عاجل

(وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا)

  • 170

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فان مِن أشرف الطاعات فضلًا وأثرًا وثمرة، طلب العلم الشرعي المنسوب إلى الله -تعالى-، وإلى رسوله -صلى الله عليه وسلم-، إلى كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وما أمر الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- بالزيادة مِن شيءٍ إلا العلم الشرعي، شريف النسب والأصل، فقال له: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) (طه:114).

فالعلم بالكتاب والسُّنة يَرفع قدر العبد في الدنيا والآخرة شرفًا وفضلًا، ويسلك بالعبد طريقًا إلى الجنة إذا حسنت النية، وحدد الغاية والهدف مِن رفع الجهل عن نفسه وأمته، والعلم بما يجب عليه اعتقاده والإيمان به مِن الغيب، مِن أركان الإيمان الستة وما يتفرع عنها؛ وخاصة الإيمان بالله وربوبيته وإلهيته وأسمائه وصفاته، وأثر هذه المعرفة مِن زيادة محبته والخوف منه ورجائه -سبحانه-، والإيمان باليوم الآخر، وما قبله وما فيه مِن أحداث وما بعده مِن جنةٍ أو نار؛ هذه المعرفة تقرِّب مِن الرحمن وترغِّب في الجنان، وتخوف مِن النيران.

والعلم بشرعه -سبحانه-، وأمره ونهيه "وهو الفقه في الدين"، ومعرفة العبادات صحة وبطلانًا، والمعاملات والسلوكيات والاخلاق؛ فبهذا العلم تزكو النفس ويصلح القلب، ويزيد الإيمان والقرب مِن الرحمن، وحسن الصلة بالعباد، وحسن الأثر بيْن الناس سلوكًا وخلقًا، وهذا العلم الشريف الشرعي ينير القلب والطريق إلى رضى الرب، وراحة النفس والسكينة، والسعادة الحقيقية الموصوفة في كتاب الله وأحاديث رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- التي هي الحياة الطيبة، قال -تعالى-: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) (النحل:97).

والعلم عبادة، والله قال: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) (الحجر:99). أي: الموت.

فالعلم إلى الممات طاعة لرب الأرض والسماوات، قال محمد بن الحسن الشيباني -رحمه الله-: "العلم مِن المهد إلى اللحد".

وقال الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله-: "مع المحبرة إلى المقبرة".

رحم الله علماء الأمة الذين ضربوا المثل والقدوة في علو الهمة في طلب العلم والعمل به والدعوة إليه وبه.

اللهم زدنا إيمانًا ويقينًا وفقهًا.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.