقانًا خطيرًا، واضطرابًا فظيعًا، وأزمة اقتصادية هائلة.
 
جاء هذا القرار من رئيس جامعة القاهرة، دون غيره من رؤساء الجامعات، وكأنه من حقه وحده أن يقيّم وأن يقرر وأن ينفذ!، وأن ما يراه هو الصواب دون غيره، وهو ليس بطبيب حتى يقدّر مدى الحاجة لكشف الطبيبة وجهها، أو عضوة هيئة التمريض، كذلك يضرب عرض الحائط بأحكام قضائية ما أظنها خفيت عليه؛ ومنها أحكام المحكمة الإدارية العليا التي يعلم تمامًا أنها معارضة لما يقوله، وإن زعم أن القضاء في الدرجة الأولى وقف معه، ولكن أحكام الإدارية العليا تعد مرجعًا لا بد من موافقته، وإلا كان حكم أول درجة باطلا. والحكم قد صدر بحق الطالبات وأعضاء هيئة التدريس والطبيبات والتمريض بارتداء النقاب أثناء الدراسة وأثناء تأدية العمل، ومثل هذا القرار في الحقيقة يهدم مصداقية الدولة التي يمثلها احترام الدستور والقانون والقضاء فضلًا عن الأصل الأعظم الذي هو الشريعة الإسلامية.
 
ثم كان تلقف الإعلام للقضية والبحث عن تصريحات وتصريحات مضادة ليشعل معركة، يسعون فيها لإلهاء الناس وما أظن ذلك سيحدث، فالكل يعلم أن أزمات البلاد لا دخل لها بالنقاب ولا بالسلفيين، ولكن مهاجمة السلفيين آمنة لأنهم لا يغضب لهم أحد، وشتمهم وسبهم والطعن فيهم أمر مباح عند الإعلام وغيره بل هو قربة يتقربون بها إلى رؤوس وأذناب تريد طمس هوية الأمة وفصلها عن إسلامها، تارة في الثوابت باسم حرية الفكر، وتارة في الأخلاق باسم حرية الإبداع، وتارة في الرموز باسم تجديد الخطاب الديني، حتى صار الأزهر أشد مؤسسة عريقة في الدولة عمرها مئات السنين ينال كل هذا القدر من الطعن والاستهزاء والهجوم، وتارة في الهيئة الإسلامية والحجاب والنقاب.
 
 البلاد تعاني من خطر انهيار اقتصادي يقتضي شعورًا بالخطر العام؛ ليتحمل الناس ما قد يفرض، أما مع الشعور لدى طائفة لا تحصى بالاضطهاد من الدولة، فهو يزيد السخط، ويدفع إلى التحوصل الخطير الذي يجعل الأفراد لا يشعرون بآلام بلادهم، والمخاطر المحدقة بها، ويصبح شعار "فليذهب الجميع إلى الجحيم" هو شعار المضطهدين.
 
البلاد تعاني من أزمة في التعليم، العلاقة بين الأستاذ والطالب هي أساسها، فأذكى شباب الأمة وأعلاهم درجات يقول عنهم وزير الصحة: "إنهم لا يصلحون لممارسة مهنة الطب". بعد كل هذه السنوات من الدراسة وهذا ظلم جديد للأطباء. وإن كان؛ فالوزير ووزارته والجامعات والتعليم هم المسئولون عن ذلك، فهلّا قاموا بدراسات لإصلاح منظومة التعليم وإصلاح العلاقة بين الطالب والأستاذ من الحضانة حتى الدراسات العليا، وإلا فمن يخرج من طلابنا للخارج يتفوق على الأجناس الأخرى !.
 
البلاد تعاني من خطر فساد عظيم، إن لم يحارب بصدق في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي فنحن على شفى هاوية.
 
هلّا قُدمت دراسات صادقة لمعالجة الفساد وتغيير منظومة التربية وأولها القدوة، حتى يمكن محاربة الفساد والقضاء عليه، وإلا فكل الإجراءات الاقتصادية وغيرها ستبوء بالفشل، ومهما جاءت مليارات القروض أو الاستثمارات فستخرج من ثقب القربة أعني الفساد.
 
البلاد تقبل على إجراءات تقشف خطير، إن لم يشعر المواطن الفقير أو المتوسط أن الغني هو الذي يدفع قبله فلن تمر الإجراءات بلا خسائر هائلة، فالخطر كبير ولا بد أن يستشعر الكل الأزمة القومية ليتحملوا بقلوب راضية.
 
كان الصحابة يربطون على بطونهم حجرًا من الجوع، وكانوا يرون الرسول -صلى الله عليه وسلم- يربط حجرين.
 
أما إذا قُسم المجتمع إلى طوائف يأكل القوي الضعيف، ويظلم الكبير الصغير فلن تحل المشاكل.
 
البلاد تعاني من الظلم المجتمعي الذي لا بد من إزالته لتبقى هيبة الدولة، فهيبة الدولة تكون بالعدل،
 
وإقامة الحق، وانتصاف الضعيف من القوي، كما قال أبو بكر رضي الله عنه: "والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ الحق له، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه". وليس بإباحة الظلم والاعتداء والتعذيب والسجن بلا بينات لطوائف من أبناء الشعب.
 
 البلاد تعاني من بطالة خانقة، تجعل الشباب يصل لليأس فلا بد أن تقدم الدراسات ثم الإجراءات التي تعطيهم الأمل والرجاء في رحمة الله بالبلاد في مستقبلها.
 
البلاد تعاني من غزو ثقافي خطير، من خلال شركات ترويج الأفكار المنحرفة ومنظمات المجتمع المدني التي تهتم بفاعليات من نحو التجارب الجنسية للمراهقين فوق 13 سنة من الفتيان والفتيات، وتجرئتهم على حكايتها بعيدًا عن والديهم، في ورش عمل مزعومة للحكايات، برعاية غربية شاملة وبإنفاق هائل كذا بفاعليات فنية واجتماعية تدور حول الموضوع نفسه باسم التمكين للشباب والتمكين للمرأة، من خلالها تدخل موضوعات هدم الأسرة وإذكاء العداوة بين طبقات المجتمع، حتى يتهيأ المجتمع لانفجار جديد لن يبقي أخضر ولا يابس.
 
البلاد تعاني من خطر جديد، قادم من الغرب، متمثل في انتقال داعش إلى ليبيا، مصر هي المقصودة بالتخريب، والأحداث التي مضت عبر سنتين وزيادة تهيء الجو لاستقطاب فئات كبيرة من الشباب الساخط على الظلم والعدوان على الثوابت، والذي يتم إقناعه بأن الدولة تحارب الدين، والإعلام أعظم وسيلة في ذلك.
 
كل هذه المخاطر الهائلة كنا نتمنى ألا يلتهي عنها أحد بمعارك لم نصنعها، ولو كانت مجرد رأي أو تصريحات لما رددنا عليها، لكنها للأسف قرارات للتنفيذ، تعرض حقوق طائفة كاملة للانتهاك باسم النظام وعدم الفوضى.
 
هلّا أدركنا الخطر؟!.