الفساد (93) الصناعة ودورها في الاقتصاد المصري (5)

  • 228

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

(فبالرغم مِن ضرب جائحة كورونا للاقتصاد منذ مارس 2020 م بما أثَّر على كل الأنشطة وأرباح شركات القطاع العام على وجه التحديد؛ إلا أن هناك عددًا مِن الشركات الحكومية تمكَّنت من جني أرباح خلال الفترة الماضية. وتضم الدولة 119 شركة، من بينها: 8 شركات قابضة و111 شركة تابعة، قامت وزارة قطاع الأعمال بتخفيضها إلى 90 شركة بعد عملية التصفية الأخيرة التي شملت 29 شركة) (راجع مقال: "مصائب قوم عند قوم فوائد: شركات الحكومة الرابحة من أزمة كورونا" جريدة الفجر- عدد الخميس 11 فبراير 2021 م، ص 8).

فقد حققت الشركة القابضة للأدوية والشركات التابعة لها زيادة في الإيرادات بنسبة 4و22 % مقارنة بعام 2019 م؛ بسبب الإقبال على عقاقير ولقاحات الأنفلونزا وفيتامينات تقوية المناعة، وحققت كلٌّ مِن شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير التابعة للقابضة للتشييد والتعمير، وشركة مدينة نصر للإسكان والتعمير ارتفاعًا كبيرًا مقارنة بعام 2019 م.

ورغم تضرر القطاع السياحي بأزمة كورونا؛ إلا أن الشركة القابضة للسياحة والفنادق حققت إيرادات بزيادة 6و32 عن عام 2018 م نتيجة توقيع عددٍ مِن بروتوكولات الشراكة مع القطاع الخاص، مثل: تطوير فندق شهرزاد باستثمارات وصلت إلى 100 مليون جنيه، فضلًا عن توقيع عقد إنشاء، وإدارة جراج المتحف المصري ب 60 مليون جنيه، بجانب عقود تحديث فروع شركات التجارة الداخلية، وافتتاح فندق اللسان برأس البر، وعقد شراكة لإنشاء فندق عالمي 5 نجوم في الأقصر، وكذلك حققت كلٌّ مِن الشركات التابعة للشركة القابضة للتأمين، وشركة مصر لتأمينات الحياة، وشركة مصر لإدارة الأصول العقارية، إيرادات مرتفعة مقارنة بعام 2019 م (انظر المصدر السابق).

هل تنهار صناعة الأسمنت؟

يُطَالِب صُنَّاع الأسمنت في مصر بتدخل الحكومة لإنقاذ صناعة الأسمنت من الانهيار، من خلال تحديد حصص إنتاج للشركات العاملة في السوق المصري بما يسمح للجميع بالعمل، وبالتالي: الحفاظ على الموظفين والعمال، ويشجع على جذب استثمارات مستقبلية، (يصل حجم الإنتاج لشركات الأسمنت في مصر إلى 84 مليون طن سنويًّا، وتدور معدلات الطلب الفعلي خلال الأعوام الماضية حول 54 مليون طن سنويًّا، وهو ما يعني زيادة في العرض عن الطلب بحوالي 40 %) (راجع مقال: "توقعات بخروج 6 شركات أسمنت مع استمرار الخسائر... وتقترض لدفع مرتبات موظفيها" جريدة الفجر - عدد الخميس 24 سبتمبر 2020 م، ص 4).

هناك (18 مصنع أسمنت، منها: 3 حكومية بما يمثِّل 17 % من السوق والباقي للقطاع الخاص، وتشكِّل استثمارات الأجانب نسبة 52 % من إنتاج القطاع).

ومن المتوقع: انخفاض الطلب على الأسمنت ليسجل نحو 42 مليون طن بانخفاض ما بين 13و15 % من إجمالي إنتاج الأسمنت هذا العام بسبب ظروف كورونا، وبسبب تأثر البناء الخاص بسبب قرار الحكومة بوقف البناء في العواصم والمدن الكبرى بالمحافظات لمدة 6 أشهر لمواجهة التعديات والمخالفات، مع عدم إمكانية الاعتماد على الصادرات لوجود أسعار تنافسية، ولأن أغلب الدول لديها ما يكفيها من أسواقها.

وقد انخفضت صادرات الأسمنت خلال النصف الأول من عام 2020م بنسبة 23 % بالمقارنة بالفترة المقابلة من العام الماضي، وتصدر مصر الأسمنت إلى: ليبيا، والسودان، وكينيا، وأوغندا، ومدغشقر، والسعودية، واليمن، ولبنان، وغيرها.

ويرى صناع الأسمنت ضرورةَ التدخل لحماية صناعة الأسمنت، ووقف إصدار التراخيص لمصانع أسمنت جديدة مع تقسيم سوق الأسمنت في مصر بين الشركات المنتجة حاليًا. (انظر في ذلك المقال السابق).

المناطق الحرة ما لها وما عليها:

رغم إنشاء مدن ومناطق صناعية جديدة، وإنشاء مناطق حرة، فما زالت الصناعة بعيدًا عن تحقيق المطلوب منها، (يصل عدد المناطق الحرة في مصر إلى 9 مناطق، تقع في الإسكندرية، ومدينة نصر، وبورسعيد، والإسماعيلية، ودمياط، والسويس، وشبين الكوم بالمنوفية، وفقط بقنا والمنطقة الإعلامية بـ6 أكتوبر. ويبلغ عدد مشروعاتها 1090 مشروعًا برؤوس أموال 8و12 مليار دولار، ونسبة المساهمات الأجنبية فيها 1و2 مليار دولار، وحجم الاستثمارات 2 و26 مليار دولار.

وتستفيد المشروعات العاملة في المناطق الحرة بعددٍ مِن المزايا والإعفاءات:

أولًا: السماح لها بحرية تحويل رأس المال المستثمر والأرباح إلى الخارج، وتحديد أسعار المنتجات، وهامش الربح.

ثانيًا: إمكانية التشغيل لحساب الغير.

ثالثا: عدم جواز إقامة دعوى قضائية على المشروعات إلا بعد الرجوع لهيئة الاستثمار.

رابعًا: لا يجوز تأميم المشروعات أو مصادرتها أو فرض الحراسة عليها من غير الطريق القضائي.

خامسًا: تتمتع الشركات بإعفاء كل أصولها الرأسمالية ومستلزمات الإنتاج -عدا سيارات الركوب- من الرسوم الجمركية، وضرائب المبيعات، أو غيرها من الضرائب طوال فترة النشاط.

سادسًا: تعفى صادرات وواردات المشروع من وإلى خارج البلاد من أي رسوم جمركية أو ضرائب أو رسوم أخرى. ولا يخضع المشروع وأرباحه لأي تشريع ضريبي أو جمركي داخل البلاد، وأيضًا: وارداته وصادراته.

سابعًا: تعفَى واردات المشروع من السوق المحلية من ضريبة القيمة المضافة، وتعفى بضائع الترانزيت من سداد أي رسوم على السلع الداخلة والخارجة.

ثامنًا: تعفى كامل المكونات المحلية للسلع المنتجة بمشروعات المناطق الحرة من الرسوم الجمركية عليها في حالة البيع داخل البلاد) (راجع مقال: "رجال الأعمال يلوون ذراع الحكومة وينقلون مصانعهم للمناطق الحرة" جريدة الفجر - عدد الخميس 11 فبراير 2021 م، ص 4).

فـ(وَفْقًا لقانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017م، فإن المناطق الحرة تعد جزءًا من إقليم الدولة يخضع لسلطتها الإدارية، ويتم التعامل فيه طبقًا لأحكام ضريبية وجمركية ونقدية خاصة، كأنها مناطق أجنبية خارج الحدود)، (هذا في الوقت الذي الذي تفرض فيه لائحة قانون الاستثمار في المادة 107 على مشروعات المناطق الحرة أن تؤدي لهيئة الاستثمار مقابلًا للخدمات عن السنة الميلادية بواقع نصف في الألف من رأس المال المصدر وبحد أقصى 100 ألف جنيه مصري بالعملة الحرة القابلة للتحويل) (المصدر السابق بتصرف).

وهذا يعني أن هيئة الاستثمار هي الجهة المستفيدة من وجود المناطق الحرة بما توفره لها من إيرادات، في حين تفقد وزارة المالية مليارات كانت تحصل على شكل ضرائب ورسوم جمركية.

(ويصل عدد فرص العمل التي توفِّرها المناطق الحرة إلى 194 ألف فرصة عمل، وهو ما يتعدَّى نسبة 1 % من إجمالي عدد المشتغلين في مصر، والبالغ عددهم: 8و26 مليون فرد، وَفْقًا لجهاز التعبئة والإحصاء.

وفيما يخص التصدير من المناطق الحرة، فإنه يسجِّل 4 و5 مليار دولار سنويًّا، بما يتعدَّى 20 % من إجمالي الصادرات المصرية البالغة 8و22 مليار دولار؛ إلا أنها تفتح الباب على مصراعيه للواردات الخارجية (انظر المصدر السابق).

وقد وافق البرلمان بصفة نهائية في نوفمبر 2020م على السماح بالترخيص لإقامة مشروعات بنظام المناطق الحرة للصناعات القائمة على الغاز الطبيعي كأحد مدخلات الإنتاج، وعلى رأسها: الأسمدة والبتروكيماويات، وذلك بعد الاكتشافات الأخيرة لحقول الغاز، وأهمها: حقل ظهر، والتي أَدَّت إلى توفر كنيات كبيرة من الغاز الطبيعي تسمح بفتح مجالات جديدة للاستثمار في تلك الصناعات.

وقد لاقت تلك الموافقة ترحيبًا شديدًا من جانب العاملين في هذه الصناعات؛ بسبب الحوافز التي سيحصلون عليها في نظام المناطق الحرة. ويميل رجال الأعمال إلى التحول لنظام المناطق الحرة والتمتع بإعفاءاتها الضريبية والجمركية مع تصدير كامل الإنتاج بدون قيود.

قانون منع الاحتكار:  

تأخرت مصر كثيرًا في إصدار قانون لمنع الاحتكار حيث جاء إصداره بضغط أوروبي من خلال القيام بإجراءات الشراكة الأوروبية؛ حيث إن قانون منع الاحتكار وتوابعه كان أحد الشروط الحاكمة لتوقيع اتفاق هذه الشراكة، إلى جانب إصرار صندوق النقد الدولي على وقف حيتان الاحتكار.

وزاد من قوة الدفع لإصدار القانون ظهور احتكارات كبرى في مصر، أشهرها في إنتاج الحديد، ووجود "أحمد عز" إمبراطور الحديد، والذي استطاع أن يمد ملكيته إلى نسية كبرى من صناعة الحديد في مصر في سنوات قليلة، حتى صار هو الواجهة للاحتكار في مصر، وإن كان الاحتكار يتوغل وينتشر في العديد من قطاعات الصناعة والتجارة في مصر.

لقد تأخرت خطوة محاربة الاحتكار كثيرا، بل وبدت الحكومة وكأنها مضطرة اضطرارًا إلى إصدار قانون بمنع الاحتكار وبإنشاء جهاز تنظيم المنافسة، ورغم ذلك فإن القانون -كما يرى البعض- وُلِد ضعيفًا منزوع الأنياب وبلا صلاحيات تقلق المحتكرين.

وقد مني الجهاز بافتقاد القدر الكافي من الموظفين المؤهلين، بل ترك بغير مدير للجهاز لفترة، ولم يهتم الجهاز بتفعيل التعديلات الخاصة بالاندماج والاستحواذات الكبرى بين الشركات إلى جانب افتقاد الجهاز للاهتمام بتدريب كوادره، بل إن الحكومة نفسها تحتكر الخدمات الإستراتيجية، مثل: الكهرباء، والمياه، والمواد البترولية من البنزين إلى السولار، ومن أنبوبة البوتاجاز إلى المازوت والغاز، ولم تعد الحكومة تنظر إلى تقديم هذه الخدمات على أنها واجب عليها تجاه مواطنيها، حتى صارت متهمة باستغلال احتكارها لتلك الخدمات بالتلاعب في التكلفة الحقيقية للخدمات والسلع، بل ومتهمة بالفشل في إدارة تلك الخدمات، وتحميل المواطنين فاتورة فشلها.

أما البنك المركزي فيسيطر محافظه على 50 % من سوق البنوك، فمحافظ البنك المركزي هو رئيس الجمعية العمومية لكل البنوك الحكومية الأربعة الكبرى: (الأهلي - مصر- الإسكندرية - القاهرة)؛ بالإضافة إلى مساهمات عامة في بنوك أخرى من جانب وزارة المالية وهيئة الاستثمار، وعليه؛ فالقرارات المصيرية في أكبر البنوك في يد محافظ البنك المركزي.

أما في قطاع الأعمال فالنسبة الأكبر من ممثليه في المنظمات الأهلية هم مِن رؤساء المنظمات الأهلية، وبعضهم يستحوذ أو يحتكر نسب كبيرة من سوق أعماله، سواء في الصناعة أو الاستيراد أو التوزيع، فقد كان هناك خمس عائلات في سوق (البيزنس) يحتكرون سوق التوكيلات الأمريكية والأوروبية وقت كان البرلمان خاضعًا للحكومة والحزب الوطني المنحل؛ خاصة أن بعضَ رجال الأعمال نجحوا في اختراق مزدوج لكلٍّ مِن الحزب والحكومة، وإن لم ينجحوا بعد ذلك في منع ظهور مكافحة الاحتكار الذي طالما أخَّروا ظهوره. (انظر في ذلك مقال: "قانون اللعب مع الكبار: تأخر إصدار قانون منع الاحتكار 25 عامًا وصدر بضغط أوروبي رغم أنف الجميع" منال لاشين - جريدة الفجر - عدد الخميس 10 سبتمبر 2020 م، ص 5).

الصندوق السيادي:

تم إنشاء صندوق مصر السيادي وتشكيل مجلس إدارته من نخبة من خبراء مصر في الاقتصاد والاستثمار، (وهو صندوق ثروة سيادية يضم الأصول المملوكة في مصر. الصندوق الجديد تجربة جديدة على الاقتصاد والاستثمار في مصر، ومِن أهم وأخطر مسئولياته الإشراف على أصول الدولة المصرية، وهي كثيرة ومتنوعة، وتشمل مجالات كثيرة. لقد خصصت الدولة للصندوق الجديد 200 مليار جنيه، وهو يعتبر مبلغًا كبيرًا في الظروف الحالية للاقتصاد المصري. مثل هذه الصناديق أقامتها الدولة لكي تكون وعاءً ادخاريًّا للأجيال المقبلة. وقد أقامته دول عربية في سنوات طفرة إنتاج البترول واقتطعت جزءًا من إيراداتها البترولية ليكون من حق الأجيال المقبلة، ومنها السعودية التي أقامت مؤسسة النقد العربي بمبلغ 675 مليار دولار، والإمارات العربية من خلال جهاز (أبو ظبي) للاستثمار بمبلغ 773 مليار دولار وكذلك الكويت)، (إن صندوق مصر السيادي سوف يتحمل مسئولية إدارة الأصول المصرية، وهي متنوعة، والكثير منها تعرض للإهمال سنوات طويلة) (راجع مقال: "الصندوق السيادي وأصول مصر" للكاتب فاروق جويدة - الأهرام عدد الجمعة 31 مايو 2019 م، ص 13 بتصرفٍ).

وقال الكاتب فاروق جويدة: (إن الصندوق حتى الآن لم يضع يديه على الأصول التي يمكن أن يمارس فيها دوره؛ خاصة أنها قطاعات تتبع أكثر من وزارة وأكثر من مسئول، فهل سيتم التنسيق بينها جميعًا أم أن تبعية هذه الأصول سوف تبقى على حالها؟ وأمامنا نماذج كثيرة يمكن أن تدخل ضمن نشاط الصندوق الجديد أو تبقى في إطار الوزارات المسئولة عنها. إن كلمة أصول الدولة كلمة مطاطة، وتفتح أكثر من باب للاجتهاد والتصنيف، ولكن في النهاية ستكون هناك مسئولية مشتركة. إن لدينا عددًا كبيرًا من الأصول قد يكون البعض فيها واضحًا وصريحًا، وقد يتسم البعض الآخر بالسرية والغموض).

وقال: (نحن أمام كتلة ضخمة من المشروعات والمنشآت تحت إدارة قطاع الأعمال، وله وزارة ووزير مسئول، ولا أحد أيضًا يعلم حجم وقيمة هذه المشروعات؛ خاصة أن الدولة دخلت في خطة لتجديد هذه المشروعات، وخصصت لذلك مبالغ ضخمة، كما حدث في صناعة الغزل والنسيج في مناطق، مثل: المحلة، وكفر الدوار، ومصانع السيارات والحديد والأسمنت. إن قطاع الأعمال يحتل اهتمامًا خاصًّا من الدولة مِن حيث التطوير والتجديد، والكفاءة؛ خاصة الاهتمام بالعنصر البشري ما زال يمثِّل نقطة خطيرة في أداء الجهاز الإداري للدولة).

وقال الكاتب: (تبقى بعد ذلك أصول أخرى تملكها الدولة، ولا بد أن يكون للأجيال المقبلة نصيب منها؛ لأننا نتصور أن ميزانية الصندوق الجديد، وهي 200 مليار جنيه يجب أن تقفز إلى أرقام أخرى أكبر. وعلى سبيل المثال: فإن مئات الملايين التي تمثِّل معاشات المصريين يمكن استثمارها بصورة أفضل إذا أعادت الحكومة ما عليها وهي تزيد على 600 مليار جنيه).

ويضيف: (إذا أفاض اللهُ علينا من خيراته وارتفع إنتاج الغاز والبترول، لماذا لا نفكر في أن نضع في هذا الصندوق شيئًا من نصيب الأجيال القادمة، يضاف لذلك نصيبهم من حصص الأراضي التي تباع والمشروعات الكبرى التي يجري الآن تنفيذها، إن مِن حق أطفالنا الصغار أن نفكر فيهم، وأن نترك لهم رصيدًا يعينهم على أن يعيشوا حياة أفضل.

إن الصندوق السيادي الجديد من حقه أن يقوم بإنشاء صناديق فرعية جديدة تساعد في أداء دوره ومسئولياته، وهنا يمكن أن يتساءل البعض عن موقف الصناديق الأخرى حتى وإن كانت صغيرة وتخدم فئات معينة، وما علاقة الصندوق الجديد بكل هذه الصناديق وهي كثيرة، ولها ميزانيات كبيرة.

إنني على يقين أن النخبة التي تم اختيارها في مجلس إدارة الصندوق السيادي سوف تنظر نظرة شاملة لأصول الدولة المصرية؛ خاصة أنها تعرضت في عصورٍ سابقةٍ إلى محاولات نهب تعرفها جميعًا، والمطلوب من الصندوق الجديد أن يضع من الخطط والبرامج ما يحمي ما بقي لنا من هذه الأصول، وأن يكون من أهم اهتماماتنا، أجيالنا المقبلة لا بد من حقها -وهي تحمل اسم وطن عظيم- أن نترك لها مستقبلًا مضيئًا -بإذن الله-).

ويضيف: (إن المطلوب الآن: أن يتم التنسيق بين أهداف الصندوق السيادي الجديد وبقية مؤسسات الدولة، من الوزارات والهيئات والشركات؛ خاصة تلك التي تتحمل مسئولية إدارة أصول الدولة، ومنها: هيئة الأوقاف وشركات إدارة الأصول، وفي المقدمة: قطاع الأعمال، وشركات التأمين، وهيئات الاستثمار. أن تخضع هذه الأصول لإجراءات اقتصادية واستثمارية تتسم بالشفافية، بعيدًا عن أفكار البيع أو الهدم أو التجارة؛ لأن الكثير من هذه الأصول لا يقدَّر الآن بثمن، ويجب أن نحرص على صورته وتاريخه. وأن نفرق بين أصول يمكن استثمارها وأصول أخرى لها (مكانتها) بحكم الزمن والتاريخ والمكان. هناك عقارات يمكن أن تؤجر، وهناك قصور يجب أن نحافظ (عليها) بيننا، في مصر أشياء كثيرة لا تباع ولا ينبغي أن تباع، ويكفي ما تعرضت له قصور مصر التاريخية من الإهمال والهدم والتشويه.

لا بد أن تكون هناك مشاركة ثقافية وحضارية وتراثية فيما يخص أصول الأماكن التاريخية، وهنا ينبغي أن نلجأ للخبراء إذا اختلفنا حول قيمة أصل من الأصول، فليست الأصول كلها متشابهة في القيمة أو التاريخ، ولهذا يجب أن يكون للعلم دور في تحديد قيمة الأشياء) (المصدر السابق بتصرفٍ).

ويختم الكاتب مقاله بقوله: (سوف أكون متفائلًا لهذا الصندوق السيادي الجديد، وأتمنى أن نرى رأسماله في يوم من الأيام، وقد تجاوز التريليون جنيه، لكي يكون أساسًا قويًّا للتنمية والبناء والرخاء، ويحمي ما بقي من أصول مصر).

صناديق الاستثمار في البنوك:

(تعتبر صناديق الاستثمار وعاء من المال يشارك في ملكيته مجموعة من المستثمرين، وتتم إدارته من قبل متخصصين في مجال الاستثمار المالي، والذين يتخذون قرارات البيع أو الشراء لمجموعة من الأوراق المالية، مثل: السندات والأسهم؛ مما يسهم في تنوع الملكية الخاصة لكل مساهم في الصندوق الاستثماري وتوفير أعلى العوائد المالية، مع وجود أقل مخاطرة ممكنة) (راجع مقالة: "بالأسماء والتفاصيل: خريطة الأرباح من صناديق الاستثمار في البنوك" جريدة النبأ - عدد السبت 27 فبراير 2021 م، ص 5).

ومن حيث أنواع صناديق الاستثمار: فـ(تقوم البنوك المصرية بتوفير العديد من الصناديق الاستثمارية لجميع العملاء من جميع فئات المجتمع).

وتعد (الصناديق المتخصصة هي مِن أكثر الصناديق الاستثمارية شمولية؛ لأنها تحتوي على أكثر من فئة من الأوراق المالية التي تعتبر أغلبها شعبية، ولكن تستغنى هذه الصناديق عن التنوع في الفئات ضمن قطاع الاقتصاد، بل تستهدف الأموال التابعة لقطاعاتٍ اقتصاديةٍ معينةٍ، مثل: الصحة والمال والتكنولوجيا التي تزداد احتمالات تحقيقها للأرباح) (المصدر السابق بتصرفٍ).

مزايا صناديق الاستثمار:

- إتاحة الفرصة أمام قطاع عريض من المستثمرين للاستثمار في الصناديق المتنوعة حسب أهداف كلٍّ منهم الاستثمارية.

- توفير مجموعة من المدربين الذين يبحثون عن أفضل الطرق الاستثمارية للأوراق المالية، ويراقبون الأداء الخاص بصناديق الاستثمار.

- القدرة على الاستثمار ضمن الأوراق المالية التابعة لمجموعة من الشركات والمؤسسات، مما يساهم في تقليل نسبة المخاطرة في حال إفلاس أو خسارة إحدى الشركات.

- توفِّر صناديق الاستثمار السيولة للمستثمر حيث يمكنه استرداد قيمة الوثائق التي اشتراها من هذه الصناديق في الوقت الذي يراه أو عند نهاية أجل الصندوق.

- توفير إمكانية بيع الأسهم الخاصة بالمستثمرين في حال حاجة أي مستثمر إلى سيولة مالية.

- تحقيق المرونة للمستثمر، حيث يمكنه في حال تعير أهدافه الاستثمارية أن يحول استثماراته من صندوق لآخر.

- الحصول على الخبرة: فصناديق الاستثمار تعتبر قاعدة كبيرة يتجمع فيها عددٌ كبيرٌ من المستثمرين الذي يمكنه الاستفادة من خبراتهم) (المصدر السابق)