مجاهدة النفس بكثرة السجود (10) مِن أذكار السجود

  • 191

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

- قراءة القرآن:

إذ محل القراءة في الصلاة في القيام فقط، ولا تكون في الركوع أو السجود، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- عند مسلم مرفوعًا: (أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ). فالسجود للتسبيح والدعاء والذكر.

- تخصيص شيء لسجود الجبهة عليه كما يفعل الشيعة الاثنى عشرية في إيران؛ بدعوى أن السجود لا يكون إلا على التراب ومشتقاته، فيصنعون مِن التراب هيئات مختلفة يحملونها معهم -خاصة مِن تربة كربلاء التي يتبركون بها- فيضعون جبهتهم عليها في السجود، وهي بدعة ضلالة لم تعرف في عهد النبوة والسلف الصالح.

وقد وردت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أذكار عديدة في الصلاة، منها ما هو خاص بالسجود، ومنها ما يقال في الركوع والسجود، ومنها ما يقال في الصلاة عامة.

ومِن الأذكار النبوية في السجود:

- التسبيح: بقول: "سبحان ربي الأعلى"، والمعنى: أنزه ربي وأقدسه عن كل النقائص. والمستحب ألا يقل التسبيح عن ثلاث تسبيحات، بل يزيد عليها.

- ذكر: (اللهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) (رواه مسلم). (وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ): أي فلق وفتح. (أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ): أي المقدرين والمصورين.

- ذكر: (اللهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ دِقَّهُ، وَجِلَّهُ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ وَعَلَانِيَتَهُ وَسِرَّه) (رواه مسلم). (دِقَّهُ): قليله. (وَجِلَّهُ): كثيره. وفيه تفصيل بعد إجمال، فقليله وكثيره، وأوله وآخره داخل في عموم: (اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ)، وفيه مزيد اعتراف وإقرار بالذنوب على اختلافها.

- ذكر: (اللهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ) (رواه مسلم).

(وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ): أي أعوذ بك مِن سخطك أو مِن عذابك.

قال الخطابي -رحمه الله-: "استعاذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسأله أن يجيره برضاه مِن سخطه، وبمعافاته مِن عقوبته، والرضا والسخط ضدان متقابلان، وكذلك المعافاة والمؤاخذة؛ فلما صار إلى ذكر ما لا ضد له استعاذ به منه لا غير".

(لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ): أي لا أطيقه ولا أبلغه.

(أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ): اعتراف بالعجز عن الثناء، وأنه لا يقدر على بلوغ حقيقته، فكما لا يعلم نهاية لصفاته، فكذلك لا نهاية للثناء عليه؛ لأن الثناء تابع للمثنى عليه، فكل ثناء أثنى به عليه وإن كثر وبالغ فيه؛ فقدر الله أعظم وصفاته أكثر، وفضله وإحسانه أوسع.

وهذا استغفار مِن التقصير في بلوغ الواجب في حق عبادته والثناء عليه.