خواطر حول الدعوة

  • 159

خواطر حول الدعوة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

- فمسيرة الدعوة لا بد أن تستمر مهما كانت العقبات... فلن نيأس، ولن نستسلم، ولن نحزن.

- ليس علينا النتائج، وإنما علينا تحقيق العبودية لله في العسر واليسر، في المنشط والمكره، فيما نحب وفيما نكره؛ قدَّر الله علينا بلاء التمكين أو قدَّر بلاء الاستضعاف.

- الإحاطة مِن صفات الله -عز وجل- وحده: (وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ) (البروج:20)؛ فليس الخلق مهما بلغوا مِن تخطيط ومكر، ومعلوماتٍ وقدرات؛ اقتصادية وعسكرية وإعلامية، وغيرها - يملكون لأنفسهم ولا لنا ضرًّا ولا نفعًا، ولا يملكون موتًا ولا حياة ولا نشورًا، ولا يقدرون على منع مَن أعطاه الله، ولا إعطاء مَن منعه الله، ولا هداية مَن أضله الله، ولا إضلال مَن هداه الله، ولا هزيمة مَن نصره الله، ولا نُصرة مَن خذله الله: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا) (الفرقان:31).

- أنزل الله -تعالى- على نبيه -صلى الله عليه وسلم-: (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ) (المائدة:3)، ودولة الإسلام لا تزال منحصرة في جزيرة العرب القاحلة التي لا تملك تاريخيًّا مقومات حضارة سابقة بأي اعتبار ثقافي أو عسكري أو اقتصادي، وحولها حضارة الفرس العريقة، وحضارة الروم المتمكنة "هي القوى العظمى في ذلك الزمان"، وسرعان ما انطلقتْ حضارة الإسلام تهزم الحضارتين دفعة واحدة في أقل مِن عشر سنوات مِن نزول الآية، وتصبغ الأمم والشعوب على اختلاف أجناسها بصبغتها الربانية التي لا تغفل جانبًا مِن جوانب حياة الإنسان في عقيدته، وعبادته، وسلوكه، وأخلاقه.

وفي نظام الدولة والمجتمع، وفي السياسة والاقتصاد، والقضاء والحكم، والإعلام، والأمر والنهي، والتعليم، ونظام الحكم، وقواعد الاجتماع، ونظام الأسرة والعلاقات بيْن الشعوب، بل واللغة، والعادات والتقاليد، وأنماط الحياة في الطعام والشراب واللباس، والمناسبات الاجتماعية مِن زواج، وميلاد وموت، وسفر، ونوم ويقظة... ! والله إنها لمعجزة مستقلة باهرة للنبي -صلى الله عليه وسلم- لمن تدبرها؛ فهلا أخذنا لأنفسنا مِن هذه القوة والعزيمة لتضرب الدعوة جذورها في مكان؟!

- محاولات تحجيم الدعوة وحصارها وإقصائها محاولات بشرية عاجزة، وأمرُ الله هو الذي ينفذ بهداية طوائف جديدة ليستْ مِن ثمرة دعوة الدعاة، وبالنصر مِن عنده بما لا تحتمله طاقة الدعاة وقدرتهم.

- لا يصح لنا أبدًا أن نكون ردود أفعال لمخططاتٍ جاهلة ظالمة، وأن ننجر إلى قضايا سخيفة نعلم جميعًا بطلان حجج مَن يثيرها وكذبه، وأنه في حقيقته شر مما يصفنا به، والواجب علينا أن ننظر فيما يحل وما لا يحل شرعًا؛ هل كان فعلنا موافقًا أو مخالفًا للوحي؟ أما كلام الناس والإعلام، ورضاهم وسخطهم؛ فلنجعله وراءنا ظهريًّا أو تحت أرجلنا.

- لا يصح للقاعدة أن تكون ضاغطة بصفة مستمرة على القيادة نحو اتجاهٍ معين، ولا يصح أن يعتبر أي فردٍ مقترحاته وآراءه واجبة القبول؛ إذا لم يؤخذ بها فهو ينسحب أو ينقلب أو يعادي! فالواجب النصح وبذل الجهد، ولكن ليس كل ما يُعرف يقال، ولا يلزم أن تكون كل معطيات القرار معلومة للجميع، والثقة لا بد أن تظل ثابتة، وحسن الظن لا بد أن يُقدَّم.

- الخطأ والصواب واردٌ على البشر جميعًا، والاجتهاد الثواب فيه بيْن أجر وأجرين، والأخوة الإيمانية يجب أن تظل راسخة في جميع الأحوال.
- المحافظة على الكيان الدعوي مكلفٌ وله ثمن، لكنه ضرورة البقاء، وهو روح الدعوة الذي إذا فقدته ماتتْ!
- البصيرة مِن الفرائض، والطاعات أسباب تحصيلها، قال الله -تعالى-: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف:108).

- الحق سوف يظهر، والدعوة سوف تنتصر، والإسلام سوف يعم الأرض -بإذن الله-: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (التوبة:33).