• الرئيسية
  • المقالات
  • (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ)... مع عامٍ هجريٍ جديد

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ)... مع عامٍ هجريٍ جديد

  • 202

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد انتهى عام هجري، وبدأ عام جديد... فماذا فعلتَ فيما مضى؟!

وماذا تعد لما هو آت؟! لا بد مِن توبة نصوح.

ومِن نعمة الله علينا أن بعد أيام يأتينا صيام يوم "عاشوراء" -ذلك اليوم الذي نجَّى الله فيه موسى عليه السلام-، وما فيه مِن أجر تكفير ذنوب عام مضى.

قال الله -تعالى-: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) (البقرة:197)، فالتقوى والإيمان خير زاد يضيء جنبات القلب، ويسري أثر ذلك على الجوارح والنيات والأعمال، ولكن  لا بد أن نتعلم وندرس منازل الإيمان؛ ليتحقق فينا كواقع له أثر نسعد به في الدنيا، ونفوز به في الآخرة. 

ولابد أن نتعلم منزلة المروءة، وما يجب على المرء السوي العاقل، البعيد عن دناءات الشيطان والحيوان، كيف يحيا ويتعامل مع نفسه، ومع الخلق، ومع الخالق -عز وجل-؟!

ومنزلة "المروءة": فعولة مِن لفظ المرء، كالفتوة مِن الفتى.

وحقيقة المروءة: اتصاف النفس بصفات الإنسان التي فارق بها الحيوان والشيطان.

جوانب النفس:

1- شيطاني: يدعوها للكبر والحسد، والبطر والبغي، والشر والأذى والفساد.

2- حيواني: داعي الشهوة والشره.

3- ملكي: الإحسان والنصح، والبر والعلم والطاعة "أي ملائكي".

فحقيقة المروءة: بغض الداعي الأول والثاني، وإجابة الداعي الثالث "أي الملائكي".

وقلة المروءة: الاسترسال مع الداعيين الأول والثاني "الشيطاني والحيواني".

درجات المروءة:

مروءة الترك: ترك الخصام والمعاتبة والمماراة، والتغافل عن عثرات الناس، وإشعارهم أنك لا تعلم لأحدٍ منهم عثرة، والتوقير للكبير، وحفظ حرمة النظير، ورعاية أدب الصغير.

الدرجة الأولى: "مروءة المرء مع نفسه":

حملها قسرًا على ما يجمل ويزين، وترك ما يدنس ويشين ليصير لها ملكه في العلانية، فمَن عمل شيئًا في سره وخلوته ملكه في جهره وعلانيته، وبالجملة لا يفعل خاليًا ما يستحيي مِن فعله في الملأ؛ إلا ما لا يحظره الشرع والعقل، ولا يكون إلا في الخلوة.

الدرجة الثانية: "المروءة مع الخلق":

يستعمل معهم شروط الأدب والحياء، والخلق الجميل، ولا يظهر لهم ما يكرهه هو مِن غيره لنفسه، وليتخذ الناس مرآة لنفسه؛ فكل ما كرهه ونفر عنه مِن قول أو فعل أو خُلُق فليجتنبه، وما أحبه مِن ذلك واستحسنه فليفعله.

ويسهل معرفة المروءة ومكارم الأخلاق ممن لا يحسنهما.

الدرجة الثالثة: "المروءة مع الحق -سبحانه-":

وهو الاستحياء مِن نظره إليك، واطلاعه عليك في كل لحظة ونَفَس، وإصلاح عيوب نفسك جهد الإمكان× لأنها مباعة لله -عز وجل-، ولا بد مِن تسليم السلعة دون غشٍّ أو عيبٍ، طيبة بها نفسك زكية، ناضجة بالإيمان، ومذاقه وحلاوته.

ومما يعين على ذلك كله: اليقين بأن كل صغير وكبير مستطر، وأن مكارم الأخلاق مِن أصول الدين، وأن مردنا إلى الله -عز وجل-، وأن الله سميع بصير، مهيمن رقيب، وأن ملائكة الرحمن عن اليمين وعن الشمال، ومِن بيْن أيدينا ومِن خلفنا، يحفظوننا مِن أمر الله؛ مما لم يقدِّر الله لنا، فلنكن أهل مروءة وإيمان لنفوز بجنة الرحمن.

وصلِّ اللهم وسلم على محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم.