حتى نفوز برمضان (2)

  • 141

رمضان... مِن أجل الفوز بالجنة ونعيمها!

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فالجنة ونعيمها هي غاية المؤمن وأمله وأقصى طموحه، صنعها الله -تعالى- بيده ليكافئ بها أهل طاعاته مِن المؤمنين، ورمضان شهر تربية وتدريب، ومعسكر للقلب والروح للفوز بديار الجنة.

فهي المنزل الذي تزول فيه  تمامًا مِن نفس المؤمن كل معاناته في الحياة الدنيا بمجرد أن يشم ريحها وتهب عليه نسائمها، ويضع فيها قدمه؛ فهي دار السعادة التامة الكاملة التي لا تعرف كدرًا مطلقًا، عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (يُنَادِي مُنَادٍ: إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فَلَا تَسْقَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فَلَا تَمُوتُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فَلَا تَهْرَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فَلَا تَبْأَسُوا أَبَدًا)، فَذَلِكَ قَوْلُهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: (وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (الأعراف:43). (رواه مسلم).

فيها مِن النعيم ما لا عين رأت، مهما كان الثراء الذي رأته هذه العين، ومهما كانت إمكانات صاحبها مِن مُلك، فكل نعيم الدنيا بأسره لا يساوي شيئًا يذكر بجانب نعيم الجنة، فيها مِن النعيم ما لم يخطر على قلب بشر أو يتخيله عقل، نعيمها مديد فريد.

تخيل... أن طفلًا يقول لك وهو صادق: معي لك مبلغ مِن المال، فكم تتوقع أن يعطيك هذا الطفل؟!

ثم ارتقِ وتخيل أن ثريًّا مِن الأثرياء قال لك وهو صادق أيضًا: معي لك مبلغ مِن المال؛ فكم تتوقع أن يعطيك هذا الغني من المال؟!

قطعًا سيفوق مبلغ الطفل أضعافًا مضاعفة تتناسب مع قدرته وغِناه.  

ثم ارتقِ وتخيل أن أغنى ملوك ورؤساء الأرض قال لك وهو صادق: سأهديك ما يسعدك في حياتك؛ فما تتوقع أن يصنع لك؟! ومهما بلغ مِن عطاء لك هل يستطيع أن يمنع عنك منغصات الحياة؟! بالتأكيد، لا.

ارتقِ واسمع لوعد رب العالمين، مالك السموات والأرض، ومَن بيده خزائن الفضل والإنعام، ومَن بيده مقاليد الأمـور يقول: (أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ، مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ذُخْرًا بَلْهَ، مَا أُطْلِعْتُمْ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَرَأَ: (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (السجدة:17) (متفق عليه)، بل إن رياح الجنة إذا هبت على المؤمنين مِن قبل أن يدخلوها، شعروا منها بغاية السعادة، والطمأنينة، وقمة الرضا، فعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا) (رواه البخاري).

جعلني الله -تعالى- وإياكم ووالدينا وأزواجنا وذرياتنا مِن أهلها.

وللحديث بقية -إن شاء الله-.