(وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا)

  • 131

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فإن حياة المسلم ممتدة في الحياة الدنيا، ومتصلة بالحياة الآخرة مِن العمل الصالح، وهذه هي الحياة الطيبة التي يعيشها في الدارين، قال -تعالى-: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) (النحل:97)، هي الحياة السعيدة الهادئة الساكنة المطمئنة في الدنيا بما يقدِّم مِن العمل الصالح مع الإيمان.

فيكتب له الرحمن ما يعمل مِن خيرٍ، وآثار سعيه في هذا الخير مِن: صلاةٍ، وبرٍّ، وإحسانٍ وصدقةٍ، وإصلاح بيْن الناس، ودعوة لها أثر في حياته وبعد مماته، ويكتب الله له آثار أعماله بعد وفاته مِن علمٍ أو سعي في الخير أو ولدٍ صالح يدعو له، أو دعوة أو عمل ينتفع به الناس في دينهم أو دنياهم بعد مماته مِن سنة حسنة سنها جرى نفعها بعد وفاته إلى يوم القيامة، أو شر فعله في حياته وترك أثرًا له بعد وفاته مِن سنة سيئة سنها فعمل بها الناس بعد وفاته.

فالله -تعالى- يكتب أعمال العبد مِن خيرٍ أو شر في حياته، وآثار سعيه كذلك في حياته، وآثار أعماله بعد وفاته مِن خير أو شر، فاجعل لك مِن الخير والعمل الصالح بعد وفاتك ما تفرح به يوم القيامة ويمتد أثره ونفعه للمسلمين بما يكثر لك الحسنات ويثقل لك الميزان، ويرضى الرحمن، وتدخل به الجنان، وتنجو به مِن النيران، وترتفع به في الدرجات وتربح به الدعوات المباركات الطيبات، وبما تسبق به كثيرًا مِن الناس إلى دخول الجنات ورفع الدرجات.

اللهم اجعل لنا لسان صدق في الآخرين، واجعلنا مِن أهل جنات النعيم، واجعل لنا مِن الخير والأجر بعد وفاتنا مِن عملٍ صالحٍ ممتدٍ، وحسنات تُكتب لنا مِن آثار أعمالنا يا كريم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.