كلمتين وبس ... زفرات مبعثرة

  • 108

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

تتابعُ المكر الذي نراه بالأمة، يقلق سكينة القلب ويزيد الغمة.

الهموم متتابعة، والضعف بادٍ - للأسف- في الممانعة.

الأحوال تتبدل؛ والقيم تتبدد، والمفاهيم تتغير، والثوابت تتحرك.

قلق واضطراب ...

حزن وعتاب ...

عجز من الأبناء، وجلد من الأعداء.

ومع كل خطوة من خطواتهم نحو الهاوية؛ تتوارد الخواطر عليك تباعًا، وتمر عِبَرُ التاريخ وسنن الله في خلقه أمامك سراعًا؛ فـتتبعثر الكلمات مرارًا، ويعجز القلم إصرارًا.

تحاول أن تنتقي كلماتك لتحذرهم مما تراه من وراء الأكمة، وفي عِبَر التاريخ، ثم لا تلبث أن تسأل: ماذا يفيد ذلك الانتقاء مع الإصرار المستمر على الأخطاء؟!

ثم لا تلبث إلا أن تعود لرشدك؛ فتدعو ربك، وتشحذ قلبك؛ لينهض مِن عثرات همه، ويسعى في إيقاظ جوارحك لتبذل كل ما في وسعك في إصلاح نفسك ونصيحة قومك متوكلًا في ذلك على ربك؛ فهو وحده -سبحانه وتعالى- مَن يملك مفاتيح صلاح أمتك، ونجاة قومك.

مستحضرًا بشارة ربك: "كَتَبَ اللهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ"، وبشرى نبيك -صلى الله عليه وسلم-: "ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مَدَر ولا وَبَر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزًّا يعز به دين الإسلام، وذلًّا يذل به الكفر".

مذكِّرًا نفسك -ومَن خلفك-: بأهمية الإخلاص في عملك لتحصيل رفعة أمتك، كما أشار نبيك -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "بشِّر هذه الأمة بالسَّنَاء والرفعة والدين، والنصر والتمكين في الأرض، فمَن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب".

فاللهم استعملنا في نصرة دينك ولا تستبدلنا؛ فدين الله غالب لا محالة، والإسلام منصورٌ لا محالة، وباقٍ إلى قيام الساعة لا خوف عليه من الفناء، إنما الخوف الحقيقي علينا نحن من الركون إلى الدعة والإخلاد إلى الأرض، وترك الفرص المتاحة أمامنا لإصلاح الأمور، فالفرص لا تموت، ولكن اليأس هو الموت بعينه؛ فهو يخنق الأرواح، ويحرمنا من المحاولة والاستمرار والنجاح.