الفساد (71) الأوضاع المتردية للأندية الرياضية (2-2)

  • 234

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فقد أصبحت الأندية الرياضية من سمات العصر الذي نعيش فيه، حيث الترفيه والترويح وممارسة الرياضة إلى جانب الأنشطة الاجتماعية والثقافية الأخرى؛ لذا لم يكن مِن الغريب أن تكون هناك أندية خاصة داخل الشركات والمؤسسات الكبرى والنقابات، تقديرًا لدور هذه الأندية وحرصًا عليه ورضا به.

وتبقى الأندية الشعبية الكبرى، وهي أندية عامة يشترك فيها عموم الناس إلى جانب الأندية الخاصة، وتتبني هذه الأندية العامة من خلال أنشطتها الرياضية: تكوين الفِرَق الرياضية في مختلف الألعاب على كثرتها والدخول بها في منافسات مع بعضها البعض، ويقبل على تشجيع هذه الفرق في مختلف الألعاب -خاصة لعبة كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى- أعضاء كل نادٍ، والمنتمون إليه ومحبوه على مستوى القطر، بل وربما كذلك خارجه.

ويعد نادي (شيفيلد يونايتد) أقدم نادٍ في العالم، وقد تأسس عام 1857م (انظر: لعبة الحروف وكرة القدم، ص 136)، وهناك حاليًا -على الأقل- مئات الألوف أو ملايين من الأندية في بقاع الأرض.

 وخروج هذه الأندية عما أنشأت من أجله وجنوحها إلى ما لا يتفق معه يحتم إعادة النظر في أحوال هذه الأندية، وتصحيح أوضاعها؛ لتحقق الغاية المرجوة منها، وهو ما نحاول هنا الإشارة إليه.

الممارسة أهم من المنافسة:

تحرص الأندية العامة وأندية الشركات الكبرى والمؤسسات المنافسة لها على الحصول على البطولات، وتزداد شعبية وأهمية هذه الأندية بقدر ما تحصل عليه من بطولات محلية أو دولية، ولتحقيق ذلك فإن هذه الأندية تعطي الأهمية والأولوية للموهوبين من اللاعبين دون غيرهم، سواء كانوا من أبناء النادي وأعضائه أو ممَن يتم ضمهم لفريق النادي من خارج النادي في ظل نظام الاحتراف وانتقال اللاعبين بين الفرق بعقود مالية، وبالطبع مهما كثر عدد اللاعبين في الفريق فهم قلة معدودة لها معاملة خاصة مقارنة بمجموع أعضاء النادي ككل.

وفي المقابل: نجد هذه الأندية تحرص كل الحرص على زيادة عدد المشجعين لفريقها سواء كانوا من أعضاء النادي أو خارجه، وغالبًا فأكثر هؤلاء المشجعين لا يمارسون الرياضة سواء كرة القدم أو غيرها، وتتبارى الأندية في بناء ملاعب كبيرة تسع أكبر قدرٍ مِن المشجعين للنادي؛ إذ إن هذا هو أكبر همها للحصول على أكبر عائدٍ مادي من وراء حضور الجماهير الغفيرة.

ويعد ملعب (ماراكانا) في البرازيل هو أكبر ملعب في العالم حيث يتسع لأكثر من مائتي ألف متفرج، وهو تحفة معمارية ضخمة، مكون من ثلاثة طوابق، يعشقه البرازيليون ويعتبرونه درة وجوهرة (ريودي جانيرو)، ويلقبونه بـ(الإستاد البرازيلي الكبير)، وقد بنى البرازيليون هذا الملعب في هذه العاصمة القديمة (ريودي جانيرو) على شاطئ نهر صغير أطلق اسمه على هذا الإستاد، وكان مِن عوامل فوز البرازيل بتنظيم بطولة كأس العالم عام 1950م (انظر المصدر السابق، ص241).

إن ممارسة الرياضة حق لكل مواطن، وواجب على كل مواطن أن يعتني بصحته؛ ليكون قادرًا على العطاء، ولا يكون ذلك إلا من خلال التربية البدنية، وممارسة الرياضة هي الوسيلة إلى ذلك، وهذه الممارسة تساعد الدولة عليها من خلال الأنشطة الرياضية في المدارس بمختلف مراحلها التعليمية (وهذا مهمل تمامًا)، وتساعد عليه مِن خلال مراكز الشباب والساحات الشعبية والتقصير هنا واضح، وتساعد عليه من خلال النوادي في الشركات والمؤسسات والنقابات، وهذا أيضًا غير مفعل، والمفعل منه اتجه كالأندية العامة إلى الاهتمام بالمنافسة في البطولات لا التوسع في القاعدة التي تمارس الرياضة فيها.

والمطلوب أن تكون ممارسة الرياضة للجميع ويستفيد منها الجميع، لا أن تتحول الغالبية العظمى من المواطنين إلى مشجعين ومتفرجين.

إن النجاح الحقيقي للأندية الرياضية في كم مَن يمارسون الرياضة فيها، لا ما تحققه مِن بطولات لقلة موهوبة أو محترفة قصرت حياتها على ممارسة الرياضة لا غير، واستهلكت شبابها بقوة في هذه الممارسة، فإذا بلغت أواسط الثلاثينيات من العمر انتهى دورها.

إن وجود القاعدة الضخمة من ممارسي الرياضة يعود على الأفراد من الموهوبين وغيرهم بالصحة والعافية، وبالتالي: القدرة على العمل والعطاء لسنواتٍ طويلةٍ من العمر إن لم يكن إلى آخر العمر، وهذا ما يجب أن نحرص عليه، أما قصر الرياضة على الأندية وقصر الأندية اهتمامها على الموهبين، ثم فشلها الأندية في إدارة أنشطتها الرياضية، وضعف رعايتها للناشئين عامة والموهوبين خاصة، فمحصلته هو الحصاد المر الذي نعيش فيه.

كتب الصحفي إبراهيم حجازي عن أحوال كرة القدم، وهي الرياضة الشعبية الأولى يقول: (نعم ننفق مليارات، لكنها بكل أسف في الهواء وفي المكان الخطأ، ولو تم توظيفها فيما يجب أن يكون لكانت مصر قوية كروية من زمان! كيف؟ لأننا بلد يملك أساس كرة القدم، بلد يملك مواهب فذة في الكرة وغير الكرة، لكننا لا نراها ولن نراها، مادامت منظومة الكرة تحديدًا والتعليم عمومًا على ما هي عليه، يعني إيه؟

يعني الأعداد القليلة جدًّا من الصغار التي تلعب كرة القدم، ما تكشف عنه من مواهب شحيح جدًّا، والمصيبة أن هذا العدد الشحيح من المواهب الذي ظهر لنا رعايته الفنية والبدنية والثقافية معدومة بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ؛ لأن الناشئين في الأندية الكبيرة (جايين مع العفش) لا قيمة لهم في نظرة الأندية تجاههم، لأنه لا صوت يعلو على صوت الفريق الأول، ومن لا يصدقني يرجع بالذاكرة عشر سنوات للوراء سيكتشف أننا لم نشاهد موهبة واحدة ظهرت، وإن ظهرت لن نسمع عنها؛ لأن فرصة مشاركتها مع الفريق الأول صفر؛ لأن الأولوية المطلقة للمحترفين، ومنهم مَن أخذ ويأخذ فرصًا لو أن ربعها أتيح لموهبة ناشئة لتألقت؛ لأن قاعدة الاختيار أصلًا خاطئة وفاشلة في الناشئين، وتلك بداية الحدوتة.

زمان وقت كانت الرياضة موجودة في المدرسة، كانت المدرسة قاعدة ممارسة وأيضًا قاعدة منافسة؛ وقتها كانت الأندية عايشة على المواهب التي تكتشفها وتقدمها المدارس، الآن أي مرحلة سنية في أي نادٍ مقيد بها 30 ناشئًا، المواهب الموجودة في الـ 30: موهبة أو اثنان، هل هذا يعني أن مصر انعدمت بها المواهب؟ طبعًا مليون لا؛ إنما الأمر يشير إلى أن القاعدة التي تمارس كرة القدم من الصغار أصبحت بضعة آلاف على مستوى مصر، تخيلوا حضراتكم أن في سن العاشرة -وما قبلها وما بعدها- عندنا قرابة الـ15 مليون طفل! مَن وجد أمامه مساحة أرض يلعب عليها خمسة أو ستة آلاف طفل فقط، بينما الـ15 مليونًا إلا خمسة آلاف لم يلعبوا!).

ويضيف: (خلاصة القول: قاعدة الممارسة معدومة، والمواهب التي نكشف عنها قليلة، والكارثة أن هذه المواهب القليلة لا تحظى بالرعاية الفنية والبدنية والسلوكية التي تضمن تقديم لاعب بمواصفات عالمية) (جريدة الأهرام عدد الجمعة 31 يناير 2020 م: ص 17).

التشجيع والألتراس:

المشاهدة للألعاب الرياضية فرع على هذه الألعاب، فما جاز منها شرعًا ممارسته جازت مشاهدته، وما لا يجوز منها شرعًا ممارسته لذاته أو لما يصحبه لا يجوز مشاهدته. والتشجيع أمر زائد على المشاهدة، وغالبًا يكون في مدرجات الملعب وحوله، ويكون معنويًّا أو ماديًّا بتخصيص مزيدٍ مِن المحفزات للاعبين.

وفي ظل تشجيع الممارسة -لا تشجيع المنافسة- ينبغي أن يكون التشجيع لكل ممارس ومجتهد في ممارسته أو متفوق فيها، بصرف النظر عن النادي الذي يمثِّله؛ لأن الغرض الممارسة، لكننا صرنا نرى تشجيع الجماهير وتحفيزهم قاصرًا على لاعبي النادي الذي يحبونه أو ينتمون إليه، والتثبيط والتطاول على لاعبي الفرق المخالفة وإن تفوقت، وهذا بالطبع ليس من أخلاق الإسلام.

وأصبح لكل نادٍ مشجعوه في بلده أو مدينته، فتتسابق جماهير البلد والمدينة على تشجيع فريقه بقوةٍ تزيد مِن همتهم وحماسهم خاصة في كرة القدم، حتى قيل: إن الجماهير هي اللاعب الثاني عشر لفريق الكرة المكون من أحد عشر لاعبًا يلعبون داخل الملعب، والأولى أن يكون التشجيع للجميع من الفريقين سواء أو متقاربًا؛ حتى تتساوى فرص الفريقين في المنافسة فلا تزداد فرصة فريق على آخر، ولو بإقامة المباريات على ملاعب محايدة، وفي حديث ابن عباس مرفوعًا: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ أَجْلَبَ عَلَى الْخَيْلِ يَوْمَ الرِّهَانِ) (قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه أبو يعلى والطبراني باختصارٍ، ورجال أبي يعلى ثقات). والجَلَب: الصياح على الفرس مِن قِبَله أو مِن خلفه حتى يسرع. وفي حديث عمران بن حصين -رضي الله عنه- مرفوعًا: (لَا جَلَبَ وَلا جَنَبَ فِي الرِّهَانِ) (رواه أبو داود، وصححه الألباني)، والجَنَب هو: أن يصطحب الراكب فرسا لجنبه يركبه إذا تعب فرسه.

وفي الحثِّ على تشجيع كل المتسابقين جاء في الحديث عن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه- قال: مَرَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا ارْمُوا، وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلاَنٍ) قَالَ: فَأَمْسَكَ أَحَدُ الفَرِيقَيْنِ بِأَيْدِيهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا لَكُمْ لاَ تَرْمُونَ). فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَهُمْ، قَالَ: (ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ) (رواه البخاري).

وقد ابتليت الأندية الرياضية في زماننا بظاهرة "الألترس"، التي نقلت تشجيع الأندية إلى الاحترافية من خلال روابط رسمية من المشجعين، اتخذت تشجيع فريق النادي عملًا مستقلًا لها لا تتخلى عنه! وبالطبع فلكل نادٍ شعبي ألترس يشجعه، وهي ظاهرة أخذناها مِن الدول الأوروبية -كالعادة- حيث ظهرت في أوروبا في أواخر القرن العشرين روابط التشجيع لكل فريق، وانتقلت إلينا في السنوات الأخيرة حيث تتبنى أساليب غير تقليدية في التشجيع الجماعي المنظم والتفنن فيه طوال المباراة، مع التهجم على الفِرَق المنافسة أحيانًا، وكثيرًا ما تتحول الحماسة والعصبية مع التعصب إلى عنفٍ حقيقيٍ خارج وداخل الملعب، وزاد الأمر سوءًا أن صارت مجموعات الألتراس تتنافس فيما بينها، لنشهد ما يمكن تسميته بحرب المدرجات التي لا تخلو من العنف والشغب، والضرب والإتلاف، والكسر والحرق! وهذه كلها في الشرع جرائم وجنايات تستلزم العقوبة والقصاص، وقد ما زالت أحداث فبراير 2012م التي قامت فيها جماهير الألتراس (جرين إيجلز) المشجعة لفريق المصري البورسعيدي بالهجوم على جماهير الألتراس المشجعة للنادي الأهلي في إستاد بورسعيد وانتهت بمقتل أكثر من سبعين مشجع أهلاوي في واحدة من أبشع الجرائم في تاريخ الكرة المصرية، وللأسف لها مثيلاتها في الملاعب الأوروبية.

ألعاب لا تجوز ممارستها شرعًا:

مما ينبغي التنبه إليه أن هناك ألعابًا لا يجوز شرعًا ممارستها داخل الأندية الرياضية؛ لضررها ومخالفتها لآداب وأخلاق الإسلام، ونشير هنا إلى اثنين منها:

المصارعة الحرة:

جماهير العلماء على أن المصارعة مباحة غير محرمة؛ لما ورد من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صارع ركانة فصرعه -صلى الله عليه وسلم-، فدلَّ ذلك على جوازها؛ لما فيها مِن التدريب على القوة، وبالتالي التقوي على الجهاد وأساليب القتال، وهي لا تنافي الفضل والعلم والشرف، ويشترط لممارستها تجنب كشف العورة والفخذين منها (العورة المخففة).

واختلف في حكم بذل العوض فيها على قولين، لكن يجب التنبه أن ذلك يتعلق بالمصارعة الخالية من الضرر، بخلاف المصارعة الحرة التي تتضمن الضرب العنيف، وإلحاق الأذى الكبير باللاعبين خاصة المهزوم منهما؛ فلا تجوز.

الملاكمة:

اللكم هو الضرب باليد مجموعة. فلكمه لغة: ضربه بجميع كفه. فالملاكمة رياضة بدنية تقوم على اللكم باليدين، وعليه فلا تجوز شرعًا؛ لما فيها من الضرر والخطر العظيم على اللاعبين خاصة المهزوم منهما؛ إذ يحرص كل لاعب على إصابة صاحبه باللكمات الموجعة خاصة في الوجه، ولا تخلو الملاكمة من وجروح وكسور، وكدمات وخدوش، وحالات إغماء. وفي الحديث المرفوع: (إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْتَنِبِ الوَجْهَ) (متفق عليه)، والملاكمة قائمة على الضرب في الوجه.

الاختلاط المحرم:

لا تخلو الأندية الرياضية خلال أنشطتها المختلفة من صورٍ كثيرةٍ محرمة من الاختلاط بين الرجال والنساء، فالفتيات يدربهن رجال، وهناك ألعاب تكشف فيها الفتيات الكثير مِن أبدانهن كما في السباحة والمصارعة والجمباز وما شابهها.

وهناك الحفلات الاجتماعية والملتقيات الثقافية، والتجمعات الترفيهية، والحفلات التي لا تخلو من صور التبرج والتزين المبالغ فيه، والاختلاط والتدخين بأنواعه من الجنسين، وهو في حق النساء والفتيات أشنع؛ فضلًا عن حمامات السباحة للأعضاء من الجنسين بلا فصل بينهم.

تبديد الأموال فيما يمكن منعه:

لم تكتفِ الأندية الرياضية بتقديم مئات الملايين للاعبين المحترفين المحليين بما يحمل ميزانيات هذه الأندية ما فوق طاقاتها، بل تعدت إلى صورٍ أخرى كثيرة من الإنفاق يمكن منعها والحد منها.

- ومنها: مع شدة المنافسات الرياضية وتطبيق الاحتراف يتم استقدام لاعبين أجانب بعقودٍ أكبر بكثيرٍ مِن عقود المحليين وتسدد بالدولارات (العملة الصعبة)، وأغلب هذه الصفقات فاشلة لم تضف لهذه الأندية شيئًا يذكر، ولا يوجد مَن يحاسب مَن قام بها وتسبب فيها، بل وربما نال منها وعليها عمولات ومكافآت.

- ومع شدة المنافسات يتم استقدام مدربين عالميين تكلف الأندية والمنتخب الوطني لكرة القدم شهريًّا تكلفة كبيرة جدًّا لا تتناسب مع دولة يعاني الفقر الكثير من مواطنيها، وكثير من هؤلاء المدربين لم يضف لتلك الأندية، ولم يضف للمنتخب الوطني ما يرجى منه.

ومع التعصب للفرق وشدة التنافس بينها يتم استقدام أطقم كاملة من الحكام الأجانب المحترفين لإدارة المباريات الحاسمة والمهمة، تتحمل تكلفتها الكبيرة الأندية الراغبة في ذلك أو يتحملها اتحاد الكرة نفسه، متضمنة أجور طقم الحكام وتذاكر سفرهم وإقامتهم، بل وربما مصروف للجيب؛ هذا رغم وجود حكام محليين هم مِن الحكام الدوليين ولهم مكانة عالمية ويتم استضافتهم في دول أخرى وفي بطولات دولية عالمية منها بطولة كأس العالم لكرة القدم.

فهل يعلم هؤلاء أن الحكم المصري الدولي (محمد يوسف) من جيل العشرينيات في القرن العشرين هو أول حكم دولي في تاريخ مصر؟! وقد دخل مجال التحكيم عام 1922م، وتدرج حتى وصل إلى حكم دولي عام 1924م. وكانت له شخصية قوية، وقد استعانت به دول أوروبية لإدارة مباريات مهمة فيها، ومن أشهر المباريات التي أدارها وأكسبته سمعة عالمية: مباراة ألمانيا والسويد في تصفيات دورة (أمستردام) الأوليمبية عام 1928م، وهو أول حكم عربي يشارك في تحكيم مباريات كأس العالم حيث أدار مباراة أمريكا والمكسيك قبيل بدء مونديال إيطاليا عام 1934م، والتي فازت فيها أمريكا بنتيجة (4/2) وتأهلت بها إلى نهائيات كأس العالم في إيطاليا عام 1934م (راجع: لعبة الحروف وكرة القدم، ص 281).

- ارتداء فرق الأندية لملابس رياضية مصنعة خارج مصر، حيث يتم تعاقد الأندية -بل والمنتخب الوطني- مع شركات أجنبية لتصميم وتصنيع فانلات هذه الفرق، مقدمة هذه الشركات على الشركات المصرية الوطنية!

كتب الصحفي إبراهيم حجازي يقول: (سألت فعرفت أن الأهلي طرح منذ سنتين في عهد مجلسه الحالي مناقصة لأجل أفضل العروض، ورست على شركة سعودية تقوم بتصنيع ماركة ليست ضمن الماركات العالمية المشهورة في عالم الملابس الرياضية، وأنها قدمت عرضًا أفضل من الشركة العالمية التي كانت في المناقصة، بمقتضاه تدفع 350 ألف دولار للأهلي مقابل أن يرتدي فانلتها لمدة 3 سنوات، على أن تقدم له ملابس رياضية لفرق الكرة مجانًا في أول سنة بمبلغ 550 ألف دولار، وما يزيد عن المبلغ يقوم الأهلي بسداد ثمنه، وفي السنة التالية تقدم ملابس مجانية في حدود 605 ألف دولار، والثالثة 670 ألف دولار. والسنة الأولى انتهت والأهلي استنفد حصته المجانية وزاد عليها بمبلغ 800 ألف جنيه سوف يدفعها).

ملاحظة قبل استكمال المقال: استخدم النادي في عام واحد ملابس رياضية لفرق الكرة بمبلغ 550 ألف دولار و800 ألف جنيه مصري (الشركة السعودية وضعت اسم الأهلي على الفانلة (ايه. اس. سي) وأخذت حق بيع 400 صنف تحمل اسم الأهلي سواء في المحلات التي تحمل اسمه أو المحلات التي يتم فتحها، على أن يحصل الأهلي على نسبة من الأرباح؛ كل هذه الأمور لا وجه للاعتراض عليها أو التشكيك في شيء منها ليقيني التام بنزاهة مَن قام بهذا الاتفاق، لكن ما أتوقف أمامه تلك النقطة التي ربما غابت عن الأذهان وقت توقيع العقد، وهي أن الشركة السعودية تقوم بتصنيع ملابسها الرياضية في تركيا، وحتى لو كانت في غير تركيا لاعترضت ورفضت، ليه؟ لأن مصر فيها مصانع للملابس الجاهزة تصدر سنويًّا لأمريكا وأوروبا من جميع الماركات العالمية الشهيرة في الملابس العادية والملابس الرياضية... آه والله هذه حقيقة، وكل الشركات التي تنتج ماركات الملابس العالمية الشهيرة جاءت إلى مصر، ثقة في مصانعها وجودة إنتاجها -هذا الكلام منذ سنوات- ومعها شروطها، والمواصفات: خامة القماش، ورقة المقاسات، التيكيت، الطبعة أو التطريز، التكييس. وتقدم كل ماتريده للمصنع الذي يقوم في الوقت والحال، وعلى عينك يا تاجر، بصناعة عينة، إن طابقت المواصفات قبلوها ووافقوا عليها ووقعوا عقودًا لتصنيع إنتاج الشركة العالمية.

عندنا مصانع كثيرة كل مَن يعمل فيها مصريون، تصنع أشهر الماركات العالمية، ووصل تصديرها في السنة الواحدة لأمريكا وأوروبا إلى مليار و500 مليون دولار. أمام هذه الحقيقة أشعر بالاستفزاز والغضب؛ لأن الأهلي باسمه الكبير وشعبيته الطاغية يرتدي فانلة مصنوعة خارج مصر).

ويضيف قائلًا: (هذه المصانع مع بقية المصانع التي تعمل محليًّا في صناعة مختلف أنواع الملابس لو أن نصف الشعب المصري وليس كله، لو أن الـ45 مليون مصري كل واحد منهم اشترى قطعة ملابس واحدة جاهزة في السنة... ماذا يحدث؟ يحدث أن مطلوب صناعة 45 مليون قطعة ملابس في السنة، أي 150 ألف قطعة في اليوم تقريبًا. تصوروا حضراتكم كل مصانعنا لن تقدر لو اشتغلت بطاقتها القصوى! تعالوا كل واحد يشتري قطعة ملابس واحدة صناعة مصرية: قميص، بنطلون، فانلة، أي حاجة. تخيلوا: لو فعلنا ذلك كل مصانعنا ستعمل 24 ساعة في اليوم، ولن يكفي! تخيلوا حضراتكم: الحركة التي ستحدث في السوق وانعكاسها على كل المجالات، تخيلوا حضراتكم: عدد الدولارات التي وفرناها من شراء منتج مصري بدلًا من الأجنبي!

تخيلوا حضراتكم: لو أن الأهلي ارتدى فانلة صناعة مصرية من الماركات العالمية الشهيرة، وتخيلوا لو أن الزمالك فعلها، ولو أن الإسماعيلي والاتحاد وكل الأندية فعلتها، وقتها كل مصري ومصرية سيفعل ذلك، وكيف لا يفعل والأندية التي يعشقها فعلت وانتصرت للصناعة المصرية؟!) (من مقال بعنوان: "حرب الدولارات مسئوليتنا جميعًا، أنا وأنت وهو وهي... وفانلة الأهلي بداية الانتصار" - جريدة الأهرام عدد الجمعة 25 مارس عام 2016م، ص 17).