الحرية وكيفية الوصول إليها!

  • 163

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فما أجملَ الحرية وما أحلاها؛ فالكل ينشد الحرية، والكل يسعى إليها، ولكن تباينت مفاهيم الناس عن الحرية!

فالمثقفون والمفكرون يرون الحرية في عدم وضع القيود في التعبير عن الرأي؛ حتى لو كان هذا الرأي الذي يرونه يمس مقدسات شرعية؛ فيرون الحرية في التعبير حتى لو كان بالهمز واللمز على الذات الإلهية.

والمرأة ترى الحرية في الانفكاك والانخلاع عما يفرضه عليها الدِّين من زي؛ فهي تريد التحرر لتلبس ما تشاء حتى لو خرجت كاشفة لأعضائها.

والشواذ ينادون بالحرية في شذوذهم!

وهكذا اختلف معني الحرية عند الناس؛ فكان لا بد من تعريف واضح؛ فهذا يسير في الطريق العكسي للمرور معبِّرًا عن حريته في ذلك، وهذا يرفع صوت الأغاني معبرًا عن حريته في ذلك!

إن الحرية بهذا المعنى تعني الفوضى.

فأين نجد الحرية؟

ما من بلد من البلدان إلا ويضع القوانين المنظِّمة لسير حياته، وعلى كل من يعيش في بقعته أن يحترم هذه القوانين؛ وإلا كانت الفوضى، فالحرية المكفولة لك بما لا يخالف قوانين البلدة، فنقول: إن الأرض هي أرض الله تعالى، والسماء سماء الله تعالى -فالحرية التي ننشدها بما لا يخالف القوانين، والقواعد والأسس التي فرضها الله علينا- فالأرض أرضه، وله أن يحكم في ملكه بما يشاء، وعلى كلِّ مَن يسكن على أرض الله ألا يخالف التعليمات المنصوص عليها في كتاب الله تعالى، فالحرية في عدم المخالفة، وليست الحرية في المخالفة.

فأين نجد الحرية؟

الحرية في العبودية لله تعالى، وفك القيود من العبودية لغيره.

الحرية في التحرر من سيطرة الشهوات والماديات في حياتنا.

الحرية في التحرر من الخوف من غير الله تعالى.

الحرية في التحرر من اتباع الهوى.

فالحرية بالمفهوم الصحيح تساوي العبودية لله تعالى.

فشعارنا: كن عبدًا لله تكن حرًّا؛ فأين الطريق للحرية؟

الطريق للحرية هو في سلوكك لطريق ربك المستقيم الذي يقودك إلى التحرر من النار، ويقودك إلى النعيم المقيم الذي لا انقطاع له، "وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ".

والحمد لله رب العالمين.