الحوار الوطني وقانون الأحزاب السياسية (2)

  • 84

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فيبدو مِن المناقشات التمهيدية حول قانون الأحزاب السياسية أن السلطة التنفيذية، وبعض الأحزاب تميل لإدخال بعض التعديلات عليه، بينما تتخوف أحزاب أخرى مِن تقليص المكتسبات التي تحققت بالقرار بقانون رقم 12 لسنة 2011.

وتتمثَّل أهم هذه الاقتراحات بالتعديل في الموضوعات التالية:

- دمج الأحزاب.

- حل الأحزاب التي لا تقوم بالدور المنوط بها.

- تمويل الأحزاب.

- نقل اختصاصات لجنة الأحزاب السياسية لمجلس الشيوخ.

وإذا كانت علة التعديل عند أصحاب الاتجاه الأول تتمثَّل في كون قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 قد صدر منذ زمنٍ بعيد، فهذا المعيار غير مُنضبط؛ فكم مِن قانون صَدَر قبله وما زال قائمًا حتى اليوم، كالقانون المدني الصادر عام 1948، وقانون العقوبات الصادر عام 1937، وغيرهما.

أو لكون عدد الأحزاب المصرية قد زاد على مائة حزب، فليست كل الدول كأمريكا بحزبها الجمهوري، والديمقراطي، أو بريطانيا بحزب المحافظين، وحزب العمال، ففي دول: كإيطاليا، وفرنسا، واليابان، والهند، وغيرهم يزيد عدد الأحزاب على عدد الأحزاب المصرية.

إذًا لا بد مِن تحديد إطار حاكم لقبول التعديلات وإزالة التخوفات، ويتمثَّل هذا الإطار في عنصرين أساسيين:

الأول: التوافق مع الدستور بديباجته وجميع نصوصه كنسيج مُترابط، وكلٍّ لا يتجزأ، وتتكامل أحكامه في وحدة عضوية مُتماسكة.

ونخص بالذكر المادة الخامسة:

يقوم النظام السياسي على أساس التعددية السياسية والحزبية، والتداول السلمي للسلطة، والفصل بين السلطات والتوازن بينها، وتلازم المسئولية مع السلطة، واحترام حقوق الإنسان وحرياته، على الوجه المبيَّن في الدستور.

والمادة الرابعة والسبعين:

للمواطنين حق تكوين الأحزاب السياسية بإخطار ينظمه القانون، ولا يجوز مباشرة أي نشاط سياسي، أو قيام أحزاب سياسية على أساس ديني، أو بناءً على التفرقة؛ بسبب الجنس أو الأصل، أو على أساس طائفي أو جغرافي، أو ممارسة نشاط معادٍ لمبادئ الديمقراطية، أو سري، أو ذي طابع عسكري أو شبه عسكري، ولا يجوز حل الأحزاب إلا بحكم قضائي.

ثانيًا: التوافق مع المعايير الدولية الخاصة بحرية التجمع الواردة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية التي صدقت عليها مصر، فطبقًا للمادة الثانية والتسعين مِن الدستور: "تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وَفْقًا للأوضاع المقررة".

والمادة الحادية والخمسون بعد المائة: "يمثِّل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وَفْقًا لأحكام الدستور. ونخص بالذكر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية".

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.