الفساد (109) أين دور الزراعة في الاقتصاد المصري؟ (11)

  • 155

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فيا ترى ماذا سيكتب عنا التاريخ؟

وكيف ستنظر إلينا الأجيال القادمة وقد أسأنا -وما زلنا- إدارة مواردنا الطبيعية المتاحة، ولم نستثمرها بالقدر المطلوب، رغم وفرتها ورغم حاجتنا لكل موردٍ منها؟!

(جاء في تقرير الأمم المتحدة للتنمية سنة 2011: أن مصر قد فقدت إبان القرن العشرين حتى الآن نحو مليوني فدان من أخصب أراضيها النيلية، كما احتلت المركز الأول عالميًّا في معدلات التصحر في نفس العام (2011)، كما أن مصر غَدَت تفقد نحو ثلاثة أفدنة ونصف الفدان كل ساعة من أخصب أراضيها الزراعية؛ بسبب التعديات والزحف العمراني عليها (شهور الثورة) وهو معدل غير مسبوق عالميًّا!) (راجع: "نيل الواحات: مشروع قومي جديد لمصر" د. إبراهيم علي غانم ط. كتب اليوم - نوفمبر 2014، ص 12- 13).

ولم نكتفِ بذلك: بل أضعنا -ونضيع- الفرصة تلو الفرصة في القيام بنقلة كبيرة إلى الأمام في ظل فرص تعرض علينا بين وقتٍ وآخر، يقدِّمها لنا التقدُّم العلمي المذهل الذي يكشف لنا بأقماره الصناعية والاستشعار عن بعد عما تحتويه بواطن الأرض في بلادنا مِن خيراتٍ تنتظر مَن يستفيد منها، في ظل إمكانيات علمية عالية، وماكينات حديثة، وآلات وأجهزة عملاقة يمكنها أن تقيم لنا الكباري الضخمة، والسدود العملاقة، والجسور القوية، وتستطيع أن تحفر لنا الأنفاق الكبيرة، وتبني المنشآت العميقة في باطن الأرض.

إن فرصة منها لو نجحنا في تطبيقها: لغيَّرت وجه الحياة في مصر، وقدَّمت لنا -ولأجيالنا القادمة- آفاقًا جديدة واعدة، ندرك معها كم فرطنا في حق أنفسنا وحق الأجيال القادمة بتأخرنا كل السنوات الماضية في الإقدام على إنجاز تلك الفرص، أما إذا مرت السنون الطوال دون تنفيذها ثم قامت الأجيال القادمة بتنفيذها فسيظهر وقتها كم مِن منافع وفوائد قد ضيعناها وحرمنا أنفسنا منها، ونحن في أمس الحاجة إليها، وكم من الزيادات والأعباء الإضافية في التكلفة التي حملناها لأحفادنا وكانوا هم في أشد الغنى عنها.

ممر التنمية:

جاء في جريدة الأهرام عدد الجمعة 16 ديسمبر 2016 تحت عنوان: (الباز: ممر التنمية يضيف 10 ملايين و500 ألف فدان صالحة للزراعة والحياة): (من ناحيته قال الدكتور فاروق الباز: إن ممر التنمية الذي أعد التخطيط له، والذي يمتد من أسوان وحتى الفيوم في منطقة غرب الدلتا سيضيف إلى مصر 10 ملايين و500 ألف فدان إلى الخريطة المصرية.

وأضاف خلال جلسة النقل والبنية التحتية: إن مصر بها ما يكفي للتوسع الزراعي والعمراني ومنح الشباب فرصة لتخطيط مستقبل البلد في السنوات المقبلة. وعن فرص البدء والتنفيذ لممر التنمية أكَّد الباز: أنه من الممكن أن يستغرق 10 سنوات لاستكماله، ويوفِّر 450 ألف فرصة عمل، وكانت تكلفة البرنامج لإنشاء الممر في الثمانينيات مليار دولار ارتفعت إلى 23 مليار دولار حاليًا) (المصدر السابق، ص 3).

مشروع قناة للربط بين سدِّ بني سويف ومنخفض القطارة:

جاء في جريدة الفتح عدد الجمعة 23 أغسطس 2013: إن هناك دراسة بحثية تمت حول مميزات "مشروع سد بني سويف ومنخفض القطارة والقناة الرابطة بينهما"، (والذي سينقل مصر نقلة حضارية هائلة خلال عدة أشهر فقط حيث يقدَّر العائد السنوي من خلال المشروع بنحو سبعة تريليونات جنيه؛ إضافة إلى توفير ملايين فرص عمل، وزراعة ما لا يقل عن خمسة ملايين فدان، فضلًا مميزات أخرى عديدة) (المصدر السابق، ص 6 بتصرفٍ).

قال الدكتور محمود الخضيري الخبير الاقتصادي والمدير العام لقسم البحوث والتسويق بالبنك الأهلي المصري: (إن عائد المشروع في إجماله سيوفر لمصر قرابة سبعة تريليونات جنيه سنويًّا يمكن توجيه 20 % منها، أي: ما يعادل 4 و1 تريليون للموازنة العامة للدولة، ثم توجيه الباقي للخزينة العامة للدولة، وبذلك يتحول العجز إلى فائضٍ دائمٍ سيخفف من الضغوط الضريبية على المواطنين فيما يستخدم الباقي كفائض لتمويل مشروعات أخرى جديدة؛ إضافة إلى تحسين صورة ميزان المدفوعات من خلال السلع والخدمات والأفكار التي سينتجها المشروع، وعليه سيكون هناك فائض في ميزان المعاملات التجارية بما سيؤدي إلى تحسين واكتساب مصر قدرة تنافسية في صادراتها.

وفي المقابل: ستقل الواردات الغذائية بما يعطي القوة الفعلية للجنيه المصري بما يحسن من سعر صرفه أمام العملات الأجنبية).

وأضاف: (إن المشروع سيساعد على إيجاد مجتمع عمراني جديد له طبيعة حضارية تستوعب 20 مليون مواطن في مشروعاته، وتوابعها المرتبطة بوجود هذا المجتمع، ومِن ثَمَّ يتم توفير أعداد كبيرة من فرص العمل) (المصدر السابق بتصرفٍ).

ومن فوائد المشروع:

- إنتاج طاقة كهربائية من خلال سد بني سويف.

- إنتاج طاقة كهربائية من منخفض القطارة.

- زراعة ما لا يقل عن خمسة ملايين فدان على جانبي القناة التي تصل بين السد والمنخفض، وهي زراعات لن تحتاج إلى كمياتٍ مياه إضافية؛ لأنها ستقوم على المياه الموجودة بباطن منخفض القطارة، مع استخدام كميات المياه التي تأتي من نهر النيل، مع تطوير نظام الري بحيث يكون التنقيط نهارًا، والرش المحوري ليلًا، وهو ما سيؤدي إلى تطوير المناطق الصحراوية الموجودة بالمنطقة.

- إعطاء تأثير ملطف للجو يحسن المناخ العام باعتبارها دلتا جديدة.

- إمكانية إقامة بحيرة صناعية كبيرة للمياه العذبة تستخدم في إنشاء الكثير من المزارع السمكية؛ لأن المنخفض يتمتع بإمكانية إقامة بحيرة صناعية كبيرة.

- تنمية السياحة النيلية في تلك المنطقة، وإيجاد مساحة لسياحة المنتجعات الصحية والمحميات الطبيعية، مع تنمية القدرات الفندقية.

- إمكانية إقامة مشروعات متخصصة في صناعة الملح حيث إن بالمنخفض تراكمات للأملاح، إلى جانب الاستفادة من استخراج المعادن الموجودة بالمنطقة (للاستزادة: راجع المصدر السابق).

(واختتم المدير العام لقسم البحوث والتسويق بالبنك الأهلي المصري حديثه متعجبًا من عدم تنفيذ هذا المشروع، على الرغم من تقديمه لحكومات المتعاقبة قبل وبعد الثورة)، (ولم يقدِّم أحدٌ منهم أية أسباب منطقية لعدم تنفيذ المشروع، متسائلًا: لمصلحة مَن عرقلة تنفيذه؟!)، (مناشدًا كل من يحب أن يرى مصر بلدًا قويًّا بأن يساهم في اتخاذ قرار التنفيذ؛ لأنه سيجمع كل المصريين بكل انتماءاتهم حوله)، (مع محو كل السياسات السلبية للحكومات السابقة) (المصدر السابق بتصرفٍ).

واختتم عارض المشروع كلامه: (منوهًا إلى أن بإمكان سلاح المهندسين بالجيش تنفيذ هذا المشروع خلال مدة لا تتجاوز ستة أشهر؛ لوجود مؤشرات عامة تؤكد نجاح هذا المشروع وفاعليته بما يجعلنا نتجاوز جميع الأزمات الحالية في مدة وجيزة).

نيل الواحات:

مشروع ضخم عملاق يهدف إلى الاستفادة من المخزون الضخم للمياه الجوفية تحت واحات الصحراء الغربية، وروافد هذا المخزون من مخزون المياه تحت وادي النيل، والدلتا، وحوض الصحراء الغربية في السودان وجنوبه، وتشاد؛ لتكوين نهر نيل جديد يخترق الصحراء الغربية موازيًا لوادي النيل والدلتا، يمتلأ بالحياة ويفيض بالإنتاج الزراعي، وتوليد الطاقة الكهرومائية، والطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، وإقامة صناعات جديدة تستفيد منها مصر والدول الإفريقية المحيطة بها، فيكون المشروع أداة للتكامل بين دول حوض النيل يحولها إلى تكتل اقتصادي وسياسي إفريقي إقليمي له تأثيره العالمي وتقوده مصر.

يوجد في الصحراء الغربية العديد من الواحات، والواحة: منخفض كحوض صحراوي يتدرج سطحه في الانخفاض من المحيط إلى المركز.

ولتركيبة الواحة ثلاث حلقات غالبا:

حلقة خارجية: (الكويستا أو الجرف الصخري الحاد)، وهذه الحلقة تطوق المنخفض كليًّا أو جزئيًّا.

حلقة وسطى: فصلتها عوامل التعرية من الحلقة الخارجية، وبها الأودية الجافة الطولية والعرضية مع تلال وجبلايات ومخاريط فيضية كونتها رواسب الأودية، وهذا ظاهر في واحتي الخارجة والداخلة.

حلقة داخلية: تتكون من رواسب طينية واسعة في قاع المنخفض، وقد يعلو بعضها قشرة ملحية لامعة مكونة (سبخات) كما في قيعان واحات البحرية وسيوة والقطارة.

فالواحة حفرة هائلة لها حدود واضحة في كل أو جل جهاتها، تقع في سطح هضبة من الهضبات تضافرت عوامل التعرية في حفرها، ولها تربة موضعية صالحة للزراعة بمساحة كافية لتلبية احتياجات السكان فيها، وتتسم بقلة المحتوى المائي والملوحة النسبية ووجود مياه جوفية.

وجميع الواحات في مصر فوق مستوى سطح البحر، مع فروق نسبية فأقلها واحة الخارجة بارتفاع 2 م، وأعلاها الواحة البحرية بارتفاع 113 م، وهي أقل خصوبة من تربة وادي النيل حيث تتزايد فيها نسبة الأملاح تدريجيًّا.

والواحات تتمتع بالدفء شتاءً، ولكن حرارتها أعلى من حرارة هضبة الصحراء المحيطة، وبالتالي: فإن البخر فيها أعلى، وليست مشكلة الواحات الحقيقية في الحرارة العالية ولا الجفاف الشديد بقدر ما هي في الرمال الزاحفة والسيول الجارفة، والحل هو في التشجير وفي النخيل (للاستزادة راجع المصدر السابق، ص 22 - 28).

ومناخ الصحراء الغربية جاف كمناخ الصحاري المدارية؛ نتيجة ندرة موارد المياه المتاحة من المياه الجوفية والمطر، ونتيجة شدة قوى البخر بسبب شدة الحرارة وشدة الرياح وجفاف الهواء.، فالحرارة شديدة في نهار الصيف نتيجة طول ساعات النهار وصفاء السماء، وأشعة الشمس شبه عمودية صيفًا، إلى جانب انعدام الغطاء النباتي، بينما تكون الحرارة شديدة البرودة في الليل شتاء.

 والمدى الحراري في الواحات -الفرق بين النهايات العظمى والنهايات الصغرى- مدى كبير، وهي صورة متكررة في صعيد مصر من الفيوم إلى أسوان (للاستزادة: راجع المصدر السابق، ص 29 - 32).

مجرى نيل الواحات:

يبدأ مسار ومجرى نيل الواحات فوق سطح الصحراء من بحيرة ناصر من نقطة تفع شمال خط الحدود السياسية بين مصر والسودان بنحو 25 كم باتساع نحو 250 م، وبعمق نحو 10 م، مبطن القاع والجوانب بطبقة عازلة للتسرب، وطبقة خراسانية سميكة. ويتجه من الجنوب الشرقي إلى الشمال الغربي بوجه عام جنوب منخفض جنوب الوادي محصورًا بين خطي كنتور (280 - 300م) حتى يلامس نقطة التقعر الجنوبية لها المنخفض، ثم يلازم حافة المنخفض الغربية متجها معها من الجنوب إلى الشمال تمشيًا مع الاتجاه العام لانحدار سطح الصحراء، ومحصورًا أيضًا بين نفس خطي الكنتور (280- 300م).

ويستمر كذلك محازيًا للحافة الغربية لمنخفض الخارجة باتساع مجراه 200 م، وعمقه البالغ 10 م من بدايته، ثم عند الطرف الشمالي الغربي للخارجة يتجه نيل الواحات تجاه الغرب فوق سطح الصحراء ملازمًا للحافة الشمالية لمنخفض الواحة الداخلة باتساع 150 م وبنفس العمق 10 م، ومحصورًا بين خطي كنتور (260 - 280 م)، ويواصل سيره حتى نقطة منتصف الحافة الشمالية للداخلة، وعندها يغير اتجاهه ليأخذ اتجاهًا عامًّا جنوبيًّا - شماليًّا مع الاتجاه العام لانحدار سطح الصحراء هناك محصورًا بين نفس خطي الكنتور (260 - 280 م)، ولكن باتساع 100 م وبعمق 8 م وهو نفس متوسط عمق نهر النيل عامة حتى يصل إلى الحافة الشرقية لمنخفض واحة الفرافرة، وعندها ينحصر بين خطي كنتور (240 - 260 م) شرق الفرافرة ويواصل سيره فوق سطح الصحراء في اتجاهه العام صوب الشمال، فإذا ما تجاوز الحافة الشرقية للفرافرة ينحصر بين خطي كنتور (220 - 240 م)، ويقل اتساعه إلى 50 م ويقل عمقه إلى 5 م حتى يبلغ الحافة الغربية لمنخفض الواحات البحرية.

ويواصل بعدها سيره في نفس الاتجاه الشمالي فوق سطح الصحراء، ولكن محصورًا بين خطي كنتور (180 - 200 م) وباتساع 25 م وبعمق 5 م حتى يصل الطرف الشمالي الشرقي لمنخفض القطارة عند بحيرة (مغرة)، فينحصر بعدها بين خطي كنتور (100م- 120 م) على طول طرف الحافة الشمالية الشرقية لمنخفض القطارة، وعندها ينحرف فجأة ليتجه غربًا ملاصقًا لها ثم جنوبًا ليصب ما قد يتبقى من مياهه في قاع المنخفض عند أعلى نقطة في حافة المنخفض الشمالية. (مع ملاحظة: أن هذا المسار لن يحتاج فيه نيل الواحات إلى استخدام ماكينة واحدة لرفع المياه، وإنما سيجري بفعل الانحدار الطبيعي لسطح الصحراء من بدايته حتى نهايته بالضبط كما هو الحال في نهر النيل) (راجع: "نيل الواحات"، ص 35 - 36 بتصرفٍ).

ويروي نيل الواحات أكثر من 7 ملايين فدان حسب نتائج دراسات جهاز حصر وتصنيف الأراضي الزراعية بوزارة الزراعة، ومعهد بحوث الصحراء في أواخر الثمانينيات، منها: 3 ملايين فدان في منخفض جنوب الوادي، و2 مليون فدان في الواحات الخارجة، ومليون فدان في الواحات الداخلة وغرب الموهوب، ومليون فدان تقريبًا في واحات الفرافرة وأبو منقار؛ هذا علاوة على ربع مليون فدان في الواحات البحرية؛ ناهيك عن الأراضي الصالحة للزراعة المحصورة بين الواحات وتلك الواقعة حول منخفض القطارة، والأخرى الواقعة غرب بحيرة ناصر، وكلها تصلح لزراعة جميع المحاصيل الزراعية عدا أجزاء في الواحات الداخلة والفرافرة تصلح فقط لزراعة الأشجار كالكافور والجازورينا إلى جانب النخيل والزيتون. وهذه المساحات -حوض نيل الواحات- تنتج ما يكفي لإعاشة ما بين 30 -40 مليون مصري على الأقل (راجع المصدر السابق، ص 36 - 37).

ومصادر مياه المشروع تتضمن:

أ- الخزان الجوفي أسفل وادي النيل: وتقدَّر سعة الخزان بنحو 200 مليار م3 يتركز معظمها تحت محافظتي: سوهاج والمنيا، وتتناقص في اتجاه القاهرة شمالًا، وفي اتجاه أسوان جنوبًا. ومياهه ذات نوعية جيدة تصلح لجميع الأغراض، وهذا الخزان يتغذى سنويًّا بنحو 3 و5 مليار م3 من المياه المتسربة من نهر النيل نفسه ومن مياه الري لأراضي الوادي، يفقد منها ما يعادل 2 مليار م3 تعود إلى نهر النيل أو تتبخر في المناطق التي تقترب مياهها من سطح الأرض، أي: أن صافي معدل التغذية السنوية لمياه الخزان نحو 2و3 مليار م3.

ب- الخزان الجوفي أسفل الدلتا: وتقدر سعته التخزينية بنحو 400 مليار م3، ويضاف للخزان سنويًّا نحو 4و6 مليار م3 من مياه الري والأمطار الشتوية، يسحب منها نحو 5 و4 مليار م3، أي أن هناك 2 و2 مليار م3 متاحة للاستخدام التنموي، ومياه الخزان ذات نوعية جيدة.

ج- المياه الجوفية أسفل الصحراء الغربية: من أكبر خزانات المياه الجوفية في العالم، وهي عبارة عن أحواض مائية ارتوازية عميقة منفصلة عن بعضها تمتد تحت الأراضي الليبية والسودانية، وجزء منها تحت تشاد. وتنساب المياه الجوفية من هذه الأراضي صوب صحراء مصر. والواحات متسقة مع الميل الإقليمي للطبقات الحاملة للمياه. والخزان ذو نفاذية ضئيلة وسرعة سريان المياه فيه بطيئة؛ لذا فمعدلات السحب المتوقعة لاحتياجات مشروعات تنمية كبيرة تتجاوز بكثير معدلات التغذية المحلية للخزان بمناطق المشروعات.

ويبلغ سمك الطبقات الحاملة للمياه الجوفية في الواحات الخارجة 1280م، وفي الواحات الداخلة 1850م، وفي واحات الفرافرة 2600م، وفي الواحات البحرية 1880م، وفي واحة سيوة ما بين 2500- 3000م، بينما السمك في منطقة جنوب الوادي ما بين 200 - 500 م، وقد (أثبتت الدراسات أن المياه الجوفية تحت الصحراء الغربية في معظمها مياه حفرية لا تتجدد وقابلة للنضوب؛ ولذا استقر الرأي في مصر على معاملة خزانات المياه الجوفية على أساس أنها لا تتجدد).

وعليه يرى د. إبراهيم غانم مؤلف كتاب: "نيل الواحات": (أن المياه الجوفية في الصحراء الغربية مهما بلغت وفرتها فإنها لا يمكن أن يعتمد عليها وحدها في ري سبعة ملايين فدان هي جل حوض نيل الواحات، ولكن يمكن تخصيصها للشرب وسائر الاستخدامات المنزلية فقط في القرى الريفية، والمدن، والمنتجعات السياحية، وذلك بعد أن تتلقَّى دعمًا جديدًا من المياه المتسربة إليها مِن ري سبعة ملايين فدان فوق أحواضها الارتوازية مما يضمن تجددها وعدم نضوبها) (راجع المصدر السابق، ص 48).

وهذا يؤكِّد (حتمية الاعتماد على مياه النيل في أي مشروع قومي بالصحراء الغربية حتى لا نكرر فشل مشروع الوادي الجديد في عهد جمال عبد الناصر منذ عامه الأول لاعتماده كلية على المياه الجوفية الحفرية الوفيرة غير المتجددة إلا في أضيق الحدود) (راجع المصدر السابق، ص 13).

د- تدوير مياه الصرف الزراعي: يقدَّر حجم ما يعاد استخدامه من مياه الصرف الزراعي حاليًا نحو 5 و4 مليار م3، ولكن يعيبها أنها ملوثة بسبب صرف المخلفات الصناعية والصحية في المصارف الزراعية.

وهناك ما لا يقل عن 12 مليار م3 تلقى في البحر سنويًّا يُعَاد استخدام 4 مليار م3 منها، ويراعى (أن التوسع في استخدام المياه المتجهة إلى البحر سوف يؤثِّر سلبًا على الحياة الفطرية والسمكية في البحيرات الشمالية، ويزيد من ملوحة الأراضي الزراعية، وتتوغل مياه البحر في فرعي دمياط ورشيد، ومِن ثَمَّ فإن أقل كمية يجب تدفقها في البحر هي 8 مليارات م3 سنويًّا) (راجع المصدر السابق، ص 50).

هـ- ترشيد استهلاك مياه النيل من خلال: استخدام الأصناف القليلة الاستهلاك للمياه من المحاصيل التي تستهلك ثلاثة أرباع إجمالي مياه الري، وهي: الأرز، وقصب السكر، والقطن، والبرسيم، والذرة الشامي، وهذا يساهم في توفير مياه بنحو 4 و5 مليار م3.

- زراعة البرسيم عفيرًا بدلًا من زراعته على اللمعة كما هو متبعا حاليًا؛ لتوفير 75و0 مليار م 3 من المياه.

- زراعة القمح على خطوط بدلًا من زراعته الحالية في أحواض؛ لتوفير مياه نحو 7و0 مليار م3.

- زراعة القطن على مصاطب عرضها 120 سم، وزراعته على الريشتين بدلًا من زراعته الحالية على مصاطب عرضها 60 سم، وعلى ريشة واحدة؛ لتوفير مياه نحو 75 و0 مليار م 3.

- تقليل المساحة المزروعة من الأرز، وقصب السكر.

- منع بعض الزراعات في الأراضي الصحراوية: كالأرز، والموز، وهذا يوفِّر مياه بنحو 3 مليارات م 3.

- تعميق مجرى نهر النيل وتطهيره من ورد النيل، وردم المناطق الضحلة منه لتوفير مياه بنحو 2 مليار م3.

و- بعض مشروعات أعالي النيل: ويمكن منها توفير حوالي 18 مليار م3، وتتضمن:  

- سبعة مليارات م3 سنويًّا من فاقد المياه في منطقة السدود النباتية لبحر الجبل، وبحر الزراف بإكمال مشروع جونجلي.

- سبعة مليارات م3 سنويًّا من فواقد مياه حوض بحر الغزال بحفر مجموعة قنوات لتجميع مياه المجاري المائية في جنوب السودان لتصب في النيل الأبيض.

- 4 مليارات من المياه المفقودة في حوض نهر السوباط، ورابطه (بارو) في منطقة مستنقعات مشار بحفر قنوات جديدة تصل المياه إلى النيل الأبيض.

- حفر قناة لنقل مياه رافد الأوبنجي من حوض نهر الكونغو في جمهورية إفريقيا الوسطى بعد تعميقه وتقوية جسوره بتكلفة مشتركة بين مصر والدول المستفيدة منها (المصدر السابق، ص 72 -73).

وتنفيذ المشروع يستغرق بصفة مبدية ما بين 20 - 25عامًا، مع مراعاة:

- تزامن العمل في كلِّ قطاعات المشروع في وقتٍ واحدٍ، وليس بنظام المرحلة تلو المرحلة، فتتم عمليات الحفر والتبطين لنيل الواحات في كلٍّ مِن قطاع منخفض جنوب الوادي مع العمل في قطاع الخارجة مع العمل في قطاع الداخلة، وهكذا جميعها في آنٍ واحدٍ.

- العمل في إنشاء شبكات الأنابيب مع العمل في إنشاء شبكات الطرق البرية مع العمل في إنشاء شبكات الكهرباء في جميع الواحات في آن واحد.

- أن يتم العمل بواسطة شركات عملاقة كل منها مستقل وَفْق جداول زمنية محددة كي لا يتجاوز المشروع مدته وتكلفته المحددة.

- أن يتم تخطيط وإنشاء المدن، والقرى الريفية، والمنتجعات السياحية بواسطة شركات استثمارية كبرى مصرية وأجنبية (المصدر السابق، ص 82 - 83، وللمزيد للتعرف على هذا المشروع العملاق، راجع كتاب: "نيل الواحات" للدكتور إبراهيم غانم)