همسات تربوية (5) طفل المرحلة الابتدائية

  • 379

ابنك لا يدرك المفاهيم المجردة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فالمفهوم هو: فكرة مجردة تمثِّل الخصائص الأساسية لشيءٍ ما في مرحلة الطفولة، فلا يدرك الطفل المفاهيم المجردة، مثل: الإخلاص، والعدل، والحرية، وغيرها، وإنما يدرك الأشياء المحسوسة المشاهدة في واقعه؛ لذا نجد المعلم في الصف الأول في المراحل التعليمية إذا أراد أن يعلِّم التلميذ الحروف المجردة فيلحق كل حرف بشيءٍ محسوس معروف مسبقًا له فيقول مثلًا: (أ) ارنب. (ب) بطة، وهكذا...

ويُستفاد مِن ذلك تربويًّا في مراعاة المستوي العقلي للطفل عند الشرح والتوجيه مِن خلال تبسيط المعلومات وربطها بالأشياء المحسوسة حتى يسهل فهمها، قال الله -تعالى-: (وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ) (آل عمران:79).

 قال ابن عباس: "تعلمون الناس صغار العلم قبْل كباره".

فمثلًا: عند شرح مفهوم العدل للأولاد يُشرح مِن خلال الأمثلة الموضحة فيُقال للطفل: إنك تأخذ مصروفك اليومي ثلاثة جنيهات، وكذلك باقي إخوتك وهذا يسمَّى عدلًا. ويقال أيضًا: عندما أخذت تفاحة وكذلك أخوك هذا يسمَّى عدلًا، وهذا لأطفال مرحلة الطفولة المبكرة والوسطي، أما أطفال الطفولة المتأخرة الموازية للصف الرابع والخامس والسادس فيمكن التفريق بيْن التسوية والعدل، وأنه لا تلازم بينهما.

مثال آخر: يُشرح مفهوم الإخلاص مِن خلال تعويد الطفل على إخفاء الطاعات: كالصدقة، ثم يُقال له: هذا يسمَّى إخلاصًا، وهكذا.

ويُستفاد مِن ذلك تربويًّا أيضًا: في عدم الاعتماد على طريقة الإلقاء فقط في تعليم الأولاد وتربيتهم، بل التنوع في طرق تعليمهم مع استخدام الوسائل التعليمية والتطبيقات العملية ما استطعنا إلى ذاك سبيلًا، فإذا أردتَ أن تعلِّم أولادك -مثلًا- الوضوء والصلاة فلا تكتفي بالشرح النظري، بل الممارسة والتدريب العملي أمامهم مِن أهم الأساليب.

وكذلك استخدام الأفلام المصورة والكرتونية الشارحة لذلك يوفِّر علينا الوقت والجهد، ويصبح التعلم أبقى أثرًا، وأكثر مرحًا، ومصدرًا للبهجة والسرور.

أسأل الله الإخلاص والتوفيق والسداد.