الدعاة والقضاة (3)

  • 329

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فإن منع استخدام المنابر الدينية للدعاية الحزبية والانتخابية، أو منع الشعارات الدينية التي لا تتوافق مع الدستور، مسائل محل اتفاق، ونظمتها نصوص قانونية عديدة، منها:

- ما ورد بنهاية الفقرة الثانية مِن المادة رقم 87 مِن الدستور: "ويُحظر استخدام المال العام، والمصالح الحكومية، والمرافق العامة، ودور العبادة، ومؤسسات قطاع الأعمال، والجمعيات والمؤسسات الأهلية، في الأغراض السياسية، أو الدعاية الانتخابية".

- البندين رقمي: 2، 5 من المادة رقم 31 من قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 45 لسنة 2014 وتعديلاته: "يجب الإلتزام بأحكام الدستور والقانون، والقرارات التي تُصدرها الهيئة الوطنية للانتخابات وذلك في الدعاية أثناء الانتخابات والاستفتاءات، ويُحظر لأغراض الدعاية القيام بأى مِن الأعمال الآتية:

2- تهديد الوحدة الوطنية، أو استخدام الشعارات الدينية، أو التي تدعو للتمييز بين المواطنين.

5- استخدام المرافق العامة، ودور العبادة، والجامعات والمدارس، والمدن الجامعية، وغيرها مِن مؤسسات التعليم؛ العامة والخاصة.

- البند رقم 12 من المادة رقم 32 من ذات القانون، والخاص بوسائل الإعلام: "وفي هذا المجال يجب عليها وبصفة خاصة الالتزام بالآتي:

12- عدم استخدام الشعارات الدينية لتأييد أو رفض مرشح أو موضوع معروض على الاستفتاء.

- المادة رقم 52 من ذات القانون، والتي رتبت على مخالفة قواعد الدعاية الانتخابية شطب اسم المرشح من قائمة المرشحين.

- المادة رقم 68 من ذات القانون.

- البند 2 من المادة 19 من قانون الانتخابات الرئاسية رقم 22 لسنة 2014، والتي يترتب على مخالفتها غرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد عن مائتي ألف جنيه.

- المادة رقم 19 من قانون مجلس النواب رقم 46 لسنة 2014 وتعديلاته.

- المادة رقم 57 مِن قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016، وكذا المادة رقم 150 مِن اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016، "يُحظر على الموظف مخالفة القوانين واللوائح والقرارات، والنظم المعمول بها، ويُحظر عليه على الأخص ما يأتي:

11- ممارسة أي عمل حزبي أو سياسي، أو جمع تبرعات أو مساهمات لصالح أحزاب، أو نشر الدعاية أو الترويج لها، إذا كان ذلك داخل مكان العمل أو بمناسبة تأديته؛ فضلًا عن قرارات الهيئة الوطنية للانتخابات، وتعليمات وزارة الأوقاف، ووزارة التعليم العالي، ووزارة التربية والتعليم، وغيرهم، مع العلم بأن المادة رقم 77 مِن القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، كانت تنص على أنه: "لا يجوز للموظف أن ينتمي إلى حزب سياسي أو أن يشترك في تنظيم اجتماعات حزبية أو دعايات انتخابية، ويعتبر مستقيلًا كلُّ مَن رشَّح نفسه بصفة حزبية لعضوية البرلمان مِن تاريخ ترشيحه".

وقد تم رفع هذا الحظر في قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978، وقانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016.

فمجموع هذه النصوص يتضمن عقوبات الشطب والحبس والغرامة، والعقوبات التأديبية التي تتراوح بين الإنذار والفصل مِن الخدمة.

ويُستفاد مِن المقارنة السابقة ما يلي:

- أن القضاة يُحظر عليهم الاشتغال بالسياسة، والترشح للانتخابات قبل التقدم باستقالتهم، ولكنهم يُقيدون بقاعدة بيانات الناخبين، ويصوتون في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية والاستفتاءات.

وقد نصَّت الفقرة الثانية مِن المادة رقم 58 مِن القانون رقم 45 لسنة 1982 بشأن نظام السلك الدبلوماسي والقنصلي وتعديلاته، على أنه: "كما يجب على أعضاء السلك الامتناع عن القيام بأي نشاط حزبي أو الانضمام إلى الأحزاب السياسية أو الترشيح لعضوية المجالس النيابية أو المحلية إلا بعد تقديم استقالتهم، وتعتبر الاستقالة في هذه الحالة مقبولة بمجرد تقديمها".

- أن بعض الوظائف التي تتسم بالحساسية، اعتمد فيها القانون مبدأ الفصل التام بين السياسة، والوظيفة العامة: "كضباط وأفراد الجيش، والشرطة، وأعضاء الرقابة الإدارية، أو المخابرات العامة" (محمود أبو السعود - الموظف العام وممارسة الحقوق والحريات السياسية - ص 59، وما بعدها).

- أما الدعاة فهم قسمان: قسم رسمي وظيفي، وقسم طوعي، والدعوة إلى الله -تعالى- واجبة على مَن اتبع الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وهذا الوجوب على مجموع الأمة، وهو مِن فروض الكفاية، قال -تعالى-: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) (يوسف:108).

والدعاة بقسميهم يُحظر عليهم استخدام المنابر الدينية للدعاية الحزبية والانتخابية، كما يُحظر عليهم مطلقًا استخدام الشعارات الدينية التي لا تتوافق مع الدستور للدعاية الحزبية والانتخابية، ومع ذلك حفظ لهم الدستور والقانون حق القيد بقاعدة بيانات الناخبين، وحق الترشح والانتخاب، والانتماء الحزبي.

ويمكن استحضار الحقوق والحريات الأساسية مِن خلال النصوص الدستورية والقانونية التالية:

- ما ورد بديباجة الدستور: "نكتب دستورًا يفتح أمامنا طريق المستقبل، ويتسق مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي شاركنا في صياغته ووافقنا عليه" (مع الإشارة للمادة رقم 227 مِن الدستور).

- المادة رقم 74 مِن الدستور: "للمواطنين حق تكوين الأحزاب... ".

- المادة رقم 75 مِن الدستور: "للمواطنين حق تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية... ".

- المادة رقم 87 مِن الدستور: "مشاركة المواطن في الحياة العامة واجب وطني... ".

- المادة رقم 92 مِن الدستور: "الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن لا تقبل تعطيلًا ولا انتقاصًا، ولا يجوز لأي قانون يُنظِّم ممارسة الحقوق والحريات أن يُقيدها بما يمس أصلها وجوهرها".

- المادة رقم 93 مِن الدستور: "تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تُصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وَفْقًا للأوضاع المقررة".

- المادة رقم 151 مِن الدستور: "يُمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات،، ويُصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وَفْقًا لأحكام الدستور... ".

- المادة رقم 20 / 1 مِن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: "لكل شخص حق في حرية الاشتراك في الإجتماعات والجمعيات السلمية".

- المادة رقم 22 مِن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية:

"1- لكل فرد حق في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين، بما في ذلك حق إنشاء النقابات والانضمام إليها مِن أجل حماية مصالحه.

2- ... ولا تحول هذه المادة دون إخضاع أفراد القوات المسلحة، ورجال الشرطة لقيود قانونية على ممارسة هذا الحق.

- المادة رقم 25 / ب مِن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية: "أن يَنتخب، ويُنتخب في انتخابات نزيهة تجري دوريًّا بالإقتراع العام، وعلى قدم المساواة بين الناخبين، وبالتصويت السري، تضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين".

- المادة رقم 8 / 1 مِن العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: "أ- حق كل شخص في تكوين النقابات بالاشتراك مع آخرين وفي الانضمام إلى النقابة التي يختارها...

2- لا تحول هذه المادة دون إخضاع أفراد القوات المسلحة أو رجال الشرطة أو موظفي الإدارات الحكومية لقيود قانونية على ممارستهم لهذه الحقوق".