رحمة الله واسعة

  • 352

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَسْرَفَ رَجُلٌ على نَفْسِهِ، فَلَمّا حَضَرَهُ المَوْتُ أَوْصى بَنِيهِ فَقالَ: إِذا أَنا مُتُّ فأحْرِقُونِي، ثُمَّ اسْحَقُونِي، ثُمَّ اذْرُونِي في الرِّيحِ في البَحْرِ، فَواللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبُنِي عَذابًا ما عَذَّبَهُ بِهِ أَحَدًا، قالَ فَفَعَلُوا ذلكَ بِهِ، فَقالَ لِلأَرْضِ: أَدِّي ما أَخَذْتِ، فَإِذا هو قائِمٌ، فَقالَ له: ما حَمَلَكَ على ما صَنَعْتَ؟ فَقالَ: خَشْيَتُكَ، يا رَبِّ، أَوْ قالَ مَخافَتُكَ، فَغَفَرَ له بِذلكَ) (رواه مسلم).

يا الله... !

أكرَمَ العاصي واستقبله أحسن استقبال وتجاوز عنه؛ فكيف استقباله بالصالحين والمحسنين؟!

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (خَلَقَ اللهُ مِائَةَ رَحْمَةٍ، فَوَضَعَ وَاحِدَةً بَيْنَ خَلْقِهِ وَخَبَأَ عِنْدَهُ مِائَةً إِلَّا وَاحِدَةً) (رواه مسلم)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (جَعَلَ اللهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ وَأَنْزَلَ فِي الْأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا، فَمِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ تَتَرَاحَمُ الْخَلَائِقُ، حَتَّى تَرْفَعَ الدَّابَّةُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا، خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ) (متفق عليه).

وقال -تعالى-: (فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ) (الأنعام:147).

فإذا رأيت رحيمًا فالله أرحم منه، وإذا رأيت كريمًا فالله أكرم منه؛ فهو الأول في كل شيء، وعندما يموت قريبًا أو صديقًا لك؛ فلا بد أن تستشعر رحمة الله به؛ ولذلك يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللهِ الظَّنَّ) (رواه مسلم)، فهذا نهي من النبي -صلى الله عليه وسلم- عن سوء الظن بالله؛ لأنه -سبحانه- أرحم الراحمين.

أسأل الله أن يرحمنا ويرحم موتانا، وأن يدخلهم فسيح جناته. آمين.