الإنسان غره طول الأمل!

  • 39

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فعجيب أمرالإنسان، فقد يحدثُ أمامه الكثير والكثير من اقتراب الساعة، والكثير من العظات كالموت الذي يحيط بجميع البشر، والذي يفرق بين الأحبة والخلان، ولكنه يصر على ما هو عليه من ظلم وبطلان، ونخص بالذكر مَن هو على الإسلام، فكثير من المسلمين يشتركون في فعل فعله اليهود لما طالبوا موسى بأن يروا الله جهرة حتى يؤمنوا، وهذا جاء في كتاب الله في قوله -تعالى-: (وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ(البقرة:55).

فحينما تحدِّث بعضهم عن الآخرة، وتذكرهم ترغيبًا وترهيبًا بالجنة والنار، منهم مَن يصمت وفي قرارة نفسه يتهم المحدث بأنه يذكر أشياء لم يرها، فقد لا تكون بهذا التهويل.

ومنهم مَن لا يتحرك ساكنه؛ لعدم تقواه وإحساسه بالأمر، ومنهم مَن لا يستجيب؛ لعدم رؤية الوصف، ويقول: حينما نذهب إلى الآخرة سوف تفرج! وهذا الصنف من الأصناف التي على شفا حفرة عميقة تتعلق بالاعتقاد؛ لأن الجنة والنار من جملة العقيدة التي يُفرض على المسلم أن يعتقدها ويعمل لأجلها، ولكن الكثير في غفلة عن يوم حسابهم؛ لقوله -تعالى-: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ(الأنبياء:1)، فإن الفائز الحقيقي هو الذي يتحرك نحو إصلاح نفسه حتى يبلغ بها أعلى مراتب الإيمان للفوز بأعلى الجنان، ومَن غفل؛ فهو لا ريب أنه في خسران.

ومما لا شك فيه أن أهل الجنة يتفاوتون في درجات النعيم في جنان الرحمن الرحيم، بحسب درجاتهم فيها، فليس مَن يسكن "الفردوس" كمَن يسكن في الجنان دونها، فعلى كل مسلم أن يعمل للحياة الحقيقية الدائمة وهي الآخرة، ولا يغتر بملذات الحياة، فقيمتك الحقيقية ودرجتك في الآخرة لا الدنيا!