الفساد (1)

  • 93

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

التعريف بالفساد:

الفساد لغةً: مصدر فَسَدَ، ويدور معناه حول التلف والعطب، والاضطراب والخلل، والجدب والقحط . والفساد المعاصي؛ قال تعالى: "وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا"، وقال عز وجل: "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ".

وقال تعالى عن فرعون: "وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ"؛ يقول: إني أخاف من موسى أن يغير دينكم الذي أنتم عليه، أو أن يظهر في أرضكم -أرض مصر- عبادة ربه الذي يدعوكم إلى عبادته، وذلك كان عنده هو الفساد!

ويمكن تعريف الفساد كمصطلح بأنه: مجموعة من الأعمال غير النزيهة التي يقوم بها الأشخاص الذين يشغلون مناصب في السلطة، ومِن غيرهم؛ وذلك لتحقيق مكاسب خاصة مخالفة للقانون.

وعرَّف البنك الدولي الفساد بأنه شكل من أشكال خيانة الأمانة أو الجريمة يرتكبها شخص أو مُنظمة يُعهد إليها بمركز سلطة، وذلك من أجل الحصول على مزايا غير مشروعة، أو إساءة استخدام تلك السلطة لصالح الفرد.

وعرَّفه البعض بأنه: إساءة استخدام السلطة الرسمية الممنوحة للشخص سواء في مجال المال العام أو النفوذ أو التغافل عن تطبيق النظام، أو المحاباة، وكل ما يضر بالمصلحة العامة وتعظيم المصلحة الشخصية.

ومن الأمثلة على ظواهر الفساد: إعطاء وقبول الرشاوى والهدايا غير الملائمة، والاختلاس، والاحتيال، والمعاملات السياسية غير القانونية، والغش أو الخداع، والتلاعب في نتائج الانتخابات، وغسيل الأموال، والاحتيال على المستثمرين، والمحسوبية وإقصاء الكفاءات، واستغلال النفوذ والتكسب مِن الوظيفة العامة، واستغلال الممتلكات العامة، والتفاوت في تطبيق القوانين واللوائح، وغيرها.

أهم أسباب الفساد:

- ضعف الوازع الديني.

- الأطماع المالية الشخصية.

- غياب الأخلاق، والحس الوطني.

- انخفاض الوعي لمواجهة الفساد.

- ضعف منظومة العدالة الاجتماعية.

- التدهور الاقتصادي، وارتفاع التضخم، وارتفاع تكاليف المعيشة.

- عدم تحقيق القوانين للردع، مع بطء إجراءات التقاضي.

- البيئة الثقافية السائدة.

- العادات الاجتماعية الناتجة عن الكوارث والأزمات وظاهرة الفقر.

اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد:

ولما كان الفساد ظاهرة اجتماعية وسياسية واقتصادية معقدة، تؤثِّر على جميع المؤسسات والبلدان؛ صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 58 / 4 بتاريخ 31 أكتوبر 2003، باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.

وتضم الاتفاقية: (71) مادة، مقسَّمة إلى (8) فصول على أن تقوم الدول الأطراف بتنفيذ عدة تدابير لمكافحة الفساد، والتي قد تؤثِّر على القوانين والمؤسسات والممارسات، وتهدف هذه الإجراءات إلى منع الفساد وتجريم بعض التصرفات، وتعزيز إنفاذ القانون والتعاون القضائي الدولي، وتوفير آليات قانونية فعالة لاسترداد الموجودات، والمساعدة التقنية، وتبادل المعلومات وآليات لتنفيذ الاتفاقية بما في ذلك مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.

ودخلت الاتفاقية حيز النفاذ في كانون الأول / ديسمبر 2005، وعينت الجمعية أيضًا يوم 9 كانون الأول / ديسمبر يومًا دوليًّا لمكافحة الفساد؛ لزيادة الوعي بالفساد ودور الاتفاقية في مكافحتها ومنعها.

وقد انضمت مصر للاتفاقية بقرار رئيس الجمهورية رقم 307 لسنة 2004، مع التحفظ بشرط التصديق، ووافق مجلس الشعب على هذا القرار بتاريخ: 20 ديسمبر 2004، وقد عُقِدت الدورة التاسعة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بشرم الشيخ في المدة مِن 13: 17 ديسمبر 2021.

منظمة الشفافية الدولية:

الشفافية الدولية TRANSPARENCY INTERNATIONAL (TI) منظمة دولية غير حكومية معنية بالفساد، مقرها في برلين ألمانيا، وتشتهر عالميًّا بتقريرها السنوي "مؤشر الفساد"، وهو قائمة مُقارنة للدول مِن حيث انتشار الفساد حول العالم.

وللحديث بقية إن شاء الله.