يارجال المال: "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"

  • 581

الأزمة الاقتصادية المعاصرة جزءٌ كبيرٌ منها ليس راجعًا إلى القرارات الاقتصادية وتاريخ الديون الطويل فحسب؛ بل راجعٌ إلى السلوكيات الفردية التي انتشرت حتى صارت كالجماعية في تعامُلات الناس، ابتداءً من أصحاب رءوس الأموال، ثم انتقلت العدوى المَرَضيّة إلى عامة التُجار، -بل عامة الناس- من الميل إلى الاحتكار والتخزين للسلع واستغلال حاجة الناس؛ لرفع الأسعار، بل -وهو الأخطر- الاحتكار والتخزين للعملة الأجنبية، رغم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الاحتكار، وقال: "لا يَحتكِر إلا خاطئ" وقال: "المُحتكِر ملعونٌ".

ومع ذلك فهذا السلوك الذي يعود على المجتمع كلِّه بالضرر ينتشر انتشار النار في الهشيم، والأكثر يتوقف عن النشاط التجاري والصناعي في انتظار ارتفاع الأسعار؛ وهذا في حد ذاته من أعظم أسباب زيادة الأسعار وتعقُّد الأزمة، ومن أعظم أسباب زيادة الحاجة إلى الاستيراد وبالتالي زيادة الحاجة إلى العملة الأجنبية؛ وهكذا ندخل في الحلقة المُفرَغة، ومهما ضَخّت بُنوك الدولة كمياتٍ من النقد الأجنبي فهو -دون عمل وإنتاج، ومع انتظار ارتفاع الأسعار والتخزين- كقِربَة مثقوبة سوف يفرغ مايصب فيها خلال أسابيع أو شهور.

والحلُّ:
أن نتراحم فيما بيننا، ونستشعر أن أعباء الإجراءات الاقتصادية لابُدّ أن نتحملها جميعًا، وليبدأ الأغنياءُ أصحابُ الأموال، وأن نتوكل على الله في أمر المستقبل، ولو قلّ ما بأيدينا، حتى لا يوجد فينا جائع أو عارٍ.
وأن نتوقف عن الرِّبا مهما أفتى من أفتى بجواز صور منه يسمونها بغير اسمها، فإن الأموال لا تلِد الأموال، ولا يمكن أن تكون العملة في حد ذاتها مصدرًا لزيادتها دون عمل تجاري أو صناعي أو زراعي، هذا يعود علينا جميعًا بالضرر، فضلًا عن حرب الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.

ولنَعطِف على الفقير والمسكين والمكروب، ولنستشعر روح الجسد الواحد؛ حتى يرد الله عنا كيدَ الأعداء المتربصين.