نظرات في معركة السفور والحجاب

  • 781
1

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فكلما تأملتُ في حال نساء أمتنا، وكيف كان التستر والعفاف والنقاب والجلباب هو الزي الرسمي الذي التقى فيه الشرع بالفطرة، والعادات والتقاليد والأعراف، حتى أصبح راسخًا في هوية المجتمعات الإسلامية وعقلها الجمعي، وكيف كان سفور وجه المرأة هو حلم دعاة تحرير المرأة، وكان في هذا حيل ومكر وخديعة وصراع أدبي وسياسي، وثورات ودماء وأشلاء أشد مِن معركة العمامة والقبعة التي أشعلها الاحتلال، وكان التخلي عن النقاب والحجاب أكبر بعثرة لشخصية الأمة المسلمة، وأكبر انتصار أحرزه الغرب مِن اليهود والنصارى على تلك الأمة التائهة الآن.

ولم يفتأوا يواجهون المجتمع بأعرافه وتقاليده وتدينه، ورجال العلم والدين بكل سبل السحر والإعلام، ودجل الثقافة والتنوير، والعلمانية والليبرالية وpower independet woman، والمساواة بين الرجل والمرأة، وعملها واختلاطها به أكثر من تسعين عامًا.

حتى أوصلوا المرأة إلى مسخ: فلا هوية، ولا شكل ولا جمال، ولا قيم ولا مبادئ، ولا تدين؛ إنما سلعة يروَّج بها للسلع ولتجارة المواقع الإباحية، وعهر الفن في الأفلام والمسلسلات، والصحافة الجنسية باسم: "تحرير المرأة"، وهو مسخها وانتكاسة فطرتها ودينها، مع ربط الحجاب بالتخلف وتدني الحالة الاجتماعية في الإعلام، وذلك واضح في الجيل الناشئ.

فأرخص ما تراه الآن هو لحم النساء في الكاسيات العاريات، والتنافس في ذلك بموضاتٍ متعددةٍ حتى في الحجاب، بل النقاب أيضًا حتى أصبح بعيدًا عن مفهوم الشرع في التباعد عن الأنظار وعدم لفتها، وصون عفاف المرأة.

ذلك الاستدراج الذي لا يزال قائمًا في الأمة ويزيد؛ يبيِّن لك كيف دأب أهل الباطل وطول نفسهم في خدمة قضاياهم، وزلزلة عقائد المسلمين وقيمهم، ومحو شخصيتهم الثقافية.

واستيعاب أن الحرب سجال بين الحق والباطل يدال لهم مرة ويدال عليهم مرة، وأن الله لا يصلح عمل المفسدين، وأن الله متم نوره ولو كره الكافرون، وأن الزبد يذهب جفاءً، وأن ما ينفع الناس يمكث في الأرض؛ يكسبنا -نحن- طول النفس في الدعوة والبلاغ، والإصلاح والاستقامة على مستوى الفرد والجماعة والمجتمع والدولة، ولا نضعف في طرح مفاهيم الإسلام الناصعة، والتبشير بعودة الإسلام حاكمًا للحياة بيقيننا وصدقنا في البذل مِن أجل ذلك، كبذل أصحاب الباطل وأشد، (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) (البقرة:165).