ثروة مهدرة!

  • 181

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

اللهم بلغنا شهر رمضان؛ لأنه شهر العبادة والسبق إلى الجنان، وشهر البر والإحسان، والقرب مِن الرحمن، وزيادة الإيمان، وتكثير الحسنات ورفع الدرجات، وتكفير السيئات.

ورأس مال المسلم فيه الذي لا غنى عنه للفوز بالعمل الصالح في شهر رمضان هو الصحة والفراغ؛ فقد ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- عنهما: (نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ) (رواه البخاري)، فهما رأس مال العبد الذي يتاجر به مع الله.

فالصحة: صحة بدنية تعين العبد على تحمل مشقة العبادات، وأداء الطاعات على أكمل وأحسن صورة وأفضلها، وصحة نفسية هي الطاقة التي تعطيه البذل والاجتهاد مِن نفس مطمئنة، وهمة وإرادة كامنة في الصحة النفسية، فالأمراض البدنية تعوقه، وكذلك الأمراض النفسية مِن الهم والغم والكرب، وغيرها، فهي معوقات عن الاجتهاد والبذل في العمل الصالح؛ فيا لها مِن نعمة عظيمة؛ نعمة الصحة في شهر رمضان، وكذلك الفراغ الذي هو عمر العبد وحياته التي هي رأس ماله، وزمن زرع عمله ونمائه.

فالفراغ هو زمن العمل فياتي مِن فراغ الوقت مِن الأشغال أو تفريغ الوقت من الأعمال لغيرها مما هو أولى منها، وهذا ما يسمَّى فقه الأولويات في تقديم الأعمال المهمة على غيرها مما هو دونها، فالأعمال الصالحة في رمضان هي أولويات الأعمال عن اللهو واللعب والعبث، وما لا قيمة له، ولا ينفع العبد، فيفرغ وقته منه لغيره مِن مهمات الأعمال الصالحة.

فصدق رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- لما قال: (نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ)، أي: لا يقدرونهما حق قدرهما ونفعهما، فيضيع الانتفاع بهما مع أنهما نعمتان عظيمتان، فالله المستعان.

اللهم بلغنا شهر رمضان بصحة وعافية، وستر وإيمان، وأعنا على اغتنام الأوقات والاجتهاد في الطاعات.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.