"الأزهر"... واستعادته لدوره الريادي

  • 145

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فلقد لمسنا في الفترة الأخيرة استعادة "الأزهر" لمكانته الريادية، والأخذ بزمام المبادرة في التصدي للمسائل الشرعية المُثارة، والتي تَمَس المجتمع، والدفاع عن ثوابت الدين، وكذلك تَفَاعله الكبير مع قضايا المسلمين في العالم، وكان آخرها موقفه مِن قضية مسلمي "الروهينجا" بـ"بورما"، والبيان القوي الواضح الشامل، الذي ألقاه فضيلة الدكتور "أحمد الطيب" شيخ الأزهر.

إن "الأزهر" مؤسسة كبيرة مِن أكبر وأقوى مؤسسات الدولة، وقوة الدولة في قوة مؤسساتها، كما أن "الأزهر" يتمتع بمكانةٍ كبيرة في قلوب المصريين والمسلمين في العالم، و"للأزهر" دور كبير في الحفاظ على لُحْمَة الشعب المصري، وهُوِيَّتِه واستقراره، وحمايته مِن الطائفية المَقيتة والمذاهب الهَدَّامة، كما أن له دورًا كبيرًا كقُوَّةٍ ناعِمَةٍ -لم تُسْتَغَلّ بعد- لِمَدِّ جسور التواصل مع العالم الخارجي؛ فكم خَرَّج "الأزهر" مِن علماء ودعاة كانوا خير سفراء لمصر بالخارج، وكم كان لـ"مشايخ الأزهر" -عبْر تاريخه- مِن مواقف عظيمة؛ لنصرة الحق والدفاع عن الإسلام والذَبِّ عنه.

إن "الأزهر" تَعَرَّضَ لمؤامراتٍ منذ عقودٍ مِن أجل تهميشِه وتحجيمه، وإضعاف مكانته كمؤسسةٍ قوية مستقلة، لها تأثيرها القوي في مصر والعالم؛ حدث هذا على يد نُظُمٍ استبدادية، وكذلك لحساب مناهج وأيديولوجيات لا تريد أن يكون الإسلام ضابطًا لحركة المجتمع، ومرجعية حاكمة لتشريعاته ونُظُمِه، وسلوكه وأخلاقياته!

وقد رأيت بنفسي -عندما كنتُ عضوًا في لجنة المائة لوضع مسودة الدستور- المُمانَعَة الشديدة لوضع مادةٍ في الدستور خاصة "بالأزهر" تحافِظ على مكانته، وحقه كمرجعية لكل ما يخص الشئون الإسلامية، وكانت هذه المُمانَعَة مِن أعضاء ينتمون للفكر "الليبرالي، والعلماني، والاشتراكي".

وما زال "الأزهر" يتعرض للهجوم بطريقةٍ تعدت حدود النقد البَنَّاء إلى الابتذال والتشويه المُتَعَمَّد، وسوء الأدبِ بطريقةٍ لا يجرؤ أصحابُها أن يمارسوها مع أي مؤسسةٍ أخرى!

وعجبًا أن تتعرض مؤسسة هي "فخر للمصريين" لهذا التشويه مِن أبناء وطنها، ولصالح مَن؟!