فضل المحرم... وخرافات الرافضة!

  • 164

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد قال الله -تعالى-: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) (التوبة:36).

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَفْضَلُ الصِّيَامِ، بَعْدَ رَمَضَانَ: شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ: صَلَاةُ اللَّيْلِ) (رواه مسلم).

قال أبو عثمان النهدي -رحمه الله- عن السلف: "كانوا يعظمون ثلاث عشرات: العشر الأخير مِن رمضان، والعشر الأول مِن ذي الحجة، والعشر الأول مِن المحرم".

وقال الحسن -رحمه الله-: "إن الله افتتح السَّنة بشهرٍ حرام، وختمها بشهرٍ حرام؛ فليس شهر في السَّنة بعد شهر رمضان أعظم عند الله مِن المحرم".

واليهود كانوا يعظمون يوم عاشوراء ويصومونه، ويتخذونه عيدًا لهم؛ لأنه اليوم الذي نجى الله فيه موسى -عليه السلام- مِن فرعون، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ وَجَدَ الْيَهُودَ يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ، فَسُئِلُوا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالُوا: هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي أَظْهَرَ اللَّهُ فِيهِ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ، وَنَحْنُ نَصُومُهُ تَعْظِيمًا لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ)، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. (رواه مسلم)، وبيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- ثواب صيامه، فقال: (يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ) (رواه مسلم).

وكان الصحابة -رضي الله عنهم- يصوِّمون فيه صبيانهم؛ تعويدًا لهم على هذا الفضل، فعن الربيع بنت معوذ -رضي الله عنها- قالت: أَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الْأَنْصَارِ، الَّتِي حَوْلَ الْمَدِينَةِ: (مَنْ كَانَ أَصْبَحَ صَائِمًا، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، وَمَنْ كَانَ أَصْبَحَ مُفْطِرًا، فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ) فَكُنَّا، بَعْدَ ذَلِكَ نَصُومُهُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ مِنْهُمْ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَنَذْهَبُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهَا إِيَّاهُ عِنْدَ الْإِفْطَارِ. (متفق عليه)، فهذا عمل النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحبه الكرام، وسلف الأمة المبارك، ثم ظهرت بعد ذلك فرقة الرافضة، والتي ابتدعت بدعًا لم ولن تكون يومًا مِن الدين، مِن إقامة العزاء، واللطم، وشق الجيوب، وإسالة الدماء، وكثير مِن الخرافات؛ بزعم إحياء ذكرى مقتل الحسين -رضي الله عنه- مع أنهم هم سبب قتله -لعن الله قاتله!-.

قال ابن رجب -رحمه الله-: "وأما اتخاذه مأتمًا كما تفعل الرافضة لأجل قتل الحسين -رضي الله عنه-؛ فهو مِن عمل مَن ضل سعيه في الحياة الدنيا وهو يحسب أنه يحسن صنعًا، ولم يأمر الله ولا رسوله -صلى الله عليه وسلم- باتخاذ أيام مصائب الأنبياء وموتهم مأتمًا؛ فكيف بمَن هو دونهم؟! ولذلك أوجب الله -تعالى- على الأمة عدم ظلم نفسها في هذه الأشهر الحرم، فقال -تعالى-: (فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) (التوبة:36).

قال ابن عاشور -رحمه الله-: "(فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ): تَفْرِيعٌ عَلَى (مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) فَإِنَّهَا، لَمَّا كَانَتْ حُرْمَتُهَا مِمَّا شَرَعَهُ اللَّهُ؛ أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَى النَّاسِ تَعْظِيمَ حُرْمَتِهَا بِأَنْ يَتَجَنَّبُوا الْأَعْمَالَ السَّيِّئَةَ فِيهَا" (التحرير والتنوير).

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "فلا تظلموا فيهن أنفسكم في الاثنى عشر"، وروي عن محمد بن الحنفية -رحمه الله- قال: "فيهن كلهن"، وقال قتادة -رحمه الله-: "العمل الصالح أعظم أجرًا في الأشهر الحرم، والظلم فيهن أعظم مِن الظلم فيما سواهن، وإن كان الظلم على كل حال عظيمًا".

وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "(فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ): يريد استحلال الحرام، والغارة فيهن".

وقال محمد بن إسحاق بن يسار: "لا تجعلوا حلالها حرامًا، ولا حرامها حلالًا كفعل أهل الشرك، وهو النسيء".

وهنا يبدر السؤال: هل ما تفعله الرافضة يندرج تحت مسمى الظلم أم لا؟!

وأظن أن الإجابة واضحة؛ فهو مِن أعظم الظلم والافتراء على كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وآل بيته الكرام، وأصحابه الأفاضل -رضي الله عن الجميع-.