ودق ناقوس الخطر! التربية الجنسية (5)

  • 483
1

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فهناك أسس عامة ومهمة لا بد وأن يعلمها المربي حول التربية الجنسية:

- التربية الجنسية جزءٌ لا يتجزأ مِن مسئولية الوالدين، فبدهي أن يخجل الوالدان من مصارحة أولادهم بهذه القضية؛ إلا أنه ينبغي أن يدركا أن سؤاله هذا كسؤاله عن لون السماء ونحوه؛ لأن معلوماته عن هذا الأمر ضحلة، وربما لا يعرف عنه شيئًا إلا في عامه الثامن؛ ولهذا فلا بد من هدوء الأب واتزانه، وجوابه للولد عن سؤاله بالمعلومات الصحيحة المقنعة، وبما يتناسب مع سنه وفهمه، ويختلف هذا من طفلٍ لآخر حسب تطلعه.

فمَن سأل وشُغل ذهنه بذلك، وألحّ في سؤاله أجابه دون تفصيلات؛ لئلا يبحث عن طريق آخر مشبوه لإشباع تطلعه؛ فيؤثر على خُلُقه وعقله ونفسه تأثيرًا سيئًا.

فالطفل لديه معرفة غامضة مقرونة بغريزة موجودة؛ لذا فهو يحتاج إلى مربٍّ موجه مدرك، يرقى بغموض تلك المعلومات -خصوصًا- في زمان العولمة الإعلامية الذي جعل كل شيء متاحًا لأي أحد ( إنترنت - مجلات - قنوات تلفزيونية - هواتف ذكية) ثم يأتي بعد ذلك دور أصدقاء السوء؛ لذا يجب على المربي أن يقدِّم المعلومة السليمة للطفل لكي يستقيها من مصدرٍ آمن وطبيعي (الأسرة).

والحذر من المعلومات الخاطئة التي ربما جعلته مزحة بين زملائه سواء في المدرسة أو غيرها، وعندها ستكون صدمة شديدة عليه، تُفقده الثقة في أبويه اللذين ورّطاه هذه الورطة، وبابًا سيئًا لتلقي المعلومات الجنسية بطريقة خاطئة، وربما مدمرة.

وأتذكر طالبًا في المرحلة الثانوية سأله بعض زملائه: كيف يكون الإنجاب؟ فأجاب إجابة خاطئة، وأخبر أن أمه مَن أجابته بذلك، فجعل الطلبة يضحكون، ويستهزئون به!

ويقينًا، لقد أخذ منهم المعلومة الصحيحة، لكن بأي طريقة؟ وما أثرها عليه؟!

- لا بد من وجود الحب والثقة المتبادلة بين الأب وابنه، وبين الأم وابنتها -خاصة في طور المراهقة-؛ تلكم هي الوسيلة الناجحة في التوجيه الجنسي من حيث التواصل والتحاور الإيجابي في محضن الأسرة الدافئ.

- ويجب على المربي ألا يظهر الارتباك والتلعثم عند سؤال الطفل، حتى لا يشعر أن ما سأل عنه هو نوع من الأسرار التي لا يحب الكبار أن يتكلموا فيها، ومِن ثَمَّ يشتد بحثه عنها، وأن يكون الجواب على قدر السؤال.

- وإذا كان السؤال لا يعرف له إجابة مقنعة تتناسب مع تفكير الطفل، فليطلب منه مهلة للبحث والرد على أسئلته، مع عدم إهمال تلك الأسئلة مطلقًا.

- قل له: أي سؤال مهما كان سلني عنه، فلأن تعرف الإجابة مني أفضل وآمن مِن أن تعرفها من غيري.

- تتميز التربية الإسلامية بالتدرج في توصيل المعلومات نحو الجنس بما يتوافق مع طبيعة كل مرحلة من مراحل النمو المختلفة، وقبل فترة المراهقة ينصح الباحثون ألا تأتي الأجوبة قبل التساؤلات، وأفضل مدخل لذلك هو الكلام عن أحكام الطهارة والغسل، فالنصوص من الكتاب والسنة في باب الطهارة كثيرة، وفي بعضها تسمية الأعضاء الجنسية.

- في الفترة العمرية من (2 - 3) سنوات: تشير الدراسات إلى أن الطفل بين الثانية والثالثة يستطيع أن يدرك الفرق بين الجنسين: كأبويه وإخوته، وعن طريق تعليمه الاستنجاء يعرف أعضاءه.

- وفي هذه الفترة قد يسأل بعض الأطفال الأسئلة الكثيرة عن جسده وأجساد مَن حوله.

- وهنا أسس أولية لا بد منها: عدم السماح للطفل بالاستحمام مع الآخرين، وتعليمه أن أعضاءه الجنسية  تخصه وحده، وممنوع أن يلمسها أي شخص آخر إلا أباه أو أمه، أو مَن يقوم على رعايته عند تنظيفه.

- وأن الناس عندهم أعضاء خاصة مثله، وممنوع عليه أن يلمسها.

 ويقال له: اغسل ذكرك بالماء جيدًا بعد التبول، واغسل موضع إخراج البراز جيدًا بالماء.

- وبذلك ينظر الطفل إلى أعضائه الجنسية على أنها مثل يديه أو رجليه، وأن يمنعه من العبث بها، وإن فعل قال له: كخْ، وصرف اهتمامه إلى أمر آخر، وإن لمسه عند الاستنجاء أمره بغسل يديه دون أن يشعر الوالدان بخجل أو يصيبهما اضطراب وغضب، ومِن ثَمَّ لا تثار رغبة الطفل نحو مزيدٍ مِن المعلومات حول هذه الأعضاء.

- وأن يعلماه الوضوء، وأن يمارسه أمامهما.

- مرحلة الكمون الجنسي (6 - 9 سنوات): يبدأ الطفل -عن طريق التعريض- في تلقي بعض المواضيع الخاصة بالجنس من خلال أحكام الطهارة والصلاة، ويُستحسن الحديث معه حول الاعتداء الجنسي  بذكر قصة قوم لوط -عليه السلام- تحذيرًا له، وأن يحذّر من زملاء المدرسة وغيرهم بألا يسمح لأحدٍ أن يقبله أو يلمس شعره أو يلتصق به جسديًّا.

وقد يسأل بعض الأطفال: مِن أين أتى؟ أو كيف تنجب المرأة؟

- يقال له: أتيتَ بأمر الله -سبحانه وتعالى- الذي خلقك، وكل البشر يخرجون من ذكر وأنثى، كما خرجنا جميعًا من نتاج لقاء أبينا آدم وأمنا حواء، وكذلك عندما يلتقي الزوج مع زوجته، وقدَّر الله خلق إنسان، فإنه يخلّقه في بطن الأم، ثم عندما يكتمل خلقه يخرج -بإذن الله- من مكان أسفل البطن، خلقه الله -عز وجل- لخروج الطفل.

ويمكن توجيهه في ذلك برؤيته تلقيح النباتات ويشرح له عملية التلقيح، وكيف أنه لا ثمرة إلا بهذا التلقيح. ومنه يقول: كذلك لا يُوجد مولود إلا بهذا التلقيح، دون أن يخوض معه في كيفيته بالنسبة للبشر.

فإن سأل؟ يقول: إن الأب يضع بذرة تجعل الطفل ينمو في بطن الأم.

ويراعي في الخبر الصدق وسن الولد، وقدراته العقلية، مع تقديم هذه المعلومات عند الحاجة، وبهدوء دون غضب أو غموض، ومع الاحتشام والصدق. 

يتبع -إن شاء الله-.