كافر لم يكتب في لوحة الشرف!

  • 279

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

ففي رحلة الهجرة استأجر النبي -صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن أريقط، هاديًا خرِّيتًا يدله على الطريق الذي سيسير فيه النبي وصاحبه إلى المدينة، وهو طريق غير مسلوك وغير معتاد، وواعدة بعد ثلاث ليالٍ، واشتد الطلب مِن كفار مكة، وجهدوا أن يعثروا على النبي -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه بكل طريقة، ولجأوا كالعادة إلى الطريقة القديمة الحديثة: طريقة الإغراء بالمال، فوهبوا مائة ناقة لمَن يأتي به حيًّا أو ميتًا.

والملفت للنظر: أن عبد الله بن أريقط كان على دين قريش، وكانت فرصته أن يكتب في لوحة الشرف عند إخوانه مِن أهل مكة، غير ما يناله مِن المال والجاه بينهم.  

لكنه لم يخن، ولم يخلف وعده وعهده مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم يبع أخلاقه بهذا العرض الكثير، ولم يتنازل عن مبادئه لإغراءات الدنيا، ولم تتحطم المثل على صغرة الإغراء ومتاع الدنيا، ولم يغير المال فكرَه ومبادئه ليكون كما ضُرب في المثل: "كلب كلب! إن كلبًا اسم جميل!"، ولم يوجد لنفسه المعاذير والحجج والتأويلات لما يفعله، بل دلَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على الطريق، وسار به إلى أن وصل إلى مبتغاه، حتى دون مساومة أو طلب زيادة في الأجر.

كم يحزن الإنسان حينما يتذكر مثل هذه المواقف، مع ما وصلتْ إليه أخلاق بعض المسلمين، والمسلم أولى بكل فضيلة، وفي دينه كل الفضائل.

وصلِّ اللهم وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.