قبل أن تُسْتَبْدَلوا!

  • 216

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

- هل فكرت يومًا أنه قد يستبدلك ربك ويأتِ بآخرين؟

- هل فكرت يومًا أن يذهب الله بك ويأتِ بآخرين؟

- لعلك لم تفكر في ذلك؟

- لعلك لم تتصور ذلك، ولم يجل بخاطرك؟

فلك أن تتصور خطاب ربك للصحابة -رضي الله عنهم- الذين اختارهم الله لصحبة نبيه -صلى الله عليه وسلم- وإقامة دينه؛ ماذا قال الله في غزوة تبوك، وهي آخر غزوات النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ ذلك أنه لما بلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- أن هرقل ملك الروم قد جمع الجموع وحشد الحشود لحرب النبي -صلى الله عليه وسلم- والقضاء على الإسلام، فأعلن النبي -صلى الله عليه وسلم- التعبئة العامة، وكان الوقت صيفًا والحرارة شديدة، مع وجود الجدب والمجاعة، فنادى الله على عباده الذين آمنوا مستحثًا إياهم ليخرجوا مع نبيهم -صلى الله عليه وسلم- لقتال أعداءه قي عقر دارهم؛ لأنهم قد عزموا على غزو المسلمين في ديارهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ) (التوبة:38).

ثم جاء الوعيد والتهديد إذا تخلوا عن نصرة رسولهم -صلى الله عليه وسلم- ونصرة دينهم، فتباطؤا ولم يسارعوا في تلبية النفير، ولم يشفع لهم ما قَدَّموا لدينهم قبل ذلك مِن جهادٍ وطاعاتٍ: (إِلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (التوبة:39).

ثم التذكير بنصرة الله -تعالى- لرسوله -صلى الله عليه وسلم- في ظروف أصعب من ذلك؛ حتى لا يشعر أحدٌ بمنته على الإسلام، بل الله وحده هو الذي يمن على خلقه أن هداهم للإسلام: (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة:40).

فلتعلم علم اليقين:

(وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ) (الأنعام:133).

- (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ . إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ . وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ) (فاطر:15-17).

فاللهم استعملنا ولا تستبدلنا، فالسبيل لكي تكون مستعملًا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) (الأنفال:24).

خذ الكلام بمحمل الجدية، لا بالاستهانة والاستخفاف، ولا بالتهاون واللا مبالاة: (خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ) (البقرة:63)، (هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) (محمد:38).

- فمَن الذي دعاك؟ ولأي شيء دعاك؟

- فما موقفك من هذه الدعوة؟ وما أنت صانع فيها؟

- أتدري لماذا لم يكتب لنا حتى الآن الاستخلاف في الأرض؟

- أعندك إجابة للسؤال؟

بسبب التخلف عن تحقيق ما اشترط الله علينا ليكون تحقيق المشروط، فوعد الله لا يتخلَّف متى حققنا المطلوب: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ . وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (النور:55-56).

فلتجردوا عبادتكم لله وحده: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) (الكهف:110).

اللهم استعملنا ولا تستبدلنا، (رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) (آل عمران:8).