عاجل

نور مِن النور

  • 217

كتبه/ جمال فتح الله عبد الهادي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد قال الله -تعالى-: (رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) (النور:37).

فخص الرجال بالذكر في هذه الآية؛ لأنه ليس على النساء جمعة، ولا جماعة في المسجد.

وهؤلاء الرجال لا تلهيهم تجارة، ولا بيع عن الصلاة المكتوبة في جماعة؛ فهؤلاء مِن رواد المساجد, ما بيْن قائم، وراكع، وساجد.

وهذه صفاتهم:

مِن علامة أحدهم أنك تَرى له قوة في دين، وعزمًا في لين, وإيمانًا في يقين، وحرصًا في علم، وعلمًا في حلم، وقصدًا في غنى، وخشوعًا في عبادة، وتجملاً في فاقة, وصبرًا في شدة، وطلبًا في حلال، ونشاطًا في هدى، وتحرجًا عن طمع.

يعمل الأعمال الصالحة وهو على وجل؛ يُمسي وهمه الشكر، ويُصبح وهمه الذكر، يمزج القول بالعمل، تراه قريبًا أمله، قليلاً ذللـه, خاشعًا قلبه, قانعة نفسه، منزورًا أكله، سهلاً أمره، حريزًا دينه، ميتة شهوته، مكظومًا غيظه.

الخيرُ منه مأمول، والشرُ منه مأمون, إن كان في الغافلين كُتب في الذاكرين، يعفو عمَن ظلمه، ويعطي مَن حرمه، ويصل مَن قطعه، بعيدًا فحشه، لينًا قوله، غائبًا منكره، حاضرًا معروفه، مقبلاً خيره، مدبرًا شره.

وفي الزلازل وقور، وفي المكارة صبور، وفي الرخاء شكور، لا ينابز بالألقاب، ولا يضار بالجار، ولا يشمت بالمصائب، ولا يدخل في الباطل، ولا يخرج مِن الحق.

إن صمت لم يغمه صمته، وإن ضحك لم يعلُ صوته؛ نفسه منه في عناء، والناس منه في راحة.

إنه مِن رواد المساجد ما بيْن قائم وراكع وساجد.

فاللهم اجعلنا منهم، اللهم آمين.

والحمد لله رب العالمين.