التفاوض في العمل التطوعي (فن بناء الجسور) (2)

  • 103

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

ثانيًا: مرحلة التفاوض:

مرحلة التفاوض هي ثمرة لمرحلة ما قبل التفاوض، فإن تم الاستعداد الجيد للعملية التفاوضية سارت عملية التفاوض بصورة جيدة، وإهمال مرحلة الاستعداد للعملية التفاوضية يعني مشقة كبيرة أثناء التفاوض.

- خطوات مرحلة التفاوض:

تمر مرحلة التفاوض بعدة خطوات:

1- الاتفاق على الحدود المكانية والزمانية لعملية التفاوض.

2- استفتاح العملية التفاوضية بمواضيع تزيل التوتر المعهود في بداية عمليات التفاوض؛ لهذا تحدثنا سابقًا عن أهمية معرفة الطبيعة الشخصية للفريق المفاوض؛ فهذا الأمر من شأنه أن يفتح أمامك الكثير من الموضوعات التي ستنال اهتمام الطرف المفاوض.

3- تبادل المعلومات: تبدأ عملية التفاوض بتبادل المعلومات بين فريق التفاوض.

وهناك بعض الأمور التي ينبغي أن يدركها فريق التفاوض منها: 

- أنه لا ينبغي أن يصرح بالمعلومات التي تضعف من موقفه التفاوضي، وتدفع الطرف الآخر للاستخفاف به أو معرفة النقاط التي سوف يضغط عليه بها، بل يعطي القدر من المعلومات التي يحقق الغرض من العملية التفاوضية. 

- وكذلك معرفة أن الطرف الآخر لن يذكر كل المعلومات التي عنده؛ لذلك ينبغي على الفريق المفاوض أن يكون حسن الاستماع، وأن يفتح الطريق أمام الطرف الآخر أن يتحدث، فكلما زاد حديث الطرف الآخر زادت كمية المعلومات التي سوف يدلي بها.

- على الفريق المفاوض أن يحفِّز الفريق الآخر على الاستفاضة في الحديث بطرح العديد من التساؤلات عليه وأن ينتقل به مِن سؤال لآخر بنعومة ويسر، وأن يحرص على أن تكون الأسئلة على شكل استجواب للطرف الآخر فتدفعه للتحفظ.

- وعلى الفريق المفاوض أن يحسن فن الاستنتاج وأن يكمل المعلومات الجزئية التي يسمعها من الطرف المفاوض وملأ الفراغات بين هذه المعلومات لتصبح معلومات مكتملة يمكن التعويل عليها في الخطوات التفاوضية التالية.

4- المساومة: ننتقل بعد ذلك لخطوة المساومة، وهي: من أهم الخطوات في العملية التفاوضية، بل هي تعتبر لب العملية التفاوضية، وينبغي أن نراعي مجموعة من الضوابط خلال عملية المساومة:

- ينبغي أن يكون هناك وضوح تام في الأهداف التي تقبل المساومة والأهداف التي لا تقبل المساومة، وكذلك في الحد الأدنى من الأهداف التي لن تقبل مؤسستك بالتنازل عنها.

- وكذلك يكون لديك عدد من الاقتراحات والبدائل المتدرجة من حيث مصلحة مؤسستك، والتي يمكن عرضها على الطرف الآخر المفاوض، والتي يظهر فيها أيضًا أنها تحقق بعض مصالح الطرف الآخر.

- وعند طرح الاقتراح أو البديل ينبغي حشد الأدلة والبراهين التي تقنع الطرف الآخر أن هذا الاقتراح يحقق مصالحه هو أيضًا.

- وكذلك استحضار عدد من التنازلات التكتيكية التي تقدمها للطرف الآخر بعد النقاش، والتي تشعر الطرف الآخر أنه انتصر فيدفعه ذلك النصر لقبول مقترحك، وهي في الحقيقة لا تمثِّل كبير خسارة بالنسبة لمؤسستك.

- إستراتيجيات المساومة:

هناك العديد من الإستراتيجيات التفاوضية المستخدمة في المفاوضات سنذكرها للمعرفة، وأما خيارنا في مجال العمل التطوعي فهي إستراتيجية المصالح المشتركة:

1- إستراتيجيات المصالح المشتركة: 

- إستراتيجية التكامل: وهي خوض المفاوضات من منطلق الشراكة والتكامل ليكون طرفي المفاوضات أو أطراف المفاوضات كالشخص الواحد، بحيث تكون صفقات التفاوض والاتفاقات تعبِّر عن حالة من التكامل بين أطراف التفاوض.

- إستراتيجية تعميق العلاقة الحالية: وتعني محاولة بناء وتعزيز مجموعة من الأهداف المشتركة ثم التفاوض بناءً على هذه الأهداف المشتركة، وهي درجة أعلى من درجة التكامل، فنسج الأهداف المشتركة أعلى من التكامل أو التوزيع.

2- إستراتيجيات الصراع:

- إستراتيجية الإنهاك: وتقوم إستراتيجية الإنهاك على استنزاف الطرف الآخر، استنزافه من حيث الوقت ثم استنزافه من حيث الموارد، ثم وضع العقبات القانونية أمام الاقتراحات، ثم الوقوف على دلالات الألفاظ والكلمات، وعناوين كل اقتراح أو فكرة، وإسهاب النقاش حول ذلك.

- إستراتيجية التشتيت: وهي قائمة على دراسة فريق التفاوض بشكلٍ جيدٍ من حيث الانتماء السياسي أو الديني؛ المستوى المادي والدخل، ومحاولة زرع الصراع بين الفريق المفاوض بناءً على هذه المعلومات.

- إستراتيجية الانتحار الذاتي: وهي قائمة على تيئيس الطرف الآخر المفاوض، ودفعه أن يتخلَّى عن أحلامه، وحصره في خيارات محدودة بعيدة عن أحلامه؛ إما أن يقبل بها، أو يصرف نظره عن أحلامه.

- إستراتيجيات إغلاق المساومات:

بعد تبادل المعلومات وعرض مقترح التفاوض وطرح الحجج والبراهين التي تعضد هذا المقترح، فهناك بعض الطرق التي تدفع الطرف المفاوض نحو إبرام الصفقة.

ومن هذه الطرق: 

1- الإغلاق المباشر: بأن تقول له مباشرة: هل أنت موافق على هذا المقترح؟ هذا العرض المباشر مناسب في بعض حالات التفاوض؛ فهو يصيب الطرف الآخر ببعض الارتباك ويدفعه نحو الموافقة؛ خاصة إذا لمحنا عنده قبولًا للمقترح، ويحتاج لبعض الضغط كي يتجه نحو عقد الاتفاق.

2- الإغلاق الافتراضي: وهو التعامل مع الطرف المفاوض كأنه تمت موافقته ثم الحديث معه في تفاصيل الاتفاق، كرجل يشتري سيارة من معرض سيارات، فيقول له البائع: ما لون السيارة التي تريد؟ فيدفع الشاري نحو الحديث، وكأن عملية البيع تمت بالفعل.

ممارسة الضغط أثناء عملية التفاوض:

ويكون ممارسة الضغط بالعديد من الطرق، مثل:

- عامل الوقت: فقد يستغل الوقت كعامل من عوامل الضغط إذا كان الطرف المفاوض يريد إنجاز الاتفاق قبل وقت معين، فيمكن استغلال الوقت كعامل من عوامل الضغط أثناء العملية التفاوضية، كأن تكون المؤسسة تنتظر حدثًا مهمًّا، وتريد سيولة مادية ببيع أحد الأصول، فعامل الوقت هنا يدفعها للقبول بسعر أقل من طلبها.

- عامل التكلفة: فمن الممكن في المفاوضات أن يكون عامل التكلفة مؤثِّرًا حينما تقدم مقترحًا يوفِّر على الطرف المفاوض السفر أو النقل أو التخزين، أو أي العوامل التي تزيد عليه التكلفة.

- عامل الضغط الإعلامي: عندما يكون التفاوض حول قضية يتابعها الرأي العام وينتظر فيها موقفًا واضحًا من الطرف المفاوض.

- عامل الجهد: عندما يكون المقترح سيوفر على الطرف المفاوض جهدًا كبيرًا.

ثالثًا: مرحلة عقد الاتفاق وإبرام الصفقة:

مرحلة عقد الاتفاق هي مرحلة كتابة البنود التي تم الاتفاق عليها، فيفصل فيها المجمل، ويخصص فيها العام، ويتم صياغة بنود الاتفاق بدقة لتعبِّر عن المقترحات التي تم التوافق عليها، وتكون واضحة لا تحتمل إلا تفسيرًا واحدًا.

ويتم تحديد موعد التنفيذ ومكان التنفيذ، وضبط الخطوات والإجراءات، وربما وضع فيها بعض الشروط الجزائية إن اتفق الأطراف على ذلك، مع ضبط الإجراءات القانونية وإمضاء العقود المطلوبة، واستيفاء كل المستندات المطلوبة؟

رابعًا: مرحلة التنفيذ:

وتشمل مرحلة ما بعد التفاوض التنفيذ، وكل ما يتعلَّق به من إجراءات وتكليفات، وتوجيه وتوضيح للمهام وتدريب فرق العمل. 

خامسًا: مرحلة المتابعة:

ثم مرحلة المتابعة وما يتعلق بها مِن مراجعة ما تم تنفيذه بالفعل بالمستهدف من خطة التنفيذ؛ لمعرفة حجم الإنجاز، ولتقييم الاتفاق هل أثمر عما كنا نؤمل له من عقد هذا الاتفاق أم أن الإنجاز خالف التوقعات؛ مما يستدعي مراجعة هذا الاتفاق، ومحاولة تغييره أو تغيير بعض بنوده.

نصائح للتفاوض الناجح:

1- حدِّد هدفك النهائي، واجعل خطواتك التفاوضية تقودك إليه؛ فهو أشبه بالبوصلة التي تدلك على الطريق السليم.

2- تدرب على بناء علاقات ودية مع الطرف الآخر بفهم أهدافه واحتياجاته بأن تعيد عليه أنك فهمت وجه نظره، وأن تحسن الاستماع. 

3- كن مستعدًا لبعض التسويات، وحدد ما يمكن التضحية به مبكرًا.

4- اطرح العديد من العروض، فهذا يعطيك وقتًا، ثم اطلب تغذية عكسية عن رأي الطرف الآخر في العروض، وعدل هذه العروض ثم أعد طرحها مرة أخرى.

5- أظهر الثقة الكاملة بنفسك وبما تطرح، واستحضر أنك تمثِّل مؤسستك بكل أفرادها.

6- لا تستحيي من الطلب، فلا يوجد أي خسارة أن يرفض طلبك، بل عدِّل الطلب، واطلب من جديد، والخسارة هي أن تستحيي من الطلب، وكان من الممكن أن يوافق عليه، وتأمل في قصة عبد الله بن حذافة حينما طلب مِن ملك الروم العفو عن أسارى المسلمين.

7- لا تأخذ الرفض على محمل شخصي، فأنت تمثِّل مؤسستك، ولا مجال للحساسية في عملية التفاوض.

8- حدد نقاط ضعفك، واعمل على علاجها، ولا تظهرها للطرف المفاوض.

9- تجنب العبارات النابية والقاسية، فإنها تسبب تصلب موقف الطرف الآخر.

10- عند تصلب الطرف الآخر ارجع إلى نقاط موضوعية ومعلومات تجبره على ترك التصلب، وأعد النقاش من منطلق موضوعي مبني على معلومات واضحة.

11- اختر المكان والزمان المناسبين للتفاوض، وتجنَّب مكان سلطان الطرف المفاوض؛ لأن هذا أدعى أن يشعر بقوته ويدفعه للتصلب.

12- ابحث دائمًا عن الأرضيات المشتركة التي يمكن أن تنطلق منها العملية التفاوضية، فاللغة الواحدة والتاريخ الواحد، والخطر الواحد الذي يتهددنا، والهدف الواحد والاهتمامات الواحدة أدعى لبناء مصالح واحدة. 

13- إذا تعرضت لسؤال صعب! فرد على السؤال بسؤال، أو قل بتودد: إن هذا خارج نطاق التفاوض، أو قل لا أعرف، أو أريد أن أتريث قبل الإجابة على هذا السؤال.

14- إذا أردت إفشال تفاوض، فاطرح اقتراحات تعجيزية للطرف الذي أمامك، وفي قصة مقتل كليب الشهيرة بعد مقتله جاء أولياء القتيل لوالد القاتل وطلبوا منه: إما أن تسلم نفسك فنقتلك، أو تسلمنا أبناءك فنقتلهم، فكانت نتيجة الحوار معركة البسوس التي استمرت 40 عامًا.

15- التفاوض في البيئة غير المستقرة يختلف عن التفاوض في البيئة المستقرة، ففي البيئة غير المستقرة حيث تغيب القواعد والمعايير التي يتحاكم إليها، مثل: أوقات التغيير الاجتماعي والمؤسسي، أو في أوقات غياب العدالة والتسلط، وقواعد السلوك غير واضحة، ولا يوجد يقين حول المستقبل المشترك، فعليك بالتالي:

- ينبغي التفاوض أولًا على سياق التفاوض، والقواعد التي نتحاكم إليها في عملية التفاوض.

- وكذلك محاولة تغيير الصورة النمطية عن المؤسسة أمام الطرف الآخر.

- التوازن بين التفاوض حول المشاكل الحالية مع محاولة التركيز على العلاقة طويلة الأجل بين المتفاوضين.

-  أن تدار الإضرابات في الأجواء المحيطة على مائدة المفاوضات.

- الصبر ومحاولة بناء علاقات ودية مع الطرف الآخر، وإقناعه بوجود مصالح مشتركة يمكن تعزيزها بالتفاوض.

-  دعم الجهات التي تؤمن بعملية التفاوض.

16- كن حاسمًا في الأمور التي لا تقبل التفاوض، ولا تترك الباب مواربًا، وتأمل ردَّ النبي صلى الله عليه وسلم: "لو وضعوا الشمس في يميني ... ".

17- إذا تفاوضت مع مفاوض مستفز يحرص على الحيدة أو إهانة مَن يفاوضه؛ تحلَّ بالأدب وحسن الرد، ولا تنفعل؛ لأن انفعالك هو ما يصبو إليه، ولكن حاول جره للموضوعية، ويبقى خيار تعليق المفاوضات مطروحًا أو تغيير المفاوضين.

18- إذا وصلت المفاوضات لطريق مسدود يمكن أن تجزئ الحل، كعرض البيع بالتقسيط إذا تعذر الدفع الكاش.

19- إذا كنت ستجري مفاوضات عبر التليفون أو أحد وسائل التواصل، فليس هناك مجال للمقدمات الطويلة أو الاستفاضة في طرح المعلومات، ولكن كن موجزًا ومركزًا على صلب القضية التفاوضية وتدرب على العرض الموجز الواضح أولًا ثم التحديد الكتابي للاتفاق بعد ذلك.

20- الجسد يتكلم كما يتكلم اللسان، فتعلم كيف تقرأ لغة الجسد، وتعلم كيف تجعل جسدك يتفاوض معك.

21- حدد الاحتمال الأسوأ قبل بدء المفاوضات ثم الاحتمال الأمثل ثم تدرج بالاحتمالات بينهما.

22- ينبغي التفريق بين المفاوضات التصالحية والمفاوضات القسرية، فكل منها سقف من الطموح ينبغي مراعاته.

23- اطلع على ثقافة الطرف الآخر، وتعرف على ما هو مقبول لديه من إشارات ومفردات.

24- في صلح الحديبية الكثير من الدروس التي ينبغي أن يتعلمها المفاوض:

- كانت إستراتيجية النبي صلى الله عليه وسلم هي التفاوض السلمي، وليس الحرب؛ لذلك لم يخرج إلا بالسيوف في أغمادها.

- ولذلك أيضًا أمر الصحابة بأطلاق الهدي في وجهة الحُلَيس بن عَلقَمة؛ لأنه من قوم يتعبدون ويعظمون الهدي.

- وكذلك أطلق سراح 50 رجلًا أرسلتهم قريش حول معسكر المسلمين يدورون حول معسكر المسلمين.

- وكان النبي صلى الله عليه وسلم خبيرًا بمَن ترسلهم قريش للتفاوض مع المسلمين، فقال عن (بُدَيل بن وَرْقاءَ الخُزاعي) رجل عاقل، وعن "مِكْرَزُ بن حَفْص" رجل غادر.

- ولما أراد النبي صلى الله عليه وسلم اختيار مفاوض، اختار في النهاية عثمان بن عفان رضي الله عنه؛ لما له من عصبية تمنع قريشًا من الغدر به.

- لم يستجب عثمان رضي الله عنه لعرض قريش أن يطوف بالبيت وحده، فقالوا: لعثمان حين فرَغ من رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن شئتَ أن تَطوف بالبيت فافعل، فقال: ما كنتُ لأفعل حتى يَطوف به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم"، وقال عثمان حين رجَع وقال له المسلمون: "اشتَفَيتَ يا أبا عبد الله مِن الطواف بالبيت؟ فقال لهم: بئسَ ما ظنَنتُم بي! والذي نفسي بيده، لو مكَثتُ بها سنَةً ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم مقيمٌ بالحديبية ما طُفتُ بها حتى يَطوفَ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم!". 

- تنازل النبي صلى الله عليه وسلم عن كتابة: "بسم الله الرحمن الرحيم"، و"محمد رسول الله" لإعطاء قريش شعورًا وهميًّا بالنصر؛ ليتمكن من إنجاح التفاوض.

- ثم تم إبرام الاتفاق الذي جعله الله سبحانه وتعالى سببًا في قوة المسلمين وبداية لظهور الإسلام على الجزيرة العربية كلها.

وها نَصُّ الاتفاقية:

"باسمك اللهم، هذا ما صالَح عليه محمدُ بن عبد الله، سهيلَ بن عمرو، واصطَلَحا على وضعِ الحرب بين الناس عشرَ سنين، يَأمَن فيها الناسُ ويَكفُّ بعضُهم عن بعض؛ على أنه مَن قَدِمَ مكة مِن أصحاب محمَّد حاجًّا أو مُعتمِرًا، أو يَبتغي مِن فضل الله؛ فهو آمِنٌ على دمِه وماله، ومَن قَدِم المدينةَ من قُريش مجتازًا إلى مِصر أو إلى الشام يَبتغي من فضل الله؛ فهو آمِن على دمه وماله، وعلى أنه مَن أتى محمدًا مِن قريش بغير إذنِ وليِّه ردَّه عليهم، ومَن جاء قريشًا ممَّن مع محمدٍ لم يَردُّوه عليه. وأنَّ بيننا عَيْبةً مكفوفة، وأنه لا إسلالَ ولا إغلالَ، وأنه مَن أحبَّ أن يَدخل في عَقدِ محمد وعهده دخلَه، ومَن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدِهم دخَل فيه. وأنك تَرجع عنَّا عامَك هذا، فلا تَدخل علينا مكَّة، وأنه إذا كان عامُ قابِل خرَجْنا عنك، فدَخَلتَها بأصحابك فأقمتَ بها ثلاثًا، معك سِلاحُ الراكب؛ السيوف في القُرُب، ولا تَدخُلها بغيرها، وعلى أنَّ الهديَ ما جِئناه ومَحِلَّه، فلا تُقْدِمْه علينا، أُشهِدَ على الصلح رجالٌ من المسلمين، ورجالٌ من قريش".