شبهات الملاحدة (3) لماذا خلق الله الشر؟!

  • 189

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

الشبهة الثالثة: لماذا خلق الله الشر؟!

لماذا خلق الشر؟! فطالما أن الشر موجود؛ إذن الرب غير قادر على مَنْعِه، أو هو رَبٌّ شرير، وإن كان لا يريد الشر فقد خلقنا وتركنا.

أولًا: لا بد مِن إثبات أن كل ما في الكون مِن خيرٍ وشرٍ قد خلقه الله -تعالى-، وأراد وجوده؛ وإلا إذا وجد شيء في كون الله -تعالى- وهو لم يرده، فمعنى ذلك أنه وُجد رغمًا عنه! فكيف يكون إلهًا ويوجد في كونه ما لم يرده؟!

ثانيًا: هذه الإرادة لوجود الشر لا تعني محبته له، فهو قد شاء وجوده مع بغضه له.

والسؤال: إذن لماذا أوجده وهو لا يحبه؟

أوجده لحكمٍ كثيرة، يترتب عليها خيرات كثيرة لم تكن لتوجد؛ لولا وجود الشر.

فعلى سبيل المثال: قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ) (رواه مسلم)، فهذه الذنوب لا يحبها الله -تعالى-، ولكن أراد وجودها؛ لما يترتب عليها مِن خيراتٍ كثيرة تصل لعباد الله -تعالى-.

منها: فيستغفرون فيغفر الله لهم.

ومنها: الإنكار على مَن يفعل الذنب؛ فتظهر عبادة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله؛ فيوجد شهداء وهو يحب ذلك -سبحانه-، وفيه خيرٌ كثيرٌ لمَن يموت شهيدًا؛ ولذلك قال -سبحانه- في بيان بعض الحِكَم مِن وجود الذنب الذي وقع مِن بعض الصحابة في مخالفة أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوة "أُحد": (وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ) (آل عمران:140).

ويوضح هذا أيضًا: أننا نجد في بعض المخلوقات المقدورات شرًّا كالحيات والعقارب، هو شر بالنسبة لنا، لكنه خير بالنسبة إليها؛ فهو سبيلها للبقاء والغذاء.

أما القول بأنه رب شرير؛ لأنه خلق الشر، فَبَاطِلٌ؛ بل هو خَلَقَ الشر وركَّب فيك معرفتَه حتى تجتنبَ الشر وترفضَه وتمنعَه، وَتُقْبِلَ على الخير وتفعله؛ إذن هو إله خير.

وإذا خلق الله الخير فقط ولم يخلق الشر؛ فإن ذلك قد يشير إلى نقصٍ في قدرته -تعالى-؛ لأنه يعني قدرته على خلق الخير فقط! أما خلق الشر فإنه يعجزه! تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا؛ لأنه على كل شيءٍ قدير -سبحانه وتعالى-، ومعنى كل شيءٍ هو الشيء وضده.

والحمد لله رب العالمين.