كلمتين وبس ... بين التجديد والعبث

  • 122

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فمحاولات العبث بالثوابت الدينية والخطاب الديني ليست جديدة؛ فهي قائمة منذ بداية الرسالة النبوية، فقد قال تعالى: "وَإِذَا ‌تُتْلَى ‌عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ".

وأعداء الإسلام منذ بزوع ضوءه وهم يكيدون له في كل مكان بوسائل مكرورة يُوَرِّثها بعضهم لبعض، فهم منذ الأزل يحاولون لي الألفاظ؛ لتشويه هذا الدِّين وتشويه حملته، والنيل منه؛ للوصل إلى هدم تام له في نفوس البشر، كما بيَّن الله ذلك في قوله: "يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ".

لذلك ما نراه الآن من محاولات البعض لإعادة صياغة العقل المسلم تحت مسميات تجديد الخطاب الديني، أو ما نراه من محاولات لزعزعة الثوابت الدينية في قلوب المسلمين، هي خطة منهجية قديمة حديثة تحتاج إلى انتباه من كل مسلم صادق؛ لا سيما مع كثرة أبواب الشهوات التي تُفتَح على الأجيال، وكثرة الشبهات التي تطرح في كل باب، وتحتاج أيضًا إلى نشر العلم التفصيلي بثوابت الدين وأصوله وفروعه، والاهتمام بتعليم ذلك تعليمًا إلزاميًّا لأجيال المسلمين مع حسن إدراك بالواقع ووسائله التأثيرية.

كما أنه يجب علينا ألا نُخدع بالألفاظ البراقة الهادمة، ولا بالدعوات القائمة التي يرددها البعض مع تطور العصر تحت مسميات تجديد الخطاب الديني؛ ففرق كبير بين تجديد الخطاب الديني وبين العبث بالخطاب الديني، فتجديد الخطاب الديني الصحيح يشمل إحياء السنن والقواعد الشرعية التي اندثرت، والنظر في المسائل الحادثة والاجتهادية والنوازل بما يتوافق مع أصول الدين وقواعده الثابتة، مع ضرورة تجديد النظر في وسائل الطرح الحديثة اللازمة لتقريب المعلومة للمتلقي.

وخلاف هذا مِن محاولاتٍ لتغيير قواعد وأصول الدين الذي ارتضاه الله لعباده المسلمين في كل زمان ومكان، كما قال الله تعالى: "‌الْيَوْمَ ‌أَكْمَلْتُ ‌لَكُمْ ‌دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا"، لتوافق عقول أهل العصر، والتي تتباين عقولهم مع كل عصر، أو من محاولات للتشكيك في ثوابت الدين؛ فهذا عبث بالخطاب الديني الذي سيحاسبنا عليه الله إن لم نعمل بكامل طاقتنا في منع انتشاره وتعميمه.

فانتبهوا يا رعاكم الله.