الفساد (98) أين دور الصناعة في الاقتصاد المصري؟ (10)

  • 97

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فتحتاج مصر -وبشدة- إلى تطوير الصناعات الإستراتيجية والثقيلة فيها، والتي قد شهد الكثير منها دفعات قوية في فترة الخمسينيات والستينيات، قبل أن تتعرض إلى التراجع والتدهور بعد ذلك، وهي الآن تتطلع وتنتظر النهوض بها من جديدٍ، إلى جانب إدخال أنواع جديدة من الصناعات الإستراتيجية والإلكترونية الحديثة التي لا غنى عنها لبناء دولة صناعية قوية ومتقدمة.

وتحتاج مصر -قبل ذلك وبعده- إلى المزيد والمزيد، من العمل والبذل والعطاء، وزيادة الإنتاج من أبنائها -خاصة الشباب-؛ حتى يمكنها أن تخطو الخطوات الكبيرة المطلوبة منها؛ لإدراك ركب التقدُّم قبل فوات الأوان.

صناعة القطارات في مصر:

تعد صناعة عربات القطارات بأنواعها المختلفة من الصناعات الثقيلة والإستراتيجية، وقد بدأت مصر في العصر الحديث رحلة صناعة القطارات في مصر منذ عام 1955م، حيث أسست الدولة المصرية في ذلك الوقت بتوجيهات من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مصنع مهمات السكك الحديدية (سيماف)، ولكن هذا المصنع تهدد بالتخلي عنه في عام 2004م -مع اتجاه الدولة في عهد مبارك إلى التفريط في تملك الدولة للصناعات الإستراتيجية والتخلي عنها، بما يعرضها للانهيار ثم الاتجاه نحو خصخصتها-، فجاء تصدي المشير محمد حسين طنطاوي لهذا الاتجاه في مجال تصنيع القطارات، حيث قام بالتنسيق مع الهيئة العربية للتصنيع لشراء مصنع مهمات السكك الحديدية، وبالتالي: تحمل مسئولية إدارة تلك الصناعة الإستراتيجية في مصر.

وقد عمدت الهيئة العربية للتصنيع على مدار سنواتٍ طويلةٍ ضخ الاستثمارات في المصنع وتطويره؛ لمواكبة مستجدات العصر، ويعد هذا المصنع حاليًا هو المصنع الوحيد لتصنيع عربات السكك الحديد في المنطقة العربية، ومنطقة الشرق الأوسط بالكامل، وهو أحد مصنعين يعملان في هذا المجال على مستوى إفريقيا، حيث تنافسنا فيه دولة جنوب إفريقيا.

جهود سيماف لأكثر من نصف قرن:

يوجد المصنع داخل المنطقة الصناعية بحلوان حيث إنه مقام على مساحة تتعدى 250 ألف متر مربع، ويعمل به ألف ومائتا عامل وعاملة، يقومون بعمليات تصنيع عربات قطارات جديدة، وعمل عمرات لعربات القطارات القديمة، حيث إن بالمصنع عشرات الورش العاملة في صناعاتٍ متعددةٍ، من تشكيل ألواح المعادن وأعمال النجارة، وورش كهربائية، وغيرها.

قام مصنع (سيماف) عبر رحلة تعدت الخمسين عامًا بإنتاج وتصنيع نحو 25 ألف عربة قطارات سكك حديدية بمختلف أنواعها، وقرابة 50 ألف من (البواجي)، وهي الأجزاء الرئيسية التي تحمل أجسام القطارات وتربطها بعجل القطارات للسير على قضبان السكك الحديدية المختلفة.

كانت بداية المصنع في إنتاج عربات البضائع في عام 1961م وفي خلال 57 عامًا تم إنتاج 600 عربة بضائع، بدأها بعربات حمولتها 10 أطنان فقط؛ إلا أنه يعمل حاليًا على إنتاج عربات لنقل المعدات حتى وزن 75 طنًّا، منها: عربات لنقل البازلت والزلط، وعربات لنقل الفوسفات، وعربات لصهاريج نقل المواد البترولية، وللأمونيا، وعربات نقل بضائع ثلاجة.  

وفي عام 1970م كانت أول عملية تصنيعية لقطارات نقل الركاب داخل مصر، حيث كان التعاقد مع وزارة النقل والمواصلات لإنتاج 30 عربة قطار، ثم تواصل العمل في إنتاج عربات الدرجة الثانية والثالثة العادية، والثانية المميزة والأولى، وعربات ركاب الضواحي، وللمصنع حاليًا تصميم عربات قطار بنسب تصنيع محلية تصل إلى 100 %.

ومن عام 1984م كان التعاقد على إنتاج 120 عربات قطارات تعمل بنظام التكييف لتعمل في السكك الحديدية، ثم توالت التعاقدات بعدها ليتم إنتاج عربات درجة ثانية وأولى مكيفة، وصولًا إلى عربات الـ (في آي بي) وعربات البوفيه المكيفة، كما ينتج المصنع عربات توليد قوى، وهي عربات تلحق بالقطارات المكيفة حتى تستطيع إنتاج طاقة كهربائية إضافية تمكنها من تشغيل أنظمة التكييف بالقطارات، ومنذ بداية إنتاجها ومع الوقت، زادت نسبة التصنيع المحلي فيها لتصل النسبة حاليًا إلى 100 %، عدا ماكينات توليد القوى.

وفي عام 1985م كانت أول إنتاجية لقطارات مترو الأنفاق بمصر بالتعاون مع شركة (ألستوم) الفرنسية، ثم تواصل العمل في إنتاج قطارات المترو في خطوطه الثلاث. ويعمل المصنع بالتكامل مع نحو 100 شركة ومصنع محلي، بداية من شركات ومصانع الهيئة العامة للتصنيع ذاتها، خاصة العاملة في مجال الفرامل والتصادمات والتجهيزات الداخلية، كما يتم التعاون مع شركات الحديد والصلب، وشركات الهيئة القومية للإنتاج الحربي لتوفير الكيماويات اللازمة للعمل، وشركات قطاع الأعمال العام لتوفير المطروقات والمسبوكات وخامات أخرى غير حديدية، إلى جانب التعاون مع شركات ومصانع القطاع الخاص لتوريد الزجاج والمطاط، وغيرها من مكونات تحتاج إليها صناعة عربات القطارات.

وقد استطاع مصنع (سيماف) تصدير عربات ركاب درجة أولى، وعربات توليد قوى لصالح هيئة سكك حديد السودان، كما تم تصدير عربات بضائع لدولة سيريلانكا، وهياكل بواجي عربات ركاب لشركة (جانز) المجرية.

وفي السنوات القليلة السابقة -بعد عام 1914م- قام المصنع بتصنيع وتوريد قرابة 374 عربة قطارات داخل (سيماف)، منها: 212 عربة مكيفة من الاستانلس، بما يعادل 23 قطارًا لصالح الهيئة القومية لسكك حديد مصر، تضم عربات درجة أولى وثانية، وبوفيه، و(في آي بي)، وتصنيع وتوريد 20 عربة توليد قوى، إلى جانب تصنيع وتوريد 7 قطارات مكيفة للخط الثالث من مترو الأنفاق مكونة من 56 عربة قطار، كما تم عمل 9 قطارات مكيفة جديدة للخط الأول لمترو الأنفاق بإجمالي 81 عربة، تم تسليم آخر قطار منها عام: 2016م.

وفي إطار السعي لتحقيق أعلى معايير الجودة في الإنتاج: حصل المصنع على عددٍ مِن شهادات الجودة العالمية، كما أنه يمتلك جهازًا متقدمًا للقياس ثلاثي الأبعاد للبواجي، وماكينات تعمل بأشعة أكس للكشف على العيوب الداخلية.

وقبل ذلك وبعده، فيُذكر لمصنع (سيماف) دوره الكبير خلال 40 عامًا في صيانة وإعادة تأهيل ورفع كفاءة قرابة 200 قطار مِن القطارات التي تخدم السكك الحديدية في خطوط الفروع والضواحي، من خلال مهندسين وفنيين لديهم خبرات عالية يقومون بالعمل الكبير، حيث إن جسم عربات تلك القطارات يكون معظمها متهالكًا، يحتاج  للكشف على هياكلها وتقطيع المتهالك منها وإعادة تجديدها، أو تركيب أجزاء أخرى حيث يتولون فك مكونات القطارات الداخلية بالكامل، واكتشاف ما بها من العيوب والتلف، والكشف على قوائم القطارات، والتي عادة ما يغطيها الصدأ مع طول فترة الخدمة، ومِن ثَمَّ تركيب قوائم جديدة وكسوة جانبية للقطارات بدلًا من التالف منها، واستبدال الأرضيات بأرضية جديدة، وعمل مرمات لأرضية الصالون، وتركيب الفرامل وأعمال الكهرباء و تجديد الكراسي، وإعادة تأهيل أبواب القطارات، وتركيب المفصلات والحديد والزجاج، مع الدهان والتشطيب، مع القيام بالاختبارات اللازمة إلى جانب أعمال التطوير والصيانة الأخرى.

وهذه الجهود الكبيرة من تجديدٍ وإعادة تجهيز وتشطيب يتم بمعدل 15 عربة شهريًّا؛ أي: بمعدل عربة كل يومين، وهي جهود يتم بها مد نحو 15 سنة خدمة جديدة لعمر عربات القطارات الافتراضي في العمل، بما يوفِّر للدولة قرابة 25 % من ثمن شراء عربات قطارات جديدة، كما أن للمصنع جهوده في إعادة تأهيل عربات القطارات التي تحدث لها حوادث وتصادمات بدلًا من التخلص منها ككُهنة، أو القيام بتسفيرها لإعادة تأهيلها في الخارج (راجع في ذلك ملف: 63 عامًا من صناعة القطارات: دشنها ناصر، وأنقذها طنطاوي، ويطورها السيسي، جريدة الوطن - عدد 14 سبتمبر 2018 م، ص 6).

جهود لتطوير مصنع سيماف:

في إطار الأخذ بالتكنولوجيا الحديثة، يعمل مصنع سيماف بالتعاون مع شركات أجنبية لحل مشكلة بطء النقل عبر السكك الحديدية، حيث سيتم التعاقد مع عربات قطارات نقل قلاب بطاقة 50 طن يتم تفريغ شحنتها كاملة في خلال 30 ثانية بدلًا من تفريغها كما في عربات النقل التقليدية في عدة أيام، وهذا يزيد من الطاقة الاستيعابية لنقل البضائع عبر السكك الحديدية؛ خاصة مع القطارات التي تتناسب مع نقل فوسفات أبو طرطور وخامات الطفلة والأسمدة، وتنشيط النقل عبر السكك الحديدية يقلل من النقل البري الثقيل، ويقلل من حوادث الطرق، ويقلل من استهلاك الوقود، وهو الاتجاه العالمي في نقل البضائع.

كما سيتم تكييف كل عربات القطارات والمترو لمواجهة اشتداد الحر في مصر عامًا بعد عام، كما يتم أيضًا التعاقد مع تحالفاتٍ عالميةٍ لتنفيذ القطار السريع، والذي تصل سرعته إلى 500 كيلو متر في الساعة، في مقابل قطاراتنا الحالية التي تبلغ سرعتها 120 كيلو متر في الساعة؛ هذا إلى جانب إدخال خدمة (المونوريل) وإنتاجها محليًّا، والمونوريل وسيلة نقل سريعة للغاية، وبحيز أقل من القطار، مع تبني مشروع تصنيع قطار بدورين، إلى جانب التخطيط للتوسع مستقبلًا بالمشاركة في مشروع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والمشاركة في إنتاج جرارات محلية للقطارات (راجع المصدر السابق، ص 7).

هل تصنع مصر الطائرات؟

في إبريل عام 2006 تم إنشاء شركة مصر للطيران للصناعات التكميلية، وهي شركة تعمل على تصنيع المواد التكميلية للشركة القابضة لمصر للطيران والكيانات التابعة لها، إلى جانب إنشاء قسم تسويق لاستغلال الفائض وبيعه للقطاعات الخاصة، ويعمل بالشركة حاليًا: 491 عاملًا، وتقوم الشركة بتصنيع أجزاء الطائرات غير الهيكلية (كل الأجزاء البلاستيكية الموجودة في كابينة الطائرة)، حيث يتركز العمل الرئيسي للشركة في مصنع المنتجات البلاستيكية، الذي ينقسم لعدة أقسام، لكل قسم منها وظيفة معينة.

وتصنع الشركة الآن 283 جزءًا من هذه الأجزاء، وتقوم بتركيبها وصيانتها تحت تصديق من سلطة الطيران المدني المصري، ومنها: تصنيع الأدوات اللازمة لتقديم الوجبات، والتي يتم تصنيعها طبقًا لاحتياجات الرحلات، والوجهات الطويلة والمتوسطة والقصيرة.

وفي الخط الرئيسي للشركة يعمل قسم: (سي إن بي سي)، والماكينات المبرمجة، وهو القسم الذي يصنع قطع غيار الطائرات نفسها، ومنه تخرج كل المنتجات الخاصة بالشركة، ومنه تخرج المنتجات الخاصة بالشركة ويتم تشغيلها في شركة الصيانة تحت تصديق سلطة الطيران المدني.

وتخطط الشركة إلى جانب تنمية وتطوير مصنع البلاستيك إلى للحصول على اعتماد الوكالة الأوروبية لسلامة الطيران المدني (الإيازا)، وهو الاعتماد الذي يمكِّن الشركة من بيع قطع الغيار لشركات الطيران الأوروبية.

وتخضع الشركة حاليًا لمراحل التدريب اللازمة لتأهيلها للحصول على هذا الاعتماد، والذي يعد نقلة كبيرة للشركة يتيح لها الدخول على شركات الطيران العالمية، والحصول على موافقات للعمل معها، والتي لا يمكن التعامل مع أي شركة طيران أجنبي منها إلا بعد الحصول على هذا الاعتماد، والذي سيتيح بيع منتجات الشركة من قطع غيار الطائرات للشركات الأجنبية، والتي تباع بمبالغ كبيرة بالدولار ستمثل مصدرًا للدخل بالعملة الصعبة للشركة القابضة للطيران، ويتم حاليًا التركيز على اختيار أهم البنود في اعتماد (الإيازا)، وتوفيرها لضمان بيع أجزاء الطائرات التي يزداد عليها الطلب.

لقد استطاعت تركيا تنفيذ 5 بنود فقط من (الإيازا)، والحصول على اعتمادها فحققت بها أعلى نسبة مبيعات في الأجزاء الخاصة بهذه البنود الخمس، وقد دخلت الشركة في مناقصات لتسويق منتجات البلاستيك في السوق المحلي، وتقوم بتوريد منتجاتها للمستشفيات والفنادق، كما تعاقدت مع الشركة اليمنية ومع شركات من السودان؛ مما ساهم في زيادة مبيعات الشركة وإحداث طفرة في التسويق (راجع في ذلك: حوار "جريدة النبأ" مع المهندس رئيس شركة مصر للطيران للصناعات المكملة - عدد 25 يناير 2020 م، ص 7). 

مِن أين نبدأ؟

في حوار له مع (جريدة النبأ) أشار المهندس طارق طه محمود المقيم بالولايات المتحدة الأمريكية، والذي يعمل هناك مديرًا لقسم الهندسة التحليلية بشركة بوينج العالمية للطائرات، إلى أنه قام بإعداد كتيب عن مشروع مكون من 60 صفحة خاص بصناعة الطائرات في مصر للتوعية بأهمية صناعة الطائرات، ودلل على ذلك بأن تركيا كانت تحتل المرتبة الاقتصادية رقم 64 عالميًّا، ثم طلبت من أمريكا عند شراء صفقة طائرات منها أن تقوم بتعليم الفنيين فيها كيفية تصنيع كراسي الطائرات، حيث تختلف كراسي الطائرات في تصنيعها عن الكراسي العادية، وفي خلال 3 سنوات أصبحت تركيا تصنع كل التصميمات الداخلية لكابينة الطائرة وبجودة عالية، وأصبحت الكراسي المصنوعة في تركيا مطلوبة في أوروبا وأمريكا الجنوبية و آسيا.

ويضيف المهندس طارق: (توجد مدن في تركيا تصنع كل كراسي الطائرات، الأمر الذي كان سببًا في تقوية الاقتصاد التركي، وخلق من 40 ألف إلى 50 ألف فرصة عمل في العام، وأمد ميزانية الدولة بملايين الدولارات، وحاليًا تركيا رقم 12 على العالم اقتصاديًّا. والموظف عام 1986 م إلى 1990م كان يعمل ويحصل على ألف إلى ألفين دولار، وحاليًا يحصل على من 16 ألف إلى 20 ألف دولار في الشهر).

و(وعن مصر قال المهندس طارق: من الضروري أن تفكر مصر في صناعة الطائرات على الأقل تبدأ بالإجراءات البسيطة الخاصة بالطائرة، مثل: المسامير والكراسي، وتقوم بتجميع طائرة من 6 إلى 20 راكبًا. الأمر ليس صعبًا، ومصر بها شباب قادرون على هذا، ما سيوفِّر للدولة دخلًا كبيرًا يساعد على تقوية الاقتصاد المصري) (راجع في ذلك حوار جريدة النبأ مع المهندس طه محمود - عدد 16 ديسمبر 2017م، ص 6).  

أما الدكتور وجدي حبشي الحاصل على دكتوراه في هندسة الطيران من (جامعة كورنيل) بأمريكا، والذي أمضى 40 عامًا مع مصنعي معدات الفضاء في العالم، ونشر ما يقرب من 400 بحث ثلثها في مجال الصناعة، وحاصل على وسام الجمعية البريطانية في الهندسة الميكانيكية، ولقب فارس من (مقاطعة كيوبي)، والذي عمل مستشارًا في شركة برات أند ويتني لمحركات الطائرات، وشركة بيل هليكوبتر، ومحاضرًا  في شركات بوينج وإير باص، و له أبحاث مهمة تسببت في تعديلات على أجنحة الطائرات لمقاومة الثلوج، فقد أشار في المؤتمر الوطني الأول لعلماء مصر بالخارج الذي نظمته وزارة الهجرة بالتعاون مع شبكة تليفزيون النهار بمدينة الغردقة في ديسمبر 2016 م موضحًا أنه من السهل لمصر الدخول في مجال صناعة الطائرات، بالبدء في تصنيع بعض أجزاء الطائرات وصولًا للأجزاء الفنية والمعقدة كما فعلت الصين (انظر: ملف جريدة اليوم السابع عن المؤتمر - عدد 19 ديسمبر 2016م، ص 8).

تعديل نظام العمل والإجازات:

عرض د. صلاح جودة في كتابه: (أربعون قرارًا لإصلاح الاقتصاد المصري: روشتة الإنقاذ) فكرتين: الأولى: حول تعديل نظام العمل في جميع وحدات الجهاز الإداري للدولة (حكومة - قطاع عام - قطاع أعمال - وحدات محلية - قطاع خاص استثماري) ليكون العمل فيها يوميًّا من خلال ثلاث ورديات لا وردية واحدة، كما هو متبع حاليًا، (وبالطبع يمكن جعل العمل على فترتين بدلًا من هذه الثلاث المقترحة إن تعذر تنفيذها)، وهذا الاقتراح يحوِّل العمل في الدولة إلى العمل طوال اليوم كالعمل في خلية النحل.

ويساعد تنفيذ هذا الاقتراح على:

- تخفيف حدة الزحام بتقليل عدد العاملين في كل وردية، حيث يبلغ عدد الموظفين في مصر حوالي 6 ملايين موظف.

- توفير مليارات من الجنيهات المصرية سنويًّا التي تنفق بسبب الزحام، من خلال الاستهلاك الزائد في البنزين والسولار، والجاز والغاز، حيث إنه يجري في مصر حوالي 5و3 مليون مركبة لاستيعاب هذا الزحام اليومي.

 - الحد من هروب بعض الموظفين بحجة قضاء بعض مصالح لهم في مصالح أخرى أثناء فترة عملهم الصباحية.

ثانيًا: بالنسبة لإجازات العاملين في الدولة: فيرى صاحب الاقتراح أن العاملين في مصر يحصلون على عددٍ كبيرٍ مبالغ فيه من الإجازات السنوية، قدَّرها صاحب الاقتراح بنحو 167 يومًا إجازة في السنة؛ بما يعادل 46 % من أيام السَّنَّة؛ لذا يقترح خفض هذه الأيام من خلال قصرها على أيام الجمع، وعيدي الفطر والأضحى، إلى جانب الإجازات الاعتيادية والعارضة والمرضية، والتي قدَّرها صاحب الاقتراح بنحو 91 يومًا فقط، ليتم توفير حوالي نحو (76 يومًا)، بما يعادل نحو شهرين و نصف شهر، بما يضيف نحو 250 مليار جنيه سنويًّا للناتج القومي نتيجة زيادة العمل والإنتاج في هذين الشهرين والنصف شهر، بناءً على الناتج السنوي القومي الإجمالي لمصر عام 2010م الذي بلغ 1300 مليار جنيه (راجع تفاصيل ذلك في كتاب: (روشتة الإنقاذ) د. صلاح جودة - ط. كتاب الهلال - سبتمبر 2013م، ص 13 - 16).