وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيدِيهِم نَجَوا وَنَجَوا جَمِيعًا

  • 249

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فأهم ما يميزنا نحن معاشر أهل الإسلام: أننا نأمر بالمعروف بمعروف، وننهى على المنكر بغير منكر، وأننا حريصون على بعضنا البعض، وأننا نعلم أننا على متن سفينة واحدة نجاتها في اتباع أوامر خالقنا، واجتناب نواهيه، والبحث عن كلِّ سبيل يرضيه.

فعندما يقف العلماء والمصلحون والمختصون في وجه الشرِّ ودعاته؛ فهم يعلمون يقينًا أن المسؤولية عامة، وأن الشر هلاك، وأن الانحلال ضياع، وأن التحرر من ربق العبودية لله تعالى خراب على الكوكب بأكمله، وهدم لثبوت المجتمعات، وزلزلة لقيمه، وهتك لفضائله، وانصداع للُحمته واستقراره؛ فشريعتنا الغراء صمام أمان من كل هذا وغيره.

لذا هم يصرخون ويصطرخون في وجه أهل الفحش وأصحاب الرذيلة، ودعاة التفسخ والتعري، والبذاءة والانفلات؛ فلا تكونوا سببًا لهلاك العباد والبلاد فشبابنا ضعيف، والفتن خطافة، وبناتنا أضعف، ولا أعجب ممن أُلقي في اليم وهو لا يدري أي شيء عن السباحة أو عن مكابدة الأمواج.

إن الوقوف صف واحد ضد الفواحش مراده الحفاظ على الأسر وضمان فلاحها واستقرارها، وعلى النفس والعِرض، وتحقيق الأمان الاجتماعي؛ فمردوده علينا جميعًا، فالله الله في الفضيلة والعفة والطهارة.

بالإضافة إلى أن: المثقفين وعلماء النفس والاجتماع، وأصحاب الفِطَر السوية يعرفون جيدًا آثار هدم القِيَم ومخالفة الدين والفِطَر على الفرد والمجتمع؛ فلماذا لا نحافظ على ثقافتنا الإسلامية وعاداتنا الشرقية السوية؟!

ولماذا حروب هؤلاء قائمة على المرأة بعينها؟!

سؤال يحتاج إلى تدبر وعقل واع.

أيتها الأخوات المسلمات... إن الأعراضَ أغلى من الأموال، فلا تبيعوا أعراضكم ولو بكنوز الدنيا؛ فوالله عرض المسلمة العفيفة أغلى من الدنيا بأسرها، وإن القلوب لتحترق لما ترى امرأة مسلمة تُعرض سلعة رخيصة في سوق الغواية بقيادة إبليس وأعوانه، فاسمعي مني بقلبك لا بعينك:

يا أختاه... ارجعي إلى عرشك المتوج التي تحسدك عليه نساء العالمين؛ ألا هو مكانتك في الإسلام التي لا عدل لها في غيره.

يا أختاه... مملكتك في انتظارك بين أهلك وأحبابك وفي بيت زوجك ووسط أولادكم وبين أخواتك، ومكانك وسط القلوب محفور وعلى الرؤوس مصون.

يا أختاه... نحن نَغير عليك ولك، ودماؤنا فداء لعرضك ديانة لله تعالى لو صنتيه وحفظتيه.

يا أختاه... إن المفاتن مفاتن فلا تعرض إلا في محلها الشرعي، والجمال لا يُستغل إلا بما يرضي الله، والقلوب لا يسكنها إلا مَن يستحقها بحق الله تعالى وشرعه وحكمته

يا أختاه... اسمعي أمك عائشة قدوتك، وخديجة أسوتك، وفاطمة بنت نبينا صلى الله عليه وسلم حبيبتك؛ فلمَ الشرود عن طريقهن والهروب من اقتفاء فضائلهن؟!

يا أختاه... عودي إلى خير الهدي؛ هدي آخره جنان، ونعيم دائم لا ينقطع، ارفعي غمائم الوهم عنك، وانبذي بائعيه، فالتحضر يناسبني إذا زادني حفظًا لعرضي وقربًا لربي.

إن التحضر في الحشمة والتأدب بآداب هذا الدين وصون اللسان عن سيئ الألفاظ والبُعد عن مراحض الاختلاط الماجن، وصحبة السوء؛ فلا يغرينك إقبالهم عليكِ، فعندما يزول جمالك ويأخذون غرضهم منك ستُطرحين بعيدًا عن أذهانهم، وتنساك أموالهم وأقلامهم.

أختاه... إننا نحب لك العفة ونرجو لك الخير؛ فإياك وهدم قِيَم المجتمع وضياع شبابه، وإيقاظ الغرائز الكامنة، وإثارة الشهوات الجامحة.

والمسئولية مشتركة، ولنتذكر جميعًا حديث نبينا صلى الله عليه وسلم، عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- مرفوعًا: "مَثَلُ القَائِم في حُدُود الله والوَاقِعِ فيها كمَثَل قَوم اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَة فصارَ بعضُهم أَعلاهَا وبعضُهم أسفَلَها، وكان الذين في أسفَلِها إِذَا اسْتَقَوا مِنَ الماءِ مَرُّوا على من فَوقهِم، فَقَالُوا: لَو أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقاً وَلَم نُؤذِ مَنْ فَوقَنَا، فَإِنْ تَرَكُوهُم وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعاً، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيدِيهِم نَجَوا وَنَجَوا جَمِيعًا".