• الرئيسية
  • مقالات
  • البناء الفكري من قصص الكتاب والسُّنة (3) قصة موسى عليه السلام والإسرائيلي

البناء الفكري من قصص الكتاب والسُّنة (3) قصة موسى عليه السلام والإسرائيلي

  • 50

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

قال الله تعالى في شَأنِ قَتلِ مُوسَى عليه السلام للرَّجُل المِصرِي: "وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ . قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ . فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ . فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ".

الدروس المستفادة:

1- كان موسى عليه السلام يُقيِّم الموقف كالتالي:

- هناك ظالمٌ: وهو ذلك الرَّجُل المصري المُعتدي.

- وآخر مظلومٌ: وهو رجلٌ مِن بني إسرائيل مِن شيعة مُوسى.

2- لم يتعمَّد مُوسى عليه السلام قَتلَ المصري، بل كان يريد دَفْعَهُ فقط.

3- جاءَ الدفعُ بأكثر مما يَلزَم فَمَات الظالم، وهُنا ترتَّبت مَفَاسد، منها:

- أنَّ هؤلاء الأعداء سيتخذون هذا الأمر ذريعةً لقتل موسى نفسه، الذي يُعدُّ سَنَدًا قويًّا لبنى إسرائيل في ظل هذه الدولة الظالمة، وبالفعل بدأت محاولة القتل؛ فَفَرَّ مُوسى عليه السلام إلى مَديَن.

- أنَّهم سيتخذون هذا الأمر تَكَأَةً لتبرير بطشهم وظلمهم لبني إسرائيل.

- أنَّ فرعون وملأه لن يَنسَوا هذا الحادث لمدة عَشَرات السِّنين، ويتخذونه ذريعةً للصدِّ عن سبيل الله ومَنع الدعوة.

4- تأمَّل كيف وَزَن مُوسى عليه السلام هذا الحادث بميزان الشرع: "قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ"؟! لأنَّ نُصرة المظلوم التي يترتَّب عليها ظلمٌ وفسادٌ أشدُّ، هي مِن عَمَل الشيطان.

5- لم يكن مُوسى عليه السلام مأمورًا بقتل أحدٍ مِن الأعداء في تلك المرحلة (مرحلة الاستضعاف)، كما سيقول في حديث الشفاعة يوم القيامة: "إِنِّي قَتَلْتُ نَفْسًا لَمْ أُومَرْ بِقَتْلِهَا".

6- سَمَّى مُوسى عليه السلام فِعلَه هذا ظلمًا: "قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي"؛ لأنه أدرك مآلات وعَواقِب هذا الأمر.

7- سَمَّى مُوسى عليه السلام فِعلَه هذا ضلالًا: "قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ".

8- قال مُوسى عليه السلام للإسرائيلي: "إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ"؛ لأنه يُصادِم ويُصارِع كلَّ يومٍ مَن لا يَقدِر عليه (حتى ولو كان هذا الإسرائيلي على حقٍّ).

وللحديث بقية إن شاء الله.