وجوب اتباع منهج السلف على كل مسلم

  • 88

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فقد قال الله تعالى: "وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"؛ فهل أنت متبع لهؤلاء؟

فابشر إذا كنتَ مِن أتباع هؤلاء الأوائل الذين لهم السَّبق في الإسلام؛ فلك الرضا مِن ربك، وأبشر بما أعدَّ الله لك من جنات فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

ولتعلم أنه لا سبيل لنا إلا أن نكون على منهج هؤلاء الذين زكاهم الله ومدحهم في كتابه وفي سنة رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ فهؤلاء هم الذين مثَّلوا الإسلام وطبَّقوا منهج ربهم في واقع حياتهم، ففازوا برضا ربهم وسعدوا بطاعته، ولقد أمرنا الله تعالى أن نتبع سبيلهم؛ لأنه سبيل النجاة: "فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ بِهِ فَقَدْ اهْتَدَوا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمْ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ".

وهذا هو طريق السلف؛ لذلك نقول لك أيها المسلم الحبيب: إذا رفعنا شعار: أنا المسلم؛ فهو شعار أنا السلفي.

احذر أن تخوض مع الخائضين: "‌إِلَّا ‌أَصْحَابَ ‌الْيَمِينِ . فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ . عَنِ الْمُجْرِمِينَ . مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ . قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ . وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ . وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ . وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ .حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ . فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ".

فلتسمع ولتستوعب ما قال ربك بشأن هؤلاء الخائضين: "وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ".

ولا تغتر بقول هؤلاء: "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ . وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ".

السلفية بلا تقعر:

هو منهج الصحابة رضي الله عنهم، ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدِّين؛ منهج الصحابة في العقيدة وفي العبادة، وفي الخُلُق والسلوك.

من أين جاء الصحابة بهذا المنهج؟

مِن كتاب ربهم ومن الاقتداء بنبيهم صلى الله عليه وسلم، فالسلفية هي الإسلام بفهم سلف الأمة رضي الله عنهم، والنبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أمرنا بهذا المنهج، فعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، قال قائل: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا ‌وَعَضُّوا ‌عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ".

احذر أن تسلك غير سبيل المؤمنين: "وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا".

ويخوفونك: قال الله تعالى: "إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ"، فما بغية هؤلاء؟ "وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنْ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ".

فلتعلن عن شعارك: أنا المسلم، أنا المسلم، "وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ".

ولتشهد لك الدنيا:  "اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ".

والحمد لله رب العالمين.