أمريكا وإيران.. والدول السنية

  • 172

أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي أوباما في حديثه لقناة "أتلانتا" سيلًاً من التساؤلات حول حقيقة العلاقة بين أمريكا وإيران!، التي أثنى عليها الرئيس الأمريكي، وانتقد بشدة كل من سماهم حلفاء أمريكا في المنطقة الذين يريدون جرها إلى حروب طائفية.

وكأن الاحتلال الأمريكي لم يقسم العراق على أسس طائفية، وتحت القيادة الشيعية التي ترى إيران وطنها الأول!
وكأن فتاوى منع المقاومة للاحتلال التي أصدرها علماء الشيعة والترحيب بالاحتلال لم يكن عملا طائفيًا شيعيًا دفعت فيه أمريكا من المال والدعم للطائفة الشيعية ما مكنها من العراق!
وكأن التطهير العرقي الذي تم بمقتضاه إجلاء أهل السنة جميعهم من جنوب العراق ليصبح مقاطعة شيعية يسكنها إيرانيون لا يتكلمون العربية لم يتم تحت سمع وبصر وحماية القوات الأمريكية المحتلة!
وكأن التدخل الإيراني في لبنان ثم في سوريا من خلال حزب الله ثم من خلال ميليشيات شيعية عراقية ثم مرتزقة أفغان شيعة لم يكن عملا طائفيًا!
وكأن الدعم الإيراني المعلن للحوثيين في اليمن الذي مزق وحدة اليمن وضرب استقراره وأشعل الحرب الأهلية في شرق البلاد وغربها وأصبحت وحدتها مرة ثانية حلما لا يزال بعيد المنال كأنه أيضا لم يكن عملا طائفيا!.
 
لقد عاش الشيعة كأقلية لها حقوقها في معظم دول المنطقة عبر التاريخ، لم يتعرضوا لإبادة ولا لتهجير قسري أو تطهير عرقي، في حين أن كل دولة سيطر عليها الشيعة أذاقوا أهل السنة فيها ألوان العذاب، وعرضوهم لاضطهاد لا مثيل له إلا في محاكم التفتيش في إسبانيا بعد احتلالها من الفرنجة وسقوط دولة المسلمين فيها، من أجل تغيير عقيدتهم.

بل إيران نفسها التي كانت أقليم خراسان وغيره كانت دولا ومجتمعات سنية منذ نحو ثلاثة قرون إلى أن قامت الدولة الصفوية فغيرت - بالحديد والنار والقتل والسجن والتعذيب والتهجير- عقيدة الناس إلى المذهب الشيعي الرافضي، وها هي العراق على الطريق وكان أكبر سبب في ذلك الاحتلال الأمريكي الذي ادعى كذبًا أن الشيعة أغلبية في العراق ليسلم لهم حكم العراق ويطلق ميليشياتهم لإبادة نحو المليون من عامة أهل السنة باسم محاربة الإرهاب، الشماعة المتكررة التي يتدخل بسببها الشرق والغرب في سوريا، وهم بالقطع يتركون الإرهاب يرتع ويمرح ويتمول ويجند الأفراد ويستقدم المهاجرين المخدوعين تحت سمع وبصر كل الدول، ثم تأتي كل الدول الغربية مع روسيا لتضرب المدنيين وفصائل المقاومة المعتدلة وتحاصر بالتعاون مع داعش والأكراد ملايين المدنيين في مدن سوريا المختلفة في إطار تقسيم عرقي واضح المعالم محدد المناطق على أسس عرقية منذ أكثر من عشر سنوات، كنا نظن خلالها أنها من أبعد ما يمكن، فصار مسلسل الفوضى الخلاقة والشرق الأوسط الجديد حقيقة واقعة، وأصبحت دول مثل السعودية ومصر ومن حولهما من الدول التي أفلتت بأعجوبة من مخطط التقسيم إلى الآن في مرمى الخطر خصوصا مع محاولات التغلغل الإيراني في جميع الدول العربية والإسلامية والإفريقية وأينما حلوا بدأ مسلسل الفتنة الطائفية والحروب الأهلية.
 
إن هذا الحديث الأخير لأوباما هو جرس إنذار لكل الدول السنية في المنطقة، فالغرب يعد إيران لاستلام مفاتيح دول المنطقة لتكون الشرطي المتفاهم معه على أولويات المصالح في هذه الدول، ما تم تقسيمه منها وما لم يتم ولكنه شرطي لا يكتفي بالمتفق عليه بل لعابه يسيل لتحقيق حلم الإمبراطورية الفارسية الشيعية على حساب هدم العربية والسنية، وإذا لم تدرك الدول العربية والإسلامية هذا الخطر وتتحد وتجتمع حقيقة وليس فقط رمزا، وتفهم مدى الغلو الفكري والسلوكي للشيعة عبر التاريخ والقسوة البالغة التي عاملوا بها أهل السنة إذا تسلطوا عليهم وإذا لم تقاوم هذه الدول منهجيا ودعويا وأمنيا التسلل الشيعي فلن تبقى لها قائمة، والتحالف الغربي الإيراني الذي أفصح عنه أوباما في فلتات كلامه والذي يؤكده تاريخ الثورة الإيرانية الخومينية التي تمت برعاية غربية وتضحية بالشاه رضا بهلوي بعد تهيئة إيران بالسخط الشعبي الكافي لتدميره من خلال القمع والتعذيب والتعاون الاجتماعي والاقتصادي الهائل بين طبقات المجتمع والسماح للخوميني بالتواصل مع أتباعه من باريس، وللأسف هو نفس المسلسل الذي كُرِّر ويكرر في دول عديدة، هذا التحالف لن يبقي لا دولة قومية ولا حركة دينية سنية حتى ولو أوهموهم وخدعوهم بأنهم معهم مؤيدون لهم لا يريدونهم بسوء حتى لو أمدوهم بالسلاح والمؤن كما حدث في غزة وأظهروا الدعم السياسي لقضاياهم فليس هذا إلا مسألة وقت يديرون لهم بعدها ظهر المجن، ليصلوا إلى غاياتهم في التمزيق والتخريب.
 
أوليس الدعم الذي تلقته جماعات إرهابية في سيناء من حزب الله وإيران أقوى دليل على ما يريدون ببلادنا؟

أوليس احتضان إيران لقيادات جماعات العنف والتكفير والصدام سنوات عديدة دليلا على ذلك؟
 
إن العلاج في مقاومة التقسيم والاختلاف والتفرق بينه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: «وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة».
فهلا أخذنا الدواء لنشفى من الداء!