خطوات نحو رمضان (1)

  • 93

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد خص الله بعض الأزمنة بالفضل، وكذلك خص بعض الأمكنة بالفضل، وعلى المسلم الصادق أن يتحين هذه الفرص بأن يتربص لهذه الأزمنة حـتى لا يفوته الفضل، ومن هذه الأزمنة التي خصها الله تعالى بالفضل هو شهر رمضان، قال تعالى: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ".

والناس في استقبالهم واستعداداتهم لهذا الموسم بين مجتهد مقبل، وغافل معرض، والكيس مَن دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني، فأنا وأنت أحد رجلين: (كيس أو عاجز).

والكيِّس: هو العاقل الناظر في عواقب الأمور، فكان من حاله أن قهر نفسه فحملها قصرًا وقهرًا على طاعة ربه، فجاهد نفسه وهواه في الله تعالى، وعمل ليوم الموقف العظيم الذي تشخص فيه الأبصار.

والعاجز: هو الذي يسير خلف ما يمليه عليه هواه، فهو الذي يقوده إلى ما يشتهي من لذات وشهوات وغفل عن عواقب أفعاله، ولما تسوقه هذه الأعمال ومع تفريطه وغفلته تراه يتمنى على الله الأماني؛ أنَّ ربه غني عن عمله، وعن تعذيبه ممنيًّا نفسه مع انحرافه عن منهج ربه وصراط ربه المستقيم، لكنه يُمنـي نفسه بمغفرة ذنبه وزللـه؛ فربه غفور رحيم مع إصراره، ليستمر في انحرافاته ملبيًّا ما تطلبه نفسه الأمارة بالسوء سائرًا خلف هواه!

فكيف ترى نفسك أيها المسلم الحبيب؟!

فمنهج الكيِّس (العاقل): محاسبة نفسه، وهو في الدنيا قبل يوم الحساب؛ كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وتزينوا ليوم العرض الأكبر، وإنما يخف الحساب يوم القيامة على من حاسب نفسه في الدنيا".

فالعاقل:  تراه ينظر دومًا إلى غدٍ، وإلى زاده الذي يحمله معه غدًا، فيتـربص ويتحين الأوقات والأزمنة التي جعلها الله موسمًا للطاعات والقربات، فيستزيد فيها من الأعمال الصالحة ليوم يجعل الولدان شيبًا.

أيها العقلاء ... لقد أصبحنا على مقربة من رمضان؛ موسم الصيام والقيام وقراءة القرآن، وهو موسم للقربات والطاعات، حيث نجد هذه المعونة والمدد من ربكم، مما ييسر علينا أداء هذه العبادات التي نُعمر بها أوقات رمضان.

ففي رمضان الكل قد أقبل على كتاب ربه بين قراءة واستماع، فلا نمل في رمضان من الاستماع للقرآن، كما لا نمل من قراءة القرآن، ومن الصلاة والاستغفار، والذكر والدعاء، فنؤدي هذه الطاعات التي قد لا نؤديها في غير رمضان بهذا الإقبال.

فهل استعددت أيها العاقل لاستقبال رمضان؟!

فنحن لا ننتظر حتى يأتينا رمضان، ولكن هيا بنا نخطو خطوات لنستقبل رمضان.

فها هي ثلاث خطوات نخطو بها نحو رمضان:

- الخـطوة الأولى: وقفة مع النفس.

- الخطوة الثانية: تصحيح المسار.

- الخطوة الثالثة: السير بجدٍّ واجتهاد في الطريق بلا انحراف.

ونكمل الكلام على هذه الخطوات في المقال القادم بإذن الله.