مصر في القرآن والسُّنة

  • 186


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد ذُكرتْ "مصر" في "القرآن الكريم" في ثمانية وعشرين موضعًا، منها ما هو صريح في أربعة مواضع موزعة على ثلاث سور مِن القرآن، وهي: "يونس - ويوسف - والزخرف".

ومنها ما هو غير صريح، كقوله -تعالى-: (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ(يوسف:55). و(خَزَائِنِ الأَرْضِ) هنا: تعني خزائن مصر.

وقوله -تعالى-: (وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ(القصص:6). والأرض في الآية هي مصر، وقد ذكرت في عشرة مواضع باسم الأرض في القرآن، كما ذكر عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-.

قال الله -تعالى-: (وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنْ النَّاصِحِينَ)(القصص:20)، وقال -تعالى-: (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ(المؤمنون:50).

قال بعض المفسرين: "هي مصر".

وقال بعض علماء مصر: "هي البهنسا"، وقبط مصر مجمعون على أن المسيح عيسى بن مريم وأمَّه -عليهما السلام- كانا بالبهنسا، وانتقلا عنها إلى القدس، وقال بعض المفسرين: "الرَّبوة: دمشق".

وقال -تعالى- حين وصف مصر، وما كان فيه آل فرعون مِن النِّعمة والمُلك بقوله -تعالى-: (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ . وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ . وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ(الدخان:25-27)، وقوله -تعالى-: (وَالطُّورِ . وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ(الطور:1-2)، وقوله -تعالى-: (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلآكِلِينَ(المؤمنون:20).

فهل يُعلم أن بلدًا مِن البلدان في جميع أقطار الأرض أثنى عليه "القرآن الكريم" مثلما أُثني على "مصر"؟!

بل أعظم مِن ذلك أنه تجلَّى -عز وجل- للجبل بصورةٍ لم تحدث إلا في "مصر" عندما طلب موسى -عليه السلام- أن يراه قائلًا: (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا)(الأعراف:143).

وهذا الجبل هو جبل الطور بسيناء المصرية.

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ، فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا(رواه مسلم). فأما الرحم: فإن هاجر أم إسماعيل -عليهما السلام- مِن القبط. وأما الذمة: فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- تسرى مِن مارية، وهي أم إبراهيم بن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهي مِن القبط.

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اللهَ اللهَ فِي قِبْطِ مِصْرَ، فَإِنَّكُمْ سَتَظْهَرُونَ عَلَيْهِمْ، وَيَكُونُونَ لَكُمْ عِدَّةً وَأَعْوَانًا فِي سَبِيلِ اللهِ(رواه الطبراني، وصححه الألباني).

حفظ الله مصر وأهلها مِن كل مكرٍ وكيدٍ، وجعلها آمنة مطمئنة.